ماجدة الصباحي.. مؤسسة فنية في تاريخ السينما المصرية (بروفايل)
كتب-محمد مهدي:
لم تكن الفنانة "ماجدة الصباحي" في طفولتها تعي الكثير عن السينما، خاصة مع انتمائها لأسرة عريقة ترفض الانتساب لتلك المهنة، إذ يعمل الجد كرئيس لمجلس شورى القوانين، وشقيقها ينتمي إلى وزارة الداخلية، لكنها حينما تلقت عرضا من المخرج سيف الدين شوكت وهي ماتزال ابنة الـ15 عاما، اندفعت في هذا الطريق لتقدم فيلمها الأول "الناصح" رفقة إسماعيل يس، ورغم اعتراض ذويها انطلقت في عالم السينما وأجادت فنون عديدة في دروبها، أبرزها كممثلة بجانب تجارب عديدة في التأليف والإنتاج والإخراج أيضًا.
أكثر من 70 فيلما قدمتهم ماجدة في تاريخ السينما المصرية، منذ عام 1949، مسيرة كادت أن تنتهي منذ شرارتها الأولى "لأن العائلات الكبيرة مكنتش تحب ولادها يدخلوا مجال السينما" كما تقول ماجدة في لقاء نادر لها بالتلفزيون المصري، غير أن دعم أمها ومساندتها لها في خطواتها كانت الدافع الأكبر لها للاستمرار وحائط الصد أمام غضب ذويها "لولا ماما مكنتش استمريت أبدًا في مجال السينما" من بعدها باتت السينما هي الشاغل الأكبر للفنانة الشابة-حينذاك- حيث أكدت خلال تكريمها من مهرجان الإسكندرية في 2008 أنها كرست حياتها للفن وتزوجت السينما وقضيت أيامها في الاستديوهات.
للفنانة الكبيرة أفلام صارت علامات في تاريخ السينما المصرية من بينها فيلم المراهقات خلال بدايتها "عمل ضجة في فترة الستينيات وتأثير في الرأي العام لأنه بيناقش قضية الشباب والتربية والفرق بين البنت والولد" عُرض حينها لنحو 20 أسبوعا "كان أول فيلم يعرض الوقت دا كله، ودا حدث كبير وقتها" أيضًا فيلم جميلة بوحريد "عملته كرمز لكفاح الشعوب ضد الاحتلال بكل أشكاله" والعديد من الأعمال التي تعتز بهم الصباحي "أين عمري وهذا الرجل أحبه والسراب وأنف و3 عيون والنداهة"حاولت في أغلب أفلامها تقديم رسالة ما أو مناقشة قضية تهم المجتمع حينها-وفق رؤيتها لمشوارها.
أدركت ماجدة في وقت مبكر أهمية إنتاج أعمالها لذلك خاضت تلك الخطوة في 12 فيلما من أشهرهم "العمر لحظة، هجرة الرسول، زوجة لخمس رجال" حاولت تقديم أعمال وفق رغبتها بعيدًا عن الأدوار المُكررة من قِبل المنتجين، لكنها أوضحت مرارا وتكرار صعوبة التجربة "شاقة لأني مش ناجحة في مسألة الماديات، وكنت بأخد قرض من البنوك عشان أنتج أفلامي" جعلها ذلك أكثر قدرة على إدارة العملية الفنية من حيث اختيار عناصر الفيلم سواء المؤلف أو مدير التصوير أو المخرج.
اشتهرت الفنانة الكبيرة بمناقشاتها الواسعة مع المخرجين وكتاب السيناريو قبل بدء تصوير أفلامها "بيكون عندي رؤية فنية، بعتز بأرائي لكن عمري ما أصريت على قرار" مع الوقت تطور ذلك إلى المشاركة في تأليف أفلامها وأيضًا إخراج أحد أعمالها وهو فيلم "من أحب" من بطولتها رفقة أحمد مظهر وإيهاب نافع، كان التجربة الأولى والأخيرة لها في عالم الإخراج، واحتوى على كواليس عديدة مثيرة "كان له ظروف خاصة، واضطريت أخرجه عشان أنقذ الموقف".
بعد 16 عاما من دخولها عالم السينما، وقع اختيار ماجدة على تحويل قصة الفيلم العالمي "ذهب مع الريح" إلى نسخة جديدة مصرية من إنتاجها، واختارت لكتابة السيناريو والحوار المؤلفان صبري العسكري بجانب وجيه نجيب، وأيضًا المخرج "أحمد ضياء الدين" ليقود الفيلم خلال عملية التصوير "اتعاقدت مع الفنيين، واتزنقنا عشان وقت التصوير" لكن وقعت مفاجأة قاسية إذ تعرض المخرج لظروف خارجة عن الإرادة تمنعه من تنفيذ اتفاقهما "حبيت أنقذ الموقف، وقررت أخرجه" بحسب تصريحات ماجدة في لقاء إذاعي مع الإعلامي وجدي الحكيم.
من أجل التعامل مع الأزمة تعاقدت ماجدة مع المخرج المساعد حسن رضا "جبت مساعدين كويسين معايا، وابتدينا ننفذ المهمة، وكانت شاقة بالنسبالي" كانت تقف خلف الكاميرا استعدادا لبدء المشاهد، تهمس لبدء التصوير "أكشن" لكن صوتها لا يُسمع بوضوح "كنت بقولها بشويش أوي، وأحيانًا أتكسف أقولها، عشان كدا المساعد هو اللي كان بيقول أكشن بعد كدا" استهلكت التجربة من جهدها وأعصابها الكثيرة "الإخراج عايز وقت وصبر ومسؤولية كبيرة" بعد انتهاء العمل قررت عدم خوض التجربة مرة ثانية "شايفة حرام أبقى ورا الكاميرا، وجودي كممثلة أهم ولازم أركز فيه".
بعد عقود من استغراقها في الفَن، ابتعدت ماجدة الصباحي في السنوات الأخيرة عن الكاميرا وعالم السينما، لكن ظلت أعمالها باقية يتابعها الجمهور بشغف حينما تطل على شاشة التلفزيون يلتف محبوها وعشاق أفلامها، فضلًا عن اهتمام الدولة بتكريمها في عيد الفن عام 2014، كما حصلت بعدها بعامين على جائزة النيل بمجال الفنون، لكونها واحدة من الفنانات اللاتي تركن بصمة كبيرة في مجال السينما، وباتت أشبه بمؤسسة فنية وليست مجرد ممثلة.
فيديو قد يعجبك: