أليخاندرو جونزاليس.. المخرج الذي لم يستسلم
كتبت-رنا الجميعي:
"نحن الكائنات الوحيدة على كوكب الأرض التي ترغب برؤية نفسها في المرآة، السينما هي هذه المرآة".. بضعة كلمات قالها المخرج المكسيكي "أليخاندرو جونزاليس"، ضمن خطابه في "جائزة جالا"، لذا عكف جونزاليس على صناعة الأفلام منذ التسعينيات، يعبر عن معاناة نماذج مختلفة من البشر.
في الثلاثينيات من عُمره دخل جونزاليس في مجال الأفلام، قبلها عبر المكسيكي المحيط الأطلنطي على متن سفينة شحن، وحلّت قدماه على قارتي أوروبا وأفريقيا، التي كان لديها حظ من أفلامه فيما بعد، في التسعينيات أسس جونزاليس شركة "زد للأفلام"، التي أخرج من خلالها عدد من الأفلام القصيرة والإعلانات، كما درس الإخراج تحت إشراف المخرج المسرحي البولندي "لودفيك مارجلوس".
كانت بداية جونزاليس الحقيقية مع فيلم "أميروس بيروس" عام 2000، أو الحب غدار، الفيلم الذي حاول تشريح المجتمع المكسيكي من خلال ثلاث قصص متشابكة، وفاز بالجائزة الكبرى في أسبوع النقاد، بمهرجان كان، كما ترشح في فئة الفيلم الأجنبي، بالأوسكار، تكنيك القصص المتشابكة فعلها جونزاليس ثانية مع فيلم "بابل" عام 2006، تم تصويره عبر ثلاث قارات، وأربع بلاد؛ اليابان، المغرب، المكسيك وأمريكا، ولعب دور البطولة فيه؛ براد بيت وكيت بلانشيت، لم تكمن تلك التعددية في أماكن التصوير، والحكايات المختلفة فحسب، لكن جاء الاختلاف في اللغة أيضًا، بين أربع لغات ينطق بها الفيلم، وترشح عن ست جوائز بالأوسكار، فاز منهم بواحدة عن الموسيقى، الموسيقار الأسباني "جوستافو سانتا أولالا".
الثنائيات التي صنعها جونزاليس في أفلامه، هي جزء من نجاحه، تعاون مع "جييرمو أرياجا"، الذي كتب سيناريوهات أولى الثلاثة أفلام "أميروس بيروس"، و"21 جرام"، و"بابل"، بعد ذلك في فيلم "بيوتيفول" كانت الكتابة مشتركة بينه وبين "نيكولاس جياكوبون" و"أرماندو بو"، وان زاد عدد الكتاب بعد ذلك إلا أنه ظلّ اسم أليخاندرو، نيكولاس وأرماندو سويًا، أما الموسيقى فانطلق جونزاليس أولًا مع "جوستافو سانتا أولالا"، وذلك طيلة أربعة أفلام، تلك الحالة نفسها كانت مع "رودريجو بريتو"، في التصوير السينمائي.
ايمانويل لوبيزكي وجونزاليس، اسمان حلا معًا بنجاح منذ عام 2014، بتعاون أول بينهما، مع اختلاف أساليب جونزاليس في الإخراج، جاء لوبيزكي في التصوير ليصنع معجزة جديدة، بتكنيك المشهد الواحد، ليحظى فيلم "بيردمان"، أو الرجل الطائر، بأربعة جوائز أوسكار من بينها التصوير، كأنها مرحلة جديدة في حياة جونزاليس، حيث يتحول أسلوبه من التركيز على السرد فقط إلى الصورة، أبدع التصوير ليقنع المشاهد أن الفيلم مصور بتكنيك المشهد الواحد، كذلك قدرة فريق المونتاج على إكمال التقنية، فلا يُمكن أن تغلق عينيك للحظة، ما بين الممرات الملتوية التي تمر بها الكاميرا والسماء التي تُظلم فجأة بعدما كانت نهار، الأزمنة التي يتخطاها المُخرج بتلك الأساليب دون إظلام الشاشة لحظة واحدة، هو ما يجعل الفيلم كله أشبه بمسرحية ممثلة على شاشة تليفزيون.
مجددًا يتعاون جونزاليس مع لوبيزكي، بفيلم "زا ريفنانت"، أو العائد، بطولة ليوناردو ديكابريو، تُعد قصة الفيلم بسيطة عن تاجر للفراء يحارب الطبيعة والبشر من أجل البقاء على الحياة، غير أن كواليس الفيلم هي قصة أكثر تعقيدا، اجتهد فريق العمل لجعل صورة الفيلم طبيعية، فتم الاعتماد على ضوء النهار فقط، وظل جونزاليس طيلة خمسة أعوام قبل الفيلم ليختار أماكن التصوير، كما أن طاقم العمل عاشوا في الصقيع لعام أو أكثر، ويفوز لوبيزكي كذلك بالأوسكار الثالثة على التوالي.
في أحد حواراته يقول جونزاليس "أحب المحاولة، لا تكرار نفسي، أو عمل الشيء ذاته"، نجح المخرج المكسيكي بالفعل ألا يكرر نفسه، كل فيلم هو مغامرة جديدة معه، كذلك فهي محاولة للفوز بالأوسكار، التي نالها بالفعل مع فيلم "الرجل الطائر" في 2015، ليعود ثانية بعدها بعام واحد فقط ويفوز الأوسكار الثانية بفيلم "العائد".
فيديو قد يعجبك: