عباس فارس.. صاحب الحنجرة الأشهر في تاريخ السينما المصرية
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت – يسرا سلامة:
زيارة مدرسية تصطحب المدرسة فيها الأطفال لمشاهدة مسلسلات ثقافية، كان "عباس" واحدًا من هؤلاء الطلاب، يجلس الطالب مُحدقًا بما يعرضه زملائه، لم يدرك طالب الابتدائية بعد معنى أن تكون ممثلاً، يعرضون أمامه مسرحية "فاوست" الألمانية، يجد زملائه على المسرح يجهرون بنص الرواية، يفغر الصبي فاه مما يراه من أداء، فيتملك "شيطان التمثيل" من الصبي كما يروي بلسانه.
مرت السنوات وأصبح ذاك "العباس" واحدًا ممن رآهم في المسلسلات وهو صغير، من حي المغربلين بمنطقة الدرب الأحمر خرج شاهرًا حنجرته، التي ميزته بين صفوف جيله، اشتهر في أفلام الأبيض والأسود بجهورية صوته التي رشحته لأدوار الشر والرعب، صار في صفوف الأفلام الدينية والكوميدية والكلاسيكية، ولم تعطه شهرة كافية وسط جيل الثلاثينات.
التلميذ الذي مسه سحر التمثيل، أصبح تلميذ "فاشل وخيبان"، بعد أن تيقن أهله أن التمثيل بالنسبة له ليس مزحة، لينضم الصبي إلى أحد فرق الهواة في عرض بعنوان "شقاء الأبناء"، ليخطو نحو الاحتراف، مُنضمًا إلى فرقة "جورج أبيض" الممثل اللبناني وصاحب أحد أشهر فرق التمثيل في مصر، كممثل محترف في عام 1925، حيث أسند إليه دورًا في مسرحية "ماكبث" ثم مسرحية "عطيل".
لم تقف قصة "عباس" عند فرقة جورج أبيض؛ ليتنقل إلى فرقة نجيب الريحاني، ثم فرقة مصر، والفرقة القومية للمسرح، ثم يبدأ خطوته من خشبة المسرح إلى السينما في أواخر العشرينات، مُقدمًا عددًا من أفلام الأبيض والأسود، أشهرها "بنت الليل"، مواصلا العمل حتى السبعينيات في أفلام "إجازة في جهنم، خضرة والسندباد القبلي، السيد البدوي، ليلى بنت الشاطئ، واسلاماه، البؤساء، وخلي بالك من زوزو".
وقبل التمثيل، كان "عباس" يحلم بأن يكون واحدًا من الضباط، واجه كغيره في تلك الفترة نظرة دونية من المجتمع للمثل، وكان جُل شكواه من الكساد والركود الذي يطيح بالفرق المسرحية، "كانت فرق تتعثر وتبطل وفرق تشتغل" يقول في أحد اللقاء الإذاعية معه، روح خفيفة كانت ضد نصيبه من اسمه العبوس، مبتسم، مرح، ضحوك، أنيق مرة، وصعلوك مرة أخرى على الشاشة.
كان يملك رؤية لما يقدم في الفن المصري، تمنى أن تنهي أزمة المسرح في عصره كما رأها التأليف، يرى أن العودة للمسرح الغربي خطر يواجه الفن الشعبي، وأن يأخذ الكتاب من الروايات المصرية روح مسرحياتهم، كما تمنى أن ترتفع جودة ما يقدم السينما المصرية، كان يعتز بدوره في فيلم ظهور الإسلام مؤديًا لشخصية ورقة ابن نوفل.
لمشاهدة الفيديو ... اضغط هنا
قدم صاحب الحنجرة الأشهر أكثر من مائة فيلم وعمل مسرحي، كان "عباس" اختيار صناع السينما في الفترة من العشرينات وحتى فترة السبعينات، مقدما أدوارا متنوعة، كان بجانب وفي فيلم "وإسلاماه" قدم شخصية من أشهر أدواره وهو الشيخ العز بن عبد السلام، ومن تأليف "الريحاني" شارك في فيلم "30 يوم في السجن"، بجانب أعمال مسرحية صنعت منه شخصية سينمائية مميزة، ليسطع "عباس" بجانب "الريحاني" في أكثر من عمل.
اليوم وبعد مرور سبع وثلاثين عاما على وفاته، يشارك عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي واحد من أشهر الفيديوهات له، تحت عنوان "مشهد يلخص نهب مصر"، يطل فيها "عباس" في دور الناظر الفاسد، الذي لا يعرفه "نجيب الريحاني"، يعدد فيها الريحاني له كيف يصبح فاسدا دون أن ينكشف، ناصحا له بـ"تستيف بنود الإنفاق"، ويتمسك الناظر بالريحاني لان "عليه ملعنة في الحسابات".
لمشاهدة الفيديو ... اضغط هنا
تمسك "عباس" في شبابه المبكر بالصوفية، وكان متدينا، ثم تزوج من سيدة إنجليزية اعتنقت الإسلام بعد أن لقنها أصوله، انجبت له ابن وحيد وهو "جمال فارس"، وعقب وفاة زوجته تزوج من شقيقتها التي اعتنقت الإسلام أيضا، ليتوفى في 13 فبراير 1978 تاركا بصمته بريادة المسرح العربي، وفي أفلام الأبيض والأسود والملونة، في عدد من الأفلام التاريخية والدينية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: