نجل عماد حمدي: والدي ألقى بوسام "الفنون" من النافذة.. وأرفض تجسيد حياته- حوار
حوار- منى الموجي:
"فتى الشاشة الأول" لقب ظل مقرونا بنجوم السينما خاصة في زمن الفن الجميل، يُطلق على كل فنان تتوافر فيه صفات النجومية، من وسامة وجاذبية وفي كثير من الأحيان شقاوة وخفة ظل، لكن الفنان عماد حمدي كان فتى أول للشاشة بمواصفاته الخاصة، فهو شاب رزين، وقور، هادئ الطباع، وهي السمات التي غلبت على عدد كبير من الشخصيات التي جسدها على الشاشة، وفي الذكرى الثانية والثلاثين على رحيله، التقى "مصراوي" نجله المصور الصحفي نادر عماد حمدي، ليحدثنا عن والده.
كان لقاءنا مع نادر في حفل تكريم نجوم أثروا الشاشة السينمائية بأعمال فنية خالدة، حفرت اسماءهم بحروف من نور، ومن هذا التكريم انطلق الحوار، ليعرب نادر عن سعادته بتكريم اسم والده، متمنيا أن تهتم الدولة والمؤسسات الفنية المختلفة بتكريم الفنان قبل رحيله، حتى ولو كان تكريم أدبي لا مادي، لأن التكريم يمثل مصدر سعادة للفنان، وبرهان على أنه مازال في ذاكرة الجميع.
يحاول نادر تذكر أخر تكريم حصل عليه والده، فتخونه ذاكرته مشيراً إلى أن والده رحل منذ أكثر من 30 عام، نافيا أن يكون أيا من المهرجانات السينمائية المصرية قد قام بتكريمه عن مجمل مشواره الفني وهو على قيد الحياة أو بعد وفاته، ولكنه كان قد حصل على وسام الفنون والآداب من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
لم تكن مسألة الجوائز والتكريمات تشغل بال عماد حمدي، صحيح أنها مهمة لكل فنان، لكن عماد أصبح في الفترة الأخيرة من حياته منزوياً يفضل الوحدة، زهد الدنيا لدرجة جعلته يلقي بوسام الفنون أكبر جائزة حصل عليها في حياته من النافذة في فترة النكسة عام 1967، قائلا بسخرية "أنا هاكل بالوسام زي الأيدي الناعمة"، فلم تكن حالته المادية في أيامه الأخيرة على ما يرام، وخصصت له النقابة معاش 60 جنيه، بعد أن منح للفن من عمره 40 عام، ليصبح لزاماً عليه أن يحيا بهذا المبلغ الضئيل.
مع التقدم في السن باتت الأدوار التي تُعرض عليه بعيدة عن البطولة، لكنها في نفس الوقت أدوار مهمة تحتاج أن يؤديها ممثل صاحب قدرات تمثيلية عالية، لذلك كانت أفلامه الأخيرة من أحب أعماله إلى قلبه، ومنها "ثرثرة فوق النيل"، "المذنبون"، و"سواق الأتوبيس"، أما الفيلم الذي كان يحمل معزة خاصة في قلبه فقد كان فيلم "أم العروسة".
انقطع عماد حمدي عن التمثيل بعدما فقد بصره وأصيب بالاكتئاب، نتيجة رحيل توأمه، "قعد 3 سنين معتبش باب الشقة"، وكان أخر أفلامه "سواق الاتوبيس" مع الفنان نور الشريف، ووافق على الاشتراك فيه لأن المخرج كان زميل نجله نادر في معهد السينما -المخرج الراحل عاطف الطيب-، وظهر في معظم مشاهده جالساً على "كنبة" أو على سرير.
لم يقاطع صُناع السينما عماد كما يحدث لكثيرين، لكن هو من شعر بأنه قدم كل ما يستطيع وعمل مع أفضل النجوم والمخرجين، "قرف من الوسط ككل حتى لما كان حد يجي يزوره كان يدخل غرفته ويقولي مش عايز أقابل حد"، وفقا لقول نجله، الذي يُرجع سبب هذه الحالة إلى جانب فقدان عماد لشقيقه ثم رحيل زوجته الأولى ووالدة نجله الأول نادر قبل وفاته بـ9 شهور، إلى حرمانه حتى من متعته الحقيقية حيث القراءة ومشاهدة التليفزيون، بسبب ضياع بصره.
عانى عماد حمدي كثيرا وربما شعر بأن الوسط الفني وحياة الأضواء عبء ثقيل حمله على مدار 40 عام، لذلك لم يرغب أن يعيش ابنه نفس المعاناة، فرغم أنه سمح له بالدراسة في معهد السينما، لكنه لم يسمح له بالعمل في هذا المجال، مفضلا أن يعمل في الصحافة كمصور صحفي، "مرضيش يخليني اشتغل في السينما بعدني عنها، وقالي أنا عانيت ومش عايزك تعاني نفس معاناتي، ورزق هنا رزق هناك ومحدش بياخد رزق حد"، لمس الشاب نادر –آنذاك- صدق والده، وآمن برأيه، وظلت هذه الكلمات في ذهنه، لذلك كررها لنجله –حفيد عماد حمدي- عندما لمس فيه الموهبة الفنية، فنصحه بأن تظل مجرد هواية، وألا يحترف العمل في هذا الوسط، فاختار الحفيد أن يسلك نفس مجال والده ليعمل كمصور صحفي.
ويختتم نادر حديثه مع "مصراوي" رافضاً بشكل قاطع فكرة تقديم عمل فني يحكي قصة حياة والده، مؤكدا أن أحداً لم يعرض عليه الفكرة، وأنه لا يحب أن تُعرض عليه يوما، "لما بيعملوا حاجة مش بيعملوها صح، بيشوهوا صورة الناس، أعماله هي التي ستؤرخ له، والجمهور يعلم ما الذي قدمه عماد حمدي، وهذا هو الأهم".
فيديو قد يعجبك: