prostestcancer

إعلان

هل تقوية جهاز المناعة يقي من فيروس كورونا

10:01 ص الجمعة 17 أبريل 2020

هل تقوية جهاز المناعة يقي من فيروس كورونا؟

وكالات
في عام 1918، عندما تفشى وباء الإنفلونزا الإسبانية، الأكثر فتكا في تاريح البشرية، اشتدت المنافسة بين شركات الأدوية للترويج لمنتجاتها التي تزعم أنها تعالج أعراض المرض، منها دهان "فابوراب" لشركة "فيكس"، بالإضافة إلى طائفة من العلاجات الوهمية، من زيوت ومستحلبات وأقراص. واحتلت هذه الإعلانات مكانا بارزا في الصحف إلى جانب أخبار الإصابات والوفيات.

اقرأ أيضا: أطباء يكتشفون.. حركة بسيطة قد تنقذ حياة مرضى "كورونا"

ورغم مرور مئة عام على هذا الوباء، إلا أن الوصفات العلاجية الطبيعية والأدوية الشعبية المشكوك في جدواها لا تزال تلقى صدى واسعا. لكن هذه المرة يقال إنها تقوي جهاز المناعة وتقي من فيروس كورونا المستجد، حسب ما جاء فى هيئة الإذاعة البريطانية "BBC".

إذ يشاع على مواقع التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، أن الإكثار من الاستمناء يزيد عدد كرات الدم البيضاء. وانتشرت نصائح غذائية عن فوائد الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة وفيتامين سي للوقاية من فيروس كورونا المستجد. ويروج بعض العلماء الزائفين لمنتجات أخرى مثل الشاي المخمر "كمبوتشا"، والبكتيريا النافعة "البروبيوتيك".

وذكرت إحدى الصحف أن مسحوق الفلفل الأحمر والشاي الأخضر أفضل من الكمامات في الوقاية من فيروس كورونا المستجد، رغم أنه من المعروف أن الكمامات تقلل مخاطر الإصابة بالفيروسات التنفسية بخمس مرات.

لكن فكرة وجود أقراص أو أطعمة فائقة أو عادات صحية تقوي المناعة هي محض أكاذيب، ولا يوجد أي دليل علمي يؤيدها.
وتعلل أكيكو إيواساكي، أخصائية المناعة بجامعة ييل، ذلك بالقول إن الجهاز المناعي يتكون من آليات دفاعية مختلفة، إذ يشكل الجلد والجهاز التنفسي والأغشية المخاطية خط الدفاع الأول ضد العدوى، لكن إذا اخترقها الفيروس، يطلق الجسم الاستجابة المناعية الفطرية، التي تشمل مواد كيماوية وخلايا تتعاون لمحاربة الكائنات الدخيلة.
وفي حال عدم نجاح المناعة الفطرية في محاربة الكائنات الدخيلة، يتصدى لها الجهاز المناعي التكيفي أو المكتسب عن طريق الخلايا والبروتينات أو الأجسام المضادة، في غضون بضعة أيام أو أسابيع.

وتستهدف المناعة التكيفية أنواعا معينة من مسببات الأمراض دون غيرها، إذ أن الخلايا اللمفاوية التائية التي تستهدف فيروس كورونا المستجد، على سبيل المثال، لا تستجيب لأي مسببات أمراض أخرى.

وتساعد اللقاحات، أي تعريض الجسم لجراثيم حية أو ميتة، الجسم على التعرف على مسببات الأمراض لتسهيل محاربتها.

لكن معظم الأعراض التي نشعر بها عندما يهاجم الجسم أحد الفيروسات، من آلام الجسم والإفرازات المخاطية والحمى، هي جزء من الاستجابة المناعية الفطرية. إذ تساعد الإفرازات المخاطية على طرد مسببات الأمراض، وتعمل الحمى على تسخين الجسم إلى حد يحول دون تكاثر الفيروسات والجراثيم.
وتسبب الكيماويات التي يطلقها الجسم في هذه الأثناء آلام الجسم والتعب العام، لترسل رسالة إلى الدماغ بأن الوقت قد حان ليستريح حتى يتعافى الجسم.

ولو افترضنا أن هناك بالفعل معززات للجهاز المناعي، فإن هذه المعززات ستنشط الاستجابة المناعية وتزيد من حدة أعراض الالتهابات، مثل المخاط والإشارات الكيماوية، التي تشكل أساس الاستجابة المناعية السليمة. وهذا يعني أن الشاي الأخضر وشاي كمبوتشا وغيرها من وصفات تعزيز المناعة، لو كانت تقوي المناعة حقا، فستزيد من سيلان الأنف فقط.
وقد يترتب على تنشيط المناعة المكتسبة التكيفية أيضا أضرارا أخرى، إذ تظهر الحساسية، على سبيل المثال، عندما تتعلم الخلايا المناعية محاربة الأجسام الدخيلة غير المضرة، مثل حبوب اللقاح، كما لو كانت ضارة. ومن ثم تستحث هذه المواد الدخيلة استجابة مناعية فطرية، من عطس وتهيج العينين والتعب العام.

لا تتناول مكملات غذائية لو كنت سليما، باستثناء فيتامين د
حتى الآن لا توجد أدلة تؤيد فوائد أقراص الفيتامينات للأصحاء، بل أحيانا يكون الإكثار منها مضرا. إذ ذاع صيت فيتامين سي على سبيل المثال منذ أن أشاد لينوس بولينغ، الحائز على جائزة نوبل مرتين، بفوائده في مقاومة نزلة البرد، وكان يتناول منه 18,000 ملليغرام يوميا، أي أعلى من الحد الموصى به بنحو 300 مرة.

وفي عام 2013، أجرت مؤسسة "كروشان" للأبحاث استعراضا للدراسات، وخلص إلى أن تناول جرعات كبيرة من فيتامين سي لم يؤثر على أعراض البرد لدى البالغين، سواء من حيث مدتها أو شدة أعراضها.

ويرى الكثير من الخبراء أن الهدف من تصنيع فيتامين سي هو جني الأرباح فقط، لأن معظم الناس في الدول المتقدمة يحصلون على كفايتهم منه بالفعل من نظامهم الغذائي. ولا يصاب الآن بالاسقربوط أو عوز فيتامين سي إلا أعداد قليلة من الناس حول العالم.

وأشارت دراسة إلى أن تناول جرعات كبيرة من فيتامين سي تؤدي إلى تكوّن حصوات الكلى. وتقول إيواساكي إن المكملات الغذائية لا تفيد جهازك المناعي إلا لو كنت مصابا بنقص في أحد الفيتامينات أو المعادن.
إلا أن إيواساكي تقول إن فيتامين د هو الفيتامين الوحيد الذي أيدت الأبحاث فوائده للصحة. إذ ربطت دراسات عديدة بين انخفاض مستويات فيتامين د في الجسم وبين ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي أو اشتداد أعراضه في حالة الإصابة به. وأشارت دراسة إلى أن فيتامين د يلعب دورا في التصدي للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، مثل التصلب المتعدد.

وأثبتت دراسات أن فيتامين د يلعب دورا مهما في الاستجابة المناعية الفطرية والمكتسبة.

لكن الكثيرين من سكان العالم، حتى سكان البلدان الغنية، يعانون من نقص فيتامين د. إذ تشير التقديرات إلى أن نحو مليار شخص حول العالم لا يحصلون على كفايتهم من فيتامين د. وفي ظل الحجر الصحي، قد تؤدي قلة التعرض للشمس إلى نقص فيتامين د.

الاستمناء لا يساعد في تقوية المناعة
في القرن الثامن عشر، أثبت أحد الأطباء الغربيين أن تأثير فقدان 28 ملليلترا من المني يعادل تأثير فقدان 1.18 لترا من الدم على الجسم. واعتقد العلماء لمئات السنوات أن الاستمناء يسبب العديد من المشاكل الصحية من العمى إلى الاضطرابات العصبية.

لكن أبحاثا حديثة أثبتت أن للاستمناء فوائد صحية مدهشة، منها أنه يساعد في الحفاظ على سلامة السائل المنوي ويقلل مخاطر الإصابة بسرطان البروستاتا.

لكن المزاعم بأن الاستمناء يقوي المناعة أو يقي من فيروس كورونا المستجد لا أساس لها من الصحة. صحيح أن إحدى الدراسات أثبتت أن عدد كرات الدم البيضاء يزيد لدى الرجال أثناء الإثارة الجنسية، إلا أنه لا يوجد دليل على أن هذا يساهم في الوقاية من العدوى.

لا داعي لتخزين أقراص مضادات الأكسدة
تنتج كرات الدم البيضاء، كجزء من الاستجابة المناعية، مركبات أكسجين سامة لقتل البكتيريا والفيروسات ومنعها من الاستنساخ، لكنها قد تضر في طريقها الخلايا السليمة وتسبب السرطان وتشيخ الجهاز المناعي.

ولهذا يعتمد الجسم على مضادات الأكسدة لحماية الخلايا من مركبات الأكسجين المضرة. ويحصل الجسم على حاجته من مضادات الأكسدة من الطعام. إذ تعد الفاكهة والخضروات والتوابل غنية بمضادات الأكسدة. لأن مضادات الأكسدة هي التي تكسب الجزر والتوت الأزرق والباذنجان والكركم والفراولة ألوانها الزاهية.
لكن رغم عقود من الأبحاث، لا يوجد دليل واحد يثبت أن تناول جرعات كبيرة من مضادات الأكسدة يقوي جهاز المناعة أو يعالج الأمراض المعدية لدى البشر أو يقي منها.

البكتيريا النافعة من المحتمل أن تسهم في الوقاية من الأمراض
أشاد الكثير من خبراء الصحة العامة بفوائد شاي الكمبوتشا المخمر للصحة، وزعم البعض أنه يعالج السرطان ومرض نقص المناعة المكتسبة، وهذا خطأ. وأشارت بعض المواقع إلى أنه يقي من فيروس كورونا المستجد، وأغلب الظن أنه لا يساعد في الوقاية منه.

ويحتوي شاي الكمبوتشا، كشأن المعززات الحيوية "البروبيوتك"، على كائنات مجهرية نافعة، لكن حتى الآن لا توجد أدلة تؤيد أنه يعالج أو يقي من أي أمراض.

وقد أشار استعراض للدراسات في عام 2015، إلى أن الأطعمة والمشروبات أو الأقراص التي تحتوي على الكائنات المجهرية النافعة تسهم في الوقاية نسبيا من عدوى الجهاز التنفسي العلوي وتخفف من حدة أعراضها.

لكن أكثر الأدلة تشير إلى أن النظام الغذائي المتوازن والمتنوع أفضل للصحة من تناول البكتيريا النافعة. ولا توجد أدلة حتى الآن تؤكد أن البكتيريا النافعة تقي من فيروس كورونا المستجد.

إذا، ما هي الوسيلة الآمنة للوقاية من فيروس كورونا؟
تقول إيواساكي إن خطورة هذه الوصفات والعلاجات الوهمية هي أنها تعطيك شعورا بالحماية الزائفة. وتحذر الناس من الخروج وإقامة الحفلات متوهمين أنهم في مأمن من المرض.

لكن هناك العديد من السبل التي يمكنك اتباعها لتعزز بالفعل جهازك المناعي، وهذه الطرق لا تباع في قوارير ولا تنطوي على إثارة جنسية، فضلا عن أن فعاليتها مضمونة ومجربة وغير مكلفة، وهي أن تحصل على كفايتك من النوم وتواظب على التمرينات الرياضية وتتبع نظاما غذائيا متوازنا وتبتعد عن الضغوط النفسية.

وإذا لم تستطع، فإن الوسيلة الوحيدة المضمونة للوقاية من بعض مسببات الأمراض هي اللقاحات.

اقرأ أيضا: احنا أقوى من كورونا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان