لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

دار الافتاء تجيب عن أهم الأسئلة حول جريمة الزنا

08:12 م السبت 13 ديسمبر 2014

دار الافتاء تجيب عن أهم الأسئلة حول جريمة الزنا

يقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}..[النور الآية رقم 4].

ولقد عرف الله لنا الفاسقين بأنهم حسب ما جاء في قوله تعالى:{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.. [البقرة الآية 27].

السؤال الاول : ما هي علاقة خطيئة الزنا بنقض العهد مع الله؟ وما الفرق بين التعريفين؟

السؤال الثاني : لماذا كان عدد الشهود أربعة؟ ولماذا كان العقاب ثمانين جلدة؟

ولماذا في حالة عدم وجود الشهود الاكتفاء بشهادة أحد الأطراف أربع شهادات بالله؟

يجيب عن هذه الاسئلة فضيلة الدكتور نصر فريد واصل :

ج1: علاقة خطيئة الزنا بنقض العهد مع الله واضحة جلية؛ لأن رب العزة جل في علاه أخذ على بني آدم حين استخرجهم من ظهر آدم عهدا وطلب منهم المحافظة على عهدهم مع ربهم، وأوصاهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته، وذلك واضح من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}.. [الآية 172 من سورة الأعراف].

فإذا خالف بنو آدم أمر الله ولم ينفذوا ما أمرهم به وارتكبوا خطيئة الزنا فإنهم بذلك قد نقضوا عهدهم مع ربهم. والميثاق هو العهد المؤكد باليمين، وللعلماء في معنى العهد أقوال يحسن الرجوع إليها. "راجع تفسير القرطبي طبعة دار الشعب ص 211".

ولما كان الذين يرمون المحصنات ويقذفونهن دون أن يكون لهم دليل على صحة دعواهم يستحقون الجلد، وترفض ولا تقبل لهم شهادة، وكانوا خارجين عن طاعة الله تعالى؛ ناسب الإتيان بكلمة الفسق الذي هو خروج عن طاعة الله عز وجل. ولما كان نقض العهد مع الله من بعد توكيده -وقطع ما أمر الله به أن يوصل، والإفساد في الأرض- يُعد ضلالا وهلاكا؛ ناسب أن يأتي بكلمة الخسران الذي هو الضلال والهلاك، وهذا هو الفرق بين التعريفين.

ج2: إذا كان قذف النساء ورميهن بالفاحشة أشنع وأنكى للنفوس وفيه نفي نسب الأولاد إلى آبائهم من غير دليل مع حرص الإسلام الشديد على نسب الولد إلى أبيه، محافظة على أعراض الناس أن تلوكها ألسنة السوء؛ لذلك أوجب الإسلام أن يكون عدد الشهود في إثبات جريمة الزنا أربعة؛ مبالغة في الحيطة والحذر حتى لا يرمى بها الأبرياء في شرفهم، ويطعن الأبناء في نسبهم، وتغليظا على المدعي، وسترا على العباد، وتحديد الشهود بالأربعة حكم ثابت في القرآن والتوراة والإنجيل.

وقيل: إنما كان الشهود أربعة؛ ليترتب شاهدان على كل واحد من الزانيين كسائر الحقوق، وكان العقاب في القذف ثمانين جلدة وفي الزنا مائة جلدة؛ لأنه متى تحقق الزنا فقد ثبت نفي النسب وتحقق، فلا بد فيه من تشديد العقوبة وذلك بجعلها مائة جلدة؛ لتتناسب العقوبة مع حجم الجريمة.

وأما في القذف -الذي هو اتهام بالزنا- فما زال الأمر غير ثابت ولا يترتب عليه نفي النسب؛ فناسب أن تكون العقوبة مخففة وأقل من عقوبة الزنا.

وإذا كان الإسلام أوجب وجود الشهود الأربعة كي تثبت جريمة الزنا فإن انعدام الشهود في هذه الجريمة لا يسقطها؛ إذ قد يقر أحد الطرفين بمقارفته لها.

أما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا وليس له بينة ولم يقر بذلك فمن حقه أن يدفع عن نفسه حد القذف بملاعنته إياها، بمعنى أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين في دعواه، وفي الخامسة يطلب اللعنة من الله عليه إن كان من الكاذبين في اتهامه إياها، ويكون من حقها أن تدرأ عن نفسها بأن تشهد أربع شهادات بالله إنه من الكاذبين في ادعائه عليها بالفاحشة، وفي الخامسة تطلب غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به. ولما كان ذكر العدد واردا في القرآن والتوراة والإنجيل فإن معنى ذلك أن ذكر الأربعة من الأمور التي تعبدنا الله تعالى بها، فلا يصح السؤال عنها بماذا أو لماذا؛ لأن الأمور التعبدية لا يسأل عن عللها؛ لما فيها من الحكم الإلهية البليغة الخافية علينا والتي تقصر مداركنا عن فهم كنهها وحقيقتها. والله سبحانه وتعالى أعلم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان