عالم أزهري يرد على من يكفر تارك الصلاة: هذا حكمه شرعًا
كتبت – آمال سامي:
رد الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر فرع أسيوط، على من يقول بكفر تارك الصلاة قائلًا أن هذا كلام بعض الفقهاء وبعض الظاهرية.
وأوضح مرزوق عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك، أن دليل من يقول بذلك هو حديث الإمام مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إﻥ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﺸﺮﻙ ﻭاﻟﻜﻔﺮ ﺗﺮﻙ اﻟﺼﻼﺓ"، ذاكرًا ما قاله الإمام النووي في شرحه للحديث: ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﺴﻠﻢ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺑﺬﻛﺮ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺤﺪﻳﺜﻴﻦ - هذا والذي قبله - ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎﻝ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﻜﻔﺮ ﺇﻣﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺇﻣﺎ ﺗﺴﻤﻴﺔ ..ﻓﺄﻣﺎ ﻛﻔﺮ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﺠﻮﺩ ﻓﻤﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺇﺫ ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ اﺳﺠﺪﻭا ﻵﺩﻡ ﻓﺴﺠﺪﻭا ﺇﻻ اﺑﻠﻴﺲ ﺃﺑﻰ ﻭاﺳﺘﻜﺒﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻗﺎﻝ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﺻﺎﺭ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺣﺎﻝ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻟﻤﻮﺝ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮﻗﻴﻦ.
أما مسألة ترك الصلاة، فيقول مرزوق إن النووي رحمه الله تكلم في حكم تاركها قائلًا أنه ﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻜﺮا ﻟﻮﺟﻮﺑﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺈﺟﻤﺎﻉ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﻣﻠﺔ اﻹﺳﻼﻡ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺮﻳﺐ ﻋﻬﺪ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺎﻟﻂ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺪﺓ ﻳﺒﻠﻐﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺟﻮﺏ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ....ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺗﺮﻛﻪ ﺗﻜﺎﺳﻼ ﻣﻊ اﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﻭﺟﻮﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء فيه:
المذهب الأول
ذهب ﻣﺎﻟﻚ ﻭاﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﻭاﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻭاﻟﺨﻠﻒ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﻞ ﻳﻔﺴﻖ ﻭﻳﺴﺘﺘﺎﺏ ﻓﺈﻥ ﺗﺎﺏ ﻭﺇﻻ ﻗﺘﻠﻨﺎﻩ ﺣﺪا ﻛﺎﻟﺰاﻧﻲ اﻟﻤﺤﺼﻦ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ
المذهب الثاني
ﺫﻫﺐ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻔﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻛﺮﻡ اﻟﻠﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﻫﻮ ﺇﺣﺪﻯ اﻟﺮﻭاﻳﺘﻴﻦ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﻪ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺭاﻫﻮﻳﻪ ﻭﻫﻮ ﻭﺟﻪ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻮاﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ.
المذهب الثالث
ﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻭاﻟﻤﺰﻧﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﻭﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﻞ ﻳﻌﺰﺭ ﻭﻳﺤﺒﺲ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻠﻲ ...هذا وقد اﺣﺘﺞ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﻜﻔﺮﻩ ﺑﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻭﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ...
ﻭاﺣﺘﺞ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﻻ ﻳﺤﻞ ﺩﻡ اﻣﺮﺉ ﻣﺴﻠﻢ ﺇﻻ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺛﻼﺙ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ...
حجة الجمهور على عدم تكفير تارك الصلاة
اﺣﺘﺞ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﻭﻳﻐﻔﺮ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻳﺸﺎء، ﻭﺑﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ اﻻ اﻟﻠﻪ ﺩﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﺩﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻭﻻ ﻳﻠﻘﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺒﺪ ﺑﻬﻤﺎ ﻏﻴﺮ ﺷﺎﻙ ﻓﻴﺤﺠﺐ ﻋﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﺣﺮﻡ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭاﺣﺘﺠﻮا ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺈﻥ ﺗﺎﺑﻮا ﻭﺃﻗﺎﻡ اﻟﺼﻼﺓ ﻭﺁﺗﻮا اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﺨﻠﻮا ﺳﺒﻴﻠﻬﻢ.
ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻣﺮﺕ ﺃﻥ ﺃﻗﺎﺗﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮﻟﻮا ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﻳﻘﻴﻤﻮا اﻟﺼﻼﺓ ﻭﻳﺆﺗﻮا اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﺈﺫا ﻓﻌﻠﻮا ﺫﻟﻚ ﻋﺼﻤﻮا ﻣﻨﻲ ﺩﻣﺎءﻫﻢ ﻭﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ.
التأويل الصحيح لحديث مسلم السابق
قال النووي رحمه الله تعالى : ﻭﺗﺄﻭﻟﻮا ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺒﺪ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﻜﻔﺮ ﺗﺮﻙ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﺘﺮﻙ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻭﻫﻲ اﻟﻘﺘﻞ ،ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﻤﻮﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﺤﻞ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺆﻭﻝ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻜﻔﺮ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻌﻞ اﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ .
وأكد مرزوق أن رأي اللجنة العلمية وكذلك كل من يقول إن كل تارك للصلاة كافر كما هو الحال هنا فإنه لم يأخذ برأي الجمهور، وكذلك عرضه للمسألة بذكر رأي واحد فقط هو نوع من الخلط على الناس ، وأوضح مرزوق أن مسألة الحبس أو القتل ونحو ذلك كل هذا مرجعه في العصر الحديث إلى القضاء فقط حتى لا تعم الفوضى البلاد.
فيديو قد يعجبك: