إعلان

متهم بالإساءة للأسرى الفلسطينيين.. قصة "أميرة" وهكذا تحدث مخرجه عنه

07:44 م الخميس 09 ديسمبر 2021

كتبت- منى الموجي:

عقب أيام قليلة من عرض الفيلم الفلسطيني "أميرة" للمخرج محمد دياب، في النسخة الجديدة من مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في الأردن، خرجت أصوات تهاجم العمل وصناعه وتتهمهم بالإساءة للأسرى الفلسطينيين، وأنه يخدم أهداف الكيان الصهيوني، وأصدرت اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية، بياناً عبرت فيه عن غضبها واستنكارها، وطالبت بعدم طرحه في دور العرض السينمائي.

الفيلم الذي نجح في حصد الكثير من الجوائز، وحاز على إعجاب وإشادات واسعة من جمهور ونقاد وفنانين، وقت مشاركته في عدة مهرجانات عربية وعالمية، بينها مهرجان فينيسيا السينمائي ومهرجان الجونة السينمائي، يواجه حاليًا أزمة كبيرة، دفعت مخرجه محمد دياب لإعلان إيقاف عرضه، وإصدار بيانا صحفيا تم تداوله على نطاق واسع.

وتصدر أمس هاشتاج "اسحبوا فيلم أميرة" موقع التغريدات الشهير "تويتر"، ولم ينجح بيان دياب، في تهدئة الأمور، إذ أكد نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب، رفض نقابة الفنانين رفضا قاطعا ما تضمنه فيلم "أميرة" من إساءات واضحة، حسبما قال، تمحورت حول فكرة الأسير الذي هو محرر في روحه وذاته.

كما أعلنت الهيئة الوطنية الأردنية للأفلام، رسميا عن سحبها ترشيح فيلم "أميرة" للمشاركة باسم الأردن في مسابقة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، ضمن مسابقات الأوسكار 2022.

فكرة الفيلم

كشف دياب عن فكرة الفيلم وكيف جاءته في مؤتمر صحفي أقيم بمهرجان الجونة السينمائي الذي شارك الفيلم بدورته الخامسة بشهر أكتوبر الماضي، قائلًا "أبحث عن قصصي في الأخبار وكلام الناس، وقبل سبعة أعوام قرأت أن الأسرى الفلسطينيين بدأوا محاولة الإنجاب عبر تهريب نُطف ويطلقون على الأطفال الذين يتم إنجابهم بهذه الوسيلة (أطفال الحرية)، كما الورد الذي ينبت وسط الصخر، شعرت أن القصة يخرج منها قصة شيكسبيرية، ومنذ وقت فيلم (اشتباك) أفكر فيها، وبحثت طوال هذه الأعوام عن تمويل لأن الأفلام الفلسطينية تمويلها أصعب من المصرية".

هكذا تحدث دياب عن فيلمه والفكرة شاعرًا بالفخر وأنه يستخدم فنه لخدمة القضية الفلسطينية، مُعجبا بالفكرة التي أخذت سبعة أعوام حتى نجح في أن تخرج للنور ويراها الجمهور.

قصة الفيلم

تدور أحداث الفيلم حول أميرة، وهي مراهقة فلسطينية ولدت بعملية تلقيح مجهري بعد تهريب منيّ والدها نوار السجين في المعتقلات الإسرائيلية، على الرغم من اقتصار علاقتهما على زيارات السجن يظل نوار بطل أميرة، ويعوضها حب من حولها عن غياب والدها، لكن عندما تفشل محاولات إنجاب طفل آخر ويُكشف أن نوار عقيم، تنقلب حياة أميرة رأساً على عقب.

صناع الفيلم

ويضم فريق عمل فيلم أميرة عددا كبيرا من النجوم العرب، في مقدمتهم صبا مبارك وعلي سليمان، والممثلة الشابة تارا عبود، مع قيس ناشف ووليد زعيتر. وهو من مونتاج أحمد حافظ، تأليف الثلاثي محمد وخالد وشيرين دياب.

وكان للمخرج الفلسطيني الكبير هاني أبو أسعد، دورًا في الإشراف على قصة الفيلم الذي ضم بين صناعه عدة جنسيات عربية: الأردن، فلسطين، ومصر، وعن اختيار هاني قال دياب "كفريق مصري كان لازم يبقى هاني معانا نشوف الحكاية بعين فلسطينية وهو رحب على طول".

العرض في فينيسيا

سبق عرض الفيلم في الجونة السينمائي، مشاركته في أحد أهم المهرجانات السينمائية "فينيسيا"، وحصد "أميرة" جوائز: جائزة لانتيرنا ماجيكا التي تمنحها جمعية تشينيتشيركولي الوطنية الاجتماعية الثقافية للشباب (CGS)، جائزة إنريكو فولتشينيوني التي يمنحها المجلس الدولي للسينما والتليفزيون والإعلام السمعي البصري بالتعاون مع منظمة يونسكو، وجائزة إنترفيلم لتعزيز الحوار بين الأديان.

تمثيل الأردن في الأوسكار

أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، عن ترشيح فيلم "أميرة" للمنافسة باسمها على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي بالدورة الرابعة والتسعين للجائزة الأشهر سينمائيا.

وقالت الهيئة في بيان لها: "بناء على توصيات لجنة مستقلة تتألف من خبراء مهنيين أردنيين معنيين بالكتابة و قطاع المرئي والمسموع وقع اختيار اللجنة على هذا الفيلم الذي تم تصويره بالكامل في الأردن سنة 2019 وهو إنتاج مشترك بين الأردن ومصر وفلسطين".

الجدل على تويتر

وقبل ساعات خرج هاشتاج على "تويتر" يهاجم الفيلم وصناعه، بعد عرضه في الأردن في مهرجان "كرامة"، وكان من بين التعليقات: "لا يليق بالأردن توأم فلسطين، أن يمثلها فيلم يسيء لأسرانا الأبطال"، "أميرة.. مشكوك فيه اجتماعيًا وسياسيًا.. تشويش لا معنى له.. صورة الهوية الفلسطينية التي تقدمها سطحية وارتدادية".

بيان دياب

وفي أول تعليق على هذه المطالبات، أصدر مخرج العمل محمد دياب بيان صحفي نشره على حسابه الرسمي بموقع فيسبوك، وجاء فيه: "منذ بداية عرض الفيلم في سبتمبر ٢٠٢١ في مهرجان فينيسيا والذي تبعه عرضه في العالم العربي في مهرجاني الجونة وقرطاج وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، كان الإجماع دائماً أن الفيلم يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد الاحتلال بوضوح".

وتابع: "كان من المفهوم تماماً لأسرة الفيلم حساسية قضية تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية ولهذا كان القرار التصريح بأن قصة الفيلم خيالية ولا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة تقول (منذ ٢٠١٢ ولد أكثر من ١٠٠ طفل بطريقة تهريب النطف، كل الأطفال تم التأكد من نسبهم، طرق التهريب تظل غامضة)".

واستكمل: "لم تترك أسرة الفيلم الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم ١٨ عاماً يتنافى منطقياً مع بداية اللجوء لتهريب النطف في ٢٠١٢"

وأضاف: "الفيلم يتناول معاناة وبطولات الأسرى وأسرهم ويظهر معدن الشخصية الفلسطينية التي دوماً ما تجد طريقة للمقاومة والاستمرار، ويحاول أن يغوص بعمق في أهمية أطفال الحرية بالنسبة للفلسطينيين، واختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف جاء ليطرح سؤال وجودي فلسفي حول جوهر معتقد الإنسان وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر".

وتابع: "الفيلم مرة أخرى ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة، والفيلم يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم".

كما جاء في البيان: "الحديث فقط عن هذه الحبكة الخيالية خارج سياق الفيلم الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو اقتطاع منقوص ويرسم صورة عكسية غير معبرة عن الفيلم وهو من بطولة كوكبة من الفنانين الفلسطينيين والأردنيين المشهود لهم بالوطنية ولهم تاريخ طويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونقلها للعالم ودافعهم الوحيد للاشتراك في الفيلم هو إيمانهم بأهمية رسالة الفيلم الذي هو في النهاية رؤية ومسؤولية مخرجه".

وأضاف: "أسرة الفيلم تتفهم الغضب الذي اعترى الكثيرين على ما يظنونه إساءة للأسرى وذويهم، وهو غضب وطني نتفهمه ولكن كنا نتمنى أن تتم مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه نقلاً أو اجتزاء".

واختتم حديثه قائلا: "أخيراً فإن الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى وذويهم والذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم، نحن نعتبر أن الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم هم الأولوية لنا وقضيتنا الرئيسية، لذلك سيتم وقف أي عروض للفيلم، ونطالب بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته، نحن مؤمنين بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية".

غضب نقيب الفنانين الأردنيين

أكد نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب، رفض نقابة الفنانين رفضا قاطعا ما تضمنه "فيلم أميرة" من إساءات واضحة، حسب قوله، تمحورت حول فكرة الأسير الذي هو محرر في روحه وذاته.

وقال في سياق حديثه لبرنامج "طلة صباح" مع الإعلامي عادل أغريب والذي يبث عبر الرابعة وشاشة معاً أن نقابة الفنانين كان لها قرار جامع مانع في موضوع عدم التطبيع مع العدو الاسرائيلي، وأضاف الخطيب أنه عندما يتم المساس بهذه القيمة التي لها علاقة بالحرية والبعد الاجتماعي والأسير ولهذه النطفة التي تكون مهربة وتذهب إلى زوجة الأسير فهو تحدي لكسر شوكة الاحتلال.

وأشار في حديثه الإذاعي المتلفز أن القائمين على الفيلم برروا "بأن هناك فلسفة وجودية وغير وجودية بعدما تم إيقافه، وهذا بحد ذاته عذر أقبح من ذنب"، مؤكدا "أن الفن رسالة والرسالة في فيلم أميرة موبوءة وغير بريئة على الإطلاق".

سحب الترشيح للأوسكار

نشرت الهيئة الوطنية الأردنية للأفلام، عبر فيسبوك بيانا قالت فيه: "قرّرت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، الجهة الرسمية في البلاد المخولة لتقديم الأفلام للترشح في جوائز الأوسكار، سحب فيلم أميرة من سباق جوائز الأوسكار 2022".

وأضافت: "نقدر قيمة الفيلم الفنية ونؤمن أنه لا يمسّ بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية ولا بقضية الأسرى؛ بل على العكس، فإنه يسلط الضوء على محنتهم ومقاومتهم وكذلك توقهم لحياة كريمة على الرغم من الاحتلال، وكان هذا أيضا رأي أعضاء لجنة الاختيار المستقلة، التي تم تشكيلها من قبل الهيئة الملكية للأفلام، والتي اختارت فيلم أميرة من بين أفلام أخرى ليمثل المملكة".

وتابعت: "عرض فيلم أميرة بنجاح في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، مهرجان البندقية (إيطاليا) والجونة (مصر) وقرطاج (تونس)، وكذلك في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمّان. لكن في ظل الجدل الكبير الذي أثاره الفيلم وتفسيره من طرف البعض بأنه يمسّ بالقضية الفلسطينية واحتراما لمشاعر الأسرى وعائلاتهم، قررت الهيئة الملكية للأفلام العدول عن تقديم أميرة لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان