حوار- صلاح فايز: "عبدالوهاب" الأنا عنده عالية.. وهذا سر قلة تعاوني مع "بليغ" (3من4)
حوار- مصطفى حمزة ومنى الموجي:
تصوير- أحمد النجار:
التعاون مع "الست" أم كلثوم قمة الهرم الغنائي، حلم راوه كما راود غيره من الشعراء والملحنين، فطوال فترة تواجدها على الساحة لم يكن هناك شاعر إلا وتمنى أن تنطق بكلماته لتمنحه بصمة الخلود، وفي الحلقة الثالثة من حوارنا مع الشاعر الغنائي الكبير صلاح فايز، يحكي لنا قصة حلمه بالتعاون معها، ورأيه في كبار نجوم زمن الطرب الأصيل "موسيقار الأجيال" محمد عبدالوهاب، المطربة سعاد محمد، الموسيقار بليغ حمدي، وغيرهم.
كان اللقاء الأول بينهما وسط مجموعة كبيرة من الشعراء وأهل الموسيقى والمغنى، في أمسية لتكريم عدد من الفنانين اللبنانيين والرحبانية، أقيمت في نادي السيارات، ذهب وقتها صلاح بصحبة صديقه الشاعر الكبير عبدالوهاب محمد، الذي يصفه بأنه آخر عمالقة الزمن الجميل، وأطيب وأصدق وأرق من قابل في حياته، وحمل صلاح معه زجلًا يمدح فيه الشاعر أحمد رامي، وقال عنه جملة أعجبت "كوكب الشرق"، ويقول صلاح "صوت أم كلثوم في الحقيقة كان خشن في الكلام، ووجدتها تطلب مني أن أعيد الوصف الذي ذكرته عن رامي".
حاول صلاح أن يكون في أرشيفه ورصيده الفني، أغنية تجمعه بالست، وكتب "انتهينا من العتاب" على الطريقة التي اشتهرت بها "الست" في الغناء، ومنحها لصديقه الملحن خالد الأمير، الذي وضع لها اللحن، حتى جاء اليوم المنتطر وكان قبل رحيلها بعام واحد، إذ قابل خالد "الست" بالصدفة وكانت بصحبة الشاعر أحمد رامي في رحلة نيلية: "خالد تمكن وقتها من عرض مطلع الأغنية على الست، وأُعجبت بالعمل، وطلبت منه تعديل بعض الأشياء في الجمل اللحنية".
مر الوقت دون أن يأخذ أي منهم خطوة لتحريك الأمر، خاصة وأن أم كلثوم بدأت تعاني من المرض: "لكن عجبني أنها سمعت كلماتي ولم تبد أي ملاحظة عليها، إذن أنا كتبت كلام كويس"، يقولها صلاح بفخر.
لا يرى صلاح أن هناك من تستحق أن تأتي في المرتبة الثانية بالغناء بعد أم كلثوم، سوى المطربة الراحلة سعاد محمد، لكنها من وجهة نظره كانت تحب "العيال" أكثر من الشهرة.
وعن "موسيقار الأجيال" محمد عبدالوهاب، يقول "كان لا يحب سوى عبدالوهاب، نفسه وما بعدها الطوفان، الأنا عنده عالية أوي، وهي سبب إبداعه، ركز في أن حبه لذاته يخرج في صورة فن محصلش"، مشددًا على أن ألحان كمال الطويل، بليغ حمدي ومحمد الموجي رائعة لكنها خرجت من عباءته، فيما عدا الشامخ الموسيقار رياض السنباطي، بحسب وصف صلاح، مؤكدًا أنه لم يقترب من عباءة عبدالوهاب.
يعود للحديث عن عبدالوهاب، ويصفه بأنه ذكي اقتصاديًا، لم يكتف بعمله كملحن ومطرب، فكان في فترة من الفترات مالك لأسطول من سيارات التاكسي، ويديره بنفسه، لافتًا إلى أنه من أكثر الفنانين الذين قابلهم ثقافة، رغم أن نشأته كانت في حي شعبي هو سيدي الشعراني، "كان من أشيك الناس، شباب مصر كانوا يقتدون بأسلوبه في اللبس".
علاقة من نوع خاص جمعته بالموسيقار بليغ حمدي، فهما من ابناء حي شبرا، وكان شقيق بليغ الأصغر "حسام حمدي" صديق لصلاح، كان صاحب طبع يختلف عنهما، يحب الجلوس على المقاهي "أصيع مننا"، وجمعت بينهما في سن الشباب الموسيقى، فصاغ بليغ عدة ألحان لكلمات صلاح "لحن لي بعض الألحان لم ينجح منها لحنًا واحدًا، وارتبط بأناس آخرين يعني فيهم عظماء وفيهم مدعين وفيهم الاتنين، هو كان الله يرحمه يعيش حياته كما يحب أن يعيشها، محدش يفهم حياته غيره وعايز الناس تمشي على هواه، وأنا مش كدا أنا منضبط".
عقب انفصال بليغ عمن صادقهم من شعراء، خاصة شاعره المفضل محمد حمزة، جمعهما القدر مرة ثانية، وفكرا في التعاون من جديد، وبدأت اللقاءات في مكتبه، لكنها لم تسفر عن شيء، ولأول مرة يكشف صلاح عن السر "بليغ مع عظمته يحب أن يكون بطل العمل، ولما يبقى جنبه مؤلف ويكون ضعيف الموهبة، يديله كتف قانوني وساعات غير قانوني، ويبدأ في تصليح الكلمات زي ما هو عايز يتغنى، وأنا مش كدا".
ويؤكد صلاح صدق كلامه، مشيرًا لواقعة حدثت في إحدى الجلسات التي جمعتهما، حينها بدأ الراديو في إذاعة أغنية من ألحانه وتأليف الشاعر محمد حمزة، وكان يُشاع أن بليغ يساعد حمزة في التأليف، بحسب صلاح، فسأله "يا بليغ يُقال إن الغنوة دي انت ساعدت حمزة في كتابتها؟، قالي مش دي بس كل غنوة كتبها حمزة ساعدته في كتابتها. وكان بيعمل كدا مع عبدالرحيم منصور يصلحله جملة، هو نفسه بيألف وبيكتب مكسور بس ماشي حاله".
يرى صلاح أن العلاقة بين المطرب عبدالحليم حافظ وبليغ، أثمرت فنًا جميلًا لكن لم تستمر طويلًا، وانتهت نهايات غير سعيدة "لأسباب لا أعلمها لكن أكاد أتصورها، وكانت آخر أغنية لحليم من ألحان محمد الموجي، كما كانت أول أغنية يقدمها من ألحان الموجي أيضًا، وعندما سألت الموجي حول هذه الصدفة، قال لي: لو حصل غير كدا كنت هكون زعلان جدا".
في الحلقة الرابعة والأخيرة، يتحدث الشاعر الكبير صلاح فايز عن مطربين العصر الحالي "محمد فؤاد، أنغام، هاني شاكر، عمر فتحي، شيرين عبدالوهاب"، ويتحدث عن سبب ابتعاده عن الوسط في السنوات الأخيرة.
فيديو قد يعجبك: