حكاية 12 زهرة في بستان محمد فوزي - صور
كتبت- هدى الشيمي ومنى الموجي:
بمواصفات الجمال المتفق عليها، لا يمكن أن تعتبره جميلاً، فهو شخص ذو ملامح وجه عادية لا تختلف كثيرًا عن غيره من المصريين، لكنه حالة خاصة خلقها بنفسه لنفسه، فاختار أن يكون ذلك المطرب الذي يحمل صوتا يملأ الدنيا بهجة وسعادة، ورأت عينه النساء زهورا، فرأيناه شابا خفيف الظل وجذاب، وانطلاقا من جملة "وراء كل رجل عظيم إمرأة"، لعبت المرأة في حياة الفنان محمد فوزي دور مهم، فعرف نساء أثرن في حياته تميزن بالقوة، ولم يكن شرط الوقوف معه أن تجمعهن به صلة الدم أو القلب، دفعنه إلى الأمام إيمانا بموهبته، وتحملن غضبه وثورته بحثا عن الكمال الفني، وساعدنه في أحلك الظروف التي مر بها، خلال فترة مرضه النادر.
محمد فوزي يغني "الزهور"..
ومن بين الزهور أو النساء اللائي دخلن حياته:
1- رتيبة وإنصاف رشدي
الاختان الأكبر للممثلة والمنتجة فاطمة رشدي، كانت رتيبة إحدى أبرز النجمات في فرقة نجيب الريحاني، وبعد فترة انضمت لها شقيقتها انصاف، وامتلكتا صالة حملت اسمهما، في شارع فؤاد، وكانت خشبة المسرح أول محطة لفوزي، وأول مكان يجمعه بجمهوره.
2- بديعة مصابني
هي صانعة النجوم، فمن مسرحها أو "صالتها"، خرج كبار النجوم، وتعلموا الفن وأصوله على يديها، مثل فريد الأطرش، تحية كاريوكا، زينات صدقي، بالإضافة إلى محمد فوزي، الذي لم يقوَ على رفض اغرائتها الكثيرة ليترك "صالة رتيبة وانصاف رشدي"، من أجل العمل معها، وبالفعل، انضم لفرقتها وفتحت له أبواب المجد والشهرة.
3- الراقصة لولا
سنّت بديعة مصابني مجموعة من القوانين، تستوجب على العاملين بمسرحها اتباعها، وعدم الحياد عنها، حتى لا يجدوا أنفسهم خارج عتبته، أهمها ألا يجمع بين شاب وفتاة داخل "الصالة" علاقة حب، وعلى الرغم من معرفة فوزي ذلك، إلا أنه وقع في حب الراقصة "لولا"، وعندما علمت "الست بديعة" بالأمر فصلتها فورا، مما أثار استيائه، فحاول تهدئة الأجواء، واستسماح بديعة، لكي تأذن للولا بالعودة، ولكنها رفضت، فترك العمل فورا.
4- فاطمة رشدي
حاولت اكمال ما بدأته شقيقتاها، واستثمار موهبة فوزي، فعرضت عليه العمل في فرقتها، فوافق، وكان أبرز الأعضاء على خشبة المسرح.
5- هداية
فتاة بسيطة، جميلة، أجبرت الحرب العالمية الثانية عائلتها على ترك الأسكندرية، والإقامة بحي السكاكيني بالعباسية، لتلتقي هناك بـ"فوزي"، الذي وقع في حبها لما عهده فيها من احترام، ولأنه وجد فيها الزوجة التي ستكون أمينة على اسمه وابنائه.
في البداية اعترض أهلها على الزواج منه، بسبب نظرة المجتمع إلى الفن والفنانين في ذلك الوقت، ولكن وبعد اصرار تزوجته لتسع سنوات، وانجبت منه ثلاثة أولاد لم يسير أحدهم على خطا والده.
وتقول عنه في أحد الحوارات "حياتنا في المنزل كانت منفصلة تماما عن عمله بالخارج، حيث كانت حياة أسرية، يذهب فوزي إلى العمل، ويعود كأي أب وزوج، وفور دخوله من المنزل، ينسي ما يحدث بالخارج".
6- مديحة يسري
شكلا معًا حالة خاصة، وكونا ثنائي متميز، تزوجته عام 1952 بعد العمل معا في فيلم "قبلة في لبنان"، كان كل منهما في أوج شهرته، وأثمرت هذه العلاقة عن سبعة أفلام، وابن توفي صغيرا، إلا أن غيرته الشديدة عليها، ثم خيانته لها، كانا سببان أساسيان في الانفصال، على أن تستمر صداقتهما حتى أخر يوم في حياته.
أغنية "انتي انتي وبس انتي" من فيلم "فاطمة وماريكا وراشيل"..
7- هدى سلطان
شقيقته الصغرى وكانت الأقرب له من بين 21 شقيق وشقيقة، إلا أن علاقتهما كانت أشبه بعلاقة الأب وابنته، فكان يكبرها بعشرة أعوام.
أصر فوزي على أن يسلك طريق الفن رغم رفض وغضب والده، فترك منزلهما المتواضع في طنطا، وخاطر بكل شيء من أجل تحقيق حلمه، بأن يكون أشهر المطربين في مصر، ولعبت هدى في هذه الفترة دور المرسال بين فوزي ووالدتهما، وذلك عن طريق الحوالة البريدية، التي حملت إلى فوزي شهريا مبلغ مادي وصل إلى جنيه، لكي يساعده على تسيير أموره.
توترت علاقتهما لفترة عندما حاولت العمل كمغنية، ورفض ذلك بشدة، واستمرت القطيعة لسنوات طويلة، إلا أن قلبها لم يتحمل ذلك، ورقت إليه بعد معرفتها أنه مريض، قبل مرضه الأخير الذي أنهي حياته، فطلبت من مديحة يسري التوسط لها عنده، وبالفعل سامحها فوزي، وشجعها على استكمال ما بدأته، وخاصة إنها كانت في ذلك الوقت زوجة فريد شوقي، الذي وجده فوزي رجل محترم، فتعاونا بعد ذلك في أكثر من عمل غنائي، بألحانه وصوتها، ومن أشهر أغانيهما معا، "عمري ما دقت حنان"، "مافيناش من قولة آه"، "يا حلاوة الورد"، كما أنتج لها فيلم "فتوات الحسينية".
هدى سلطان "مال القمر ماله"..
8- كريمة "فاتنة المعادي"
عشقته في صغرها، وكان بمثابة فارس أحلامها، فكانت تخرج من مدرستها لشراء صورا له، وتعلقها على جدران غرفتها، واستمر عشقها له، حتى علمت بزواجه من مديحة يسري، وتمر الأيام على "فاتنة المعادي"، وتتزوج من رجل أعمال يكبرها في السن، وتنجب منه ثلاثة أطفال، وتنتقل لتعيش في المعادي، وتشاء الأقدار، وتلتقي بصنّاع الفن اللذين عرضوا عليها العمل كممثلة نظرا لجمالها الذي يسر الناظرين، وبعد فترة عرض عليها الملحن بليغ حمدي الغناء، وتسجيل صوتها على اسطوانات لكي يستمع إليها الجمهور في صالات السينما أوقات الاستراحة، فحددا موعد للمقابلة، إلا أن بليغ لم يأتِ بمفرده، بل جاء برفقة فوزي، وهو ما لم تتوقعه "كريمة"، والتي شعرت بخفقان شديد في القلب بعد تحقق حلمها ورؤية حبيبها أمام أعينها.
بعد فترة اعترف لها فوزي بحبه لها، وكانت في ذلك الوقت علاقتها بزوجها الأول انتهت، وانتظرا انقضاء شهور العدة، لكي يرتبطا رسميا، واتفقا على اعتزالها الفن نهائيا والتفرغ له، فأصبح لها فوزي كل شيء، الصديق والزوج، وأب عطوف وحنون لابنائها.
أثناء فترة مرضه بعد التأميم، سافرت معه كريمة للندن ولأمريكا لكي يتلقى العلاج، وهناك تعلمت فنون التمريض من أجل مرضه النادر، فأصبحت الممرضة التي ترعاه والزوجة التي تشاركه آلامه، آملة أن يأتي اليوم الذي يُشفى فيه من مرضه، وأثناء تواجدهما في لندن، شعرت بأن زوجها حالته النفسية تزداد سوءا، ففكرت في أمر يعيد روح فوزي المرحة من جديد، ويبعد عنه الاكتئاب.
استعانت كريمة بفتاة إنجليزية، لتمثل أنها إحدى معجبات فوزي، وتقاضت عن دورها هذا مبلغ من المال، ووجد فوزي فتاة تقتحم عليه غرفته في المستشفى وتنهال عليه بالقبلات والأحضان، مُعربة له عن إعجابها بأعماله الفنية، وطالبة منه التوقيع على اوتوجراف.
وكان لهذه التمثيلية تأثير السحر على فوزي، فارتفعت روحه المعنوية وبدا أكثر حرصاعلى الاهتمام بمظهره، حتى يراه المعجبين بصورة جيدة كما اعتادوا دوما، فسألته كريمة عن سر هذا التحول أجابها "تصوري يا كريمة إن فيه من الإنجليز اللي يعرفني، أنا لازم أهتم بشكلي عشان المعجبات يشوفوني في صورة حلوة".
وبعد وفاته لم تُقبل على الزواج مجددا، على الرغم من صغر سنها، وجمالها، وتبرر ذلك قائلة "لم يأتِ أحدا يملأ الفراغ الذي تركه فوزي في حياتي".
9- شادية
تعرف فوزي على شادية عندما كانت تخطو أولى خطواتها داخل عالم الفن، حيث تعاونا معا في فيلم "العقل في إجازة"، وكان عمرها آنذاك 17 عام، لفتت انتباهه، وقدم لها ألحان خفيفة تتناسب مع صوتها الناعم، وهي الفترة التي كان يرافقها فيها والدها "محمد شاكر" فلا يسمح بأن تغيب عن عينه ليستكشف ذلك العالم الغريب الذي تدخله ابنته.
وتضمن الفيلم مشهد يتطلب من فوزي أن يُقبل شادية، فثار الأب بعدما عرف بعزم المخرج حلمي رفلة على تصوير القبلة، وقرر الانسحاب من الاستديو ومن الفيلم إذا لزم الأمر، في حال عدم تراجع المخرج عن تصوير هذه القبلة.
تطور الأمر وأصر كل من الطرفين على رأيه، فاضطر فوزي بصفته منتجا للفيلم اللجوء إلى اتحاد النقابات الفنية يطالبهم بالفصل في المشكلة، وتم عقد جلسة جمعت كل الأطراف، لمناقشة أسباب الخلاف، وضمت اللجنة كوكب الشرق أم كلثوم، حيث كانت تترأس في ذلك الوقت نقابة الموسيقيين.
انحازت أم كلثوم لرغبة الأب، وتم حذف مشهد القبلة وعادت شادية برفقة والدها للاستديو لاستكمال باقي مشاهدها في الفيلم، لكن سرعان ما حدث صدام جديد بين فوزي و"شاكر"، بعدها قرر فوزي أن يكشف عن رغبته في الزواج من شادية، وهو ما قابله والدها بالرفض والانسحاب مرة أخرى من الفيلم، مبررا رفضه بأن فوزي متزوجا ولديه ابناء.
ونجح مخرج الفيلم حلمي رفلة في نزع فكرة الزواج من رأس فوزي، وبعدها قبل "شاكر" بعودة شادية لتصوير الفيلم، وفقاً لما نُشر في مجلة "الكواكب"، عام 1977.
شادية ومحمد فوزي "الحب له أيام"
10- صباح
تحولا إلى الثنائي الغنائي الأول في مصر، هو بخفة ظله وروحه المنطلقة، وهي بجمالها الشديد وصوتها العذب، وقدما ستة أفلام، من أشهرهم "الأنسة ماما"، "عدو المرأة"، "الحب في خطر"، "فاعل خير".
محمد فوزي وصباح "مثلا"..
11- ليلى مراد
بعد تعاونهما معا، وغنائه "شحات الغرام" تحت شرفتها في فيلم "ورد الغرام"، لٌقب فوزي بنفس الاسم، وأصبحت الأغنية من أشهر الأغاني حتى وقتنا هذا.
وعلى الرغم من قلة أعمالهما معا، والتي لم تتجاوز عملين هما "المجنونة"، و"ورد الغرام"، إلا أن علاقة الصداقة بينهما كانت قوية جدا، وقدم لها الكثير من الألحان.
محمد فوزي وليلي مراد "شحات الغرام"..
12- فاتن حمامة
تحقق حلم فوزي عام 1954، عندما شارك سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة العمل في الفيلم الوحيد الذي جمعهما "دايما معاك"، حقق الفيلم نجاحا كبيرا، وما تزال الأغاني التي قدمها فوزي في الفيلم، وخاصة "طير بينا يا قلبي"، على رأس أغانيه الأكثر استماعا.
محمد فوزي "طير بينا يا قلبي"..
فيديو قد يعجبك: