"الأزهر للفتوى": العمل في الإسلام جهاد
كتب ـ محمد قادوس:
قال مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية إن الإسلام ربط بين العمل والرزق، وجعل السعي في طلب الرزق غيرَ منافٍ للتوكل على الله، قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.. [آل عمران: 159].
وأضاف المركز، عبر الصفحة الرسمية على فيسبوك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم يُعلمنا كيف يكون التوكل على الله تعالى في قوله: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا».. رواه ابن ماجه.
فكما كان السعي معتادًا في الطير، حيث تخرج أول النهار جياعًا تسعى لسد جوعها، فهكذا الإنسان، يسعى للرزق مع توكله على الله، وابتغائه من فضله، قال تعالى: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ}.. [العنكبوت:17].
والله تعالى يرزق كلًّا من فضله، قال عز مِن قائل: {وَكَأَيِّن مِّنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.. [العنكبوت:60].
وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى أن العمل في الإسلام جهاد، يسعى فيه العامل لسد حاجاته وحاجات أسرته، ويستغني بعمله وكسبه عن الحرام، ويستغني عن الحاجة والسؤال؛ فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جَلده ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ».. أخرجه الطبراني.
وقال إن الإسلام منح العمَّالَ مِنَحًا خاصة، بل جعل الكسب من عمل اليد من أفضل المكاسب، وأفضل لقمة يضعها الرجل في فمه، هي لقمة كسبها الرجل من عمل يده؛ فعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قيل: يا رسولَ اللَّه، أَيُّ الْكسْب أطْيب؟ قال: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ».. رواه أحمد.
وتابع: هكذا كان دأب الأنبياء والصالحين من قبل؛ فعن المقدام رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» رواه البخاري.
والمسلم يعطي كلَّ أمرٍ قدرَه، فلا يلهيه طلبُ الرزق عن العبادة، ولا تُقعده العبادة كليًّا عن طلب الرزق، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:9،10].
ومَن أفضلُ ممن وازن بين عبادته وعمله، ثم أنفق ما اكتسبه من مال طيب في مواضعه الصحيحة، ولم يُنقِص ذا حقٍّ حقَّه؟، (تَرَكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَجْمَعْهَا إلَّا لِأَصُونَ بِهَا دِينِي وَحَسَبِي، لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَجْمَعُ الْمَال فَيَقْضِي دَيْنَهُ، وَيَصِلُ رَحِمَهُ، وَيَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ) الآداب الشرعية (3/269).
فيديو قد يعجبك: