بالفيديو- في عيد ميلاده.. أحمد زكى: ''كلنا فاسدون''
كتب- أحمد عبد المجيد:
لم يكن الفتى الأسمر الذى جاء إلى الدنيا يوم 18 نوفمبر عام 1949 بمدينة الزقازيق محافظة الشرقية, شخصا عاديا بل كان نجما يسطع فى الأفق, وكانت مصر يوم ميلاده على موعد مع إضافة ماسية للتاريخ. فقد جاء أحمد زكى من بلدته إلى القاهرة يحمل بداخله أحلاما وطموحات عريضة, وكانت مسرحية ''هالو شلبى'' بمثابة الطلقة التى خرجت من فوهة المسدس لتصيب الجماهير فى عقولهم ووجدانهم, وترفع السينما بوق النفير لتعلن قدوم فنان من نوع خاص, تخرج من المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1973 وحصل على المركز الأول فى دفعته, وبصم نجاحه بمسرحية مدرسة المشاغبين, والعيال كبرت.
انتقل زكي إلى السينما التي وجد بها ضالته, وقدم العديد من الأفلام التى لا تنسى من ذاكرة السينما مثل ''أنا لأ أكذب ولكنى أتجمل,البرىء, زوجة رجل مهم, الحب فوق هضبة الهرم,الهروب, معالى الوزير , ناصر 56, ايام السادات, حليم'' وغيرها من الأعمال الخالدة.
امتاز زكى بقدرته الفائقة على الاندماج في الشخصيات وتقمصها, ولم يمنعه تقديم شخصيات الزعماء عبد الناصر وأنور السادات، أن يكون ضد الحكومة في أحيان كثيرة.
البرىء
شارك زكى فى العديد من الأعمال الفنية التى كانت ضد السلطة وتهاجمها بضراوة, ومن أبرز هذه الأعمال فيلم ''البريء'' , الذى كان يبحث عن الحرية, وذلك عن طريق إظهار لمحات من الفساد السياسى فى مصر بعد الانفتاح , وقدم زكى فى الفيلم شخصية الجندى ''أحمد سبع الليل'' الذى يقوم بتنفيذ الأوامر دون التفكير فى مدى صحتها , ويكتشف فى النهاية أنه كان دمية صغيرة يحركها رؤساؤه وقتما شاءوا.
ولاد الإيه
ويأتى فيلم ''ولاد الإيه'' ليحارب مراكز القوى والسلطة , وتصادف الظروف وقوع زكى فى دوامة الصراع مع الكبار وأصحاب المصالح , بمجرد حصوله على مستندات تدين رموز كبيرة فى الدولة, وبالرغم من فقره واحتياجه الشديد لمطالب الحياة, لم يرضخ للمساومات المغرية, وفى النهاية يذهب إلى المحكمة بالرغم من تواجد الكثيرين الذين يتربصون به, ويصاب بطلق ناري , ولم تمنعه من دخول قاعة المحكمة وتقديم المستندات.
ضد الحكومة
وجاء فيلم ''ضد الحكومة '' ليبرهن للجميع أن أحمد زكى ليس فنانا فقط وإنما له فلسفته ومنهجه فى الحياة, فقدم دور المحامى المرتشى الذى يلعب بالبيضة والحجر, وعندما علم أن لديه ولد تعرض لحادث قطار أثناء استقلاله أتوبيس رحلات, ويتعرض للعديد من التعذيب من قبل اجهزة الأمن ويقوم فى النهاية بكسب القضية التى ترافع فيها فى النهاية وكانت المرافعة الشهيرة فى السينما المصرية التى لخصت الأحوال التى تدور فى مصر وكان نصها:
''أشكر أستاذي وزميلي الأستاذ عبد النور الذي أتاح لي هذه الفرصة لأعلن كل خطاياي أمامكم وعلى الملأ لعلي أتطهر منها.. نعم أنا مثال للمحامي الفاسد , بل أكثر فسادا مما يتصوره أستاذي, أنا ابن لهذه المرحلة والمراحل التي سبقتها.. تفتح وعيي مع التجربة الناصرية.. آمنت بها ودافعت عنها، فرحت بانتصارتها وتجرعت مرارة هزائمها وانكساراتها, هنت عندما هان كل شيء وسقطت كما سقط الجميع فى بئر سحيق من اللامبالاة والإحساس بالعجز وقلة الحيلة.
أدركت قانون السبعينيات ولعبت عليه وتفوقت, تاجرت فى كل شيء فى القانون والأخلاق والشرف, أنا لا أنكر شيئا ومستعد للحساب وتحمل المسئولية, بل أكثر من ذلك أعترف أمامكم أننى دخلت هذه القضية طامعا فى مبلغ تعويض ضخم، لكنى اصطدمت بحالة خاصة شديدة الخصوصية, جعلتنى أراجع نفسي.. أراجع موقفى كله.. أراجع حياتى وحياتنا, اصطدمت بالمستقبل, نعم صبي من الذين حكم عليهم أن يكونوا ضمن ركاب أتوبيس الموت, رأيت فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقى, رأيتنا نسحقه دون أن يهتز لنا جفن، نقتله ونحن متصورون أن هذه هى طبائع الأمور, كان لابد لى أن أقف.. إن هذه جريمة كبرى لابد أن يحاسب من تسبب فيها, إنى لأ اطلب سوى محاسبة المسؤولين الحقيقين عن قتل عشرين تلميذا لم يجنوا شيئا سوى أنهم أبناؤنا, أبناء العجز والإهمال والتردى.
''كلنا فاسدون .. كلنا فاسدون '' , لا أستثنى أحدا .. حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة.. سيدى الرئيس كل ما أطالب به أن نصلى جميعا صلاة واحدة لله العدل الواحد الأحد القهار, لست صاحب مصلحة خاصة وليست لى سابق معرفة بالشخوص الذين أطلب مسائلتهم, ولكن لدى علاقة ومصلحة فى هذا البلد , لدى مستقبل هنا أريد أن أحميه أنا لا أدين أحد بشكل مسبق, ولكنى أطالب المسئولين عن هذه الكارثة بالمثول أمامكم فهل هذا كثير؟ أليسوا بشرا خطائين مثلنا؟ أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقى البشر!!, سيدى الرئيس أنا ومعى المستقبل كله نلوذ بكم ونلجأ إليكم, فأغيثونا .. أغيثونا.. والله الموفق''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: