لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محبة الجيل الذي لا يتكرر

06:14 م الإثنين 01 سبتمبر 2014

محبة الجيل الذي لا يتكرر

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} سورة النساء الآيات 69 – 70.

تشير هاتان الآيتان إلى ما يروح عن القلوب وهو روية الحبيب صلى الله عليه وسلم والتمتع بصحبته في الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهذا هو التطلع إلى المقام الكريم في الصحبة الكريمة في جوار الله الكريم: (وتلك الرفقة لهذا الرهط العلوي).

وهي من فضل الله ومنه، فما ينبغي لإنسان بالغ ما بلغ بعمله وحده أو بطاعته وحدها أن ينالها أو يظفر بها، وإنما ينال ذلك بالفضل الواسع الحميم من الله صاحب الفضل الذي يؤتيه من يشاء، ولن يسعد بذلك إلا هذا الجيل الذي سعد بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حرصهم على أن يتشوقوا السعادة بتلك الصحبة في الدار الآخرة.

وكان فيهم من يبلغ به الوجد والوله ألا يمسك نفسه عند تصور فراقه صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهرهم، فيكون ذلك الشاغل الذي يشغله ويملك عليه أقطار نفسه حتى يعتريه السقم والمرض، ويعلم بذلك منهم علام الغيوب فتنزل هاتان الآيتان فتبل هذا الصدى وتشفى هذا الصم وتغيث تلك اللهفة وتندى هذا الوجد النبيل.

فعن عائشة رضى الله عنها قالت جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنك أحب إلي من نفسي وأحب إلي من أهلي وأحب إلي من ولدي. وأني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى أتيك فأنظر إليك، وإني ذكرت موتي وموتك و عرفت أنك إذا دخلت اللجنة رفعت مع النبيين.

وإن دخلت اللجنة خشيت ألا أراك فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه و سلم حتى نزلت هذه الآية.

وفي رواية أخرى دخل النبي صلى الله عليه وسلم على خادمه ثوبان فوجده حزينا كئيبا فقال له: ما بك يا ثوبان؟

فقال ثوبان والله ما بي من سوء يا رسول الله غير إني لا أطيق فراقك، وإذا غبت عني اشتقت إليك فتذكرت الدار الآخرة وأنك تكون في درجات علية مع النبيين والصديقين وإني لو دخلت اللجنة أكون في درجة أقل فخشيت أن أحرم من رؤيتك في الآخرة فبكيت فقال له صلى الله عليه و سلم: يا ثوبان المرء مع من أحب وأنزل الله تعالى هذه الآية.

لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس صحبة له وأكثر طاعة وأشد التزاما وأكثر استمساكا بحبه، لقد أمرهم الله تعالى بطاعته فأطاعوه، ونهاهم عن عصيانه والتمرد على هداه فلم يخرجوا عليه، لقد استمعوا لقول ربهم {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}، وأنصتوا لله و هو يوجههم بقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}.

ولقد فهموا هذه التوجيهات وأيقنوا أن الخير كل الخير في الالتزام بها وتنفيذها فآثروا حب الله ورسوله على كل سواهما، وفي صحيح مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي أنه قال: كنت أبيت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيه بوضوئه وحاجته فقال لي: سل فقلت يا رسول الله أسألك مرافقتك في اللجنة فقال: أو غير ذلك. قلت هو ذاك. قال فأعني على نفسك بكثرة السجود و في صحيح البخاري.

(من طرق متوارثة عن جماعة من الصحابة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم فقال: المرء مع من أحب " قال أنس: فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث، ولقد كان أكثر شي يشغل قلوبهم وأرواحهم هو أمر صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآخرة لأنهم قد ذاقوا طعم الصحبة في الدنيا وإنه بحق لهو الأمر الذي يشغل كل قلب ذاق حلاوة محبة هذا الرسول الكريم.

وتحدثنا كتب السيرة أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه ليلة الهجرة كان يتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في السير إلى الغار مرة وكان يتأخر عنه أخرى حتى انتهيا إلى الغار فاستوقف أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل الغار ليتحسسه فكان يجد به بعض أحجار الهوام فجعل يقطع من ثوب كان معه ويسدد تلك الأحجار حتى نفد الثوب وبغى جحر لم تبق له حزفة فوضع أبو بكر عقبة فيه مخافة أن يخرج منه شيء فيؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولما اطمأن أن الغار أمان نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل النبي واستلقى ووضع رأسه على فخذ أبي بكر ونام وخرجت أفعى فلدغت الصديق في عقبة فتألم وآخذ يكظم غيظه مخافة (أن يوقظ رسول الله صلى الله عليه و سلم) فاستيقظ صلى الله عليه وسلم وسأل الصديق فأخبره فسأله صلى الله عليه وسلم عن الثوب الذي كان معه فأخبره أنه قطعه خرقا ليسد به أجحار الهوام فسأله صلى الله عليه وسلم عن سبب تقدمه عليه في السير وتأخره وعن سيره عن يمينه وعن شماله.

فقال يا رسول الله: كنت أذكر العبد فأتقدم وأذكر الطلب فأتأخر وأذكر الذي يأتي عن يمينك فأسير عن يمينك وأذكر الذي يأتي عن شمالك فأسير عن شمالك لأتلقى الضربة الأولى وأكون فداء لك يا رسول الله إنما أنا رجل من الأمة إذا هلكت فقيري كثير وأما أنت إذا هلكت فإن الأمة تهلك بهلاكك يا رسول الله.

وهنا يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه لأبي بكر قائلا: الهم أجعل منزلة أبي بكر في الجنة عندك بمنزلتي، وينزل جبريل ويقول يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك بشر صاحبك بأن الله تعالى قد استجاب له دعوتك وجعل منزلته في الجنة بمنزلتك ويقول لك ربك أقرا أبي بكر من ربه السلام وقل له إن الله راض عنك فهل أنت راض عن الله هذه هي الروح التي سادت المسلمين وملكت عليهم أقطار نفوسهم فأعلت من شأنهم وجعلتهم بحق الجيل الذي لا يتكرر.

وهو معنى الحديث المشهور (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكن الله ورسوله أحب وليه مما سواهما و أن يحب المرء لا يحبه إلا الله وأن يكره أن يعود لكفر كما يكره أن يقذف به في النار).

ولقد أحب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا لدرجة أنهم نسوا أنفسهم فكانوا يفتدونه بكل ما أوتوا فعن عبد الله بن هشام قال: كن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أخذ بيد عمر فقال عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك.

فقال عمر فإنه الآن لأنت أحب إلي من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر أي الآن فقط تم إيمانك رواه البخاري.

وذلك يوم وجد رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمسجد هرجا ومرجا فصعد المنبر وقال: اجلسوا معشر المسلمين فجلسوا وأتم النبي حديثه معهم وغادر المسجد وفي الطريق قريبا من المسجد وجد بعض أصحابه جالسا في الطريق وسأله: ما أجلسك هكذا يا زيد.

فقال يا رسول الله: كنت في الطريق إلى المسجد فسمعتك تقول: اجلسوا فجلست حيث سمعتك تقول. فقال له صلى الله عليه وسلم زادك الله أدبا يا زيد تلكم هي المحبة التي رشحتهم إلى أن تكون برفقة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين في مقعد صدق عند مليك معتد فهل سمعت الدنيا حبا كهذا الحب والله الهادي سواء السبيل .

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان