لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محمد بلقايد والشيخ الشعراوي

06:33 م الثلاثاء 03 ديسمبر 2013

 بقلم – هاني ضوَّه

لا تخلو بقعة من بقاع الأرض من عالم صالح شهد له القاص والداني بالعلم والتقوى، وشد إليه طلبه العلم والسائرين إلى الله الرحال، ليتلقوا عنه علوم الشريعة وعلوم التربية ليرتقوا في مراق أهل الله.

 

وعالمنا هذه المرة من الجزائر بلد المليون شهيد.. وفي قصة هذا العالم الصالح من الآيات الكثيرة التي قد لا يتقبلها عقل البعض، إلا أنها حقيقة ثابتة شهدها من عاصرها، وأثبت صدقها من هم ثقات.

 

إنه الإمام العالم العابد محمد بلقايد إمام علماء الجزائر في عصره، ولد في تلمسان سنة 1911 في عائلة ينتهي نسبها إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، واشتهرت عائلته بالعلم والكرم، وحفظ القرآن وتتلمد على كبار علماء مدينة تلمسان ومنهم سيدي الإمام بوعروق والإمام حسين النجار وغيرهم ثم سافر الى خارج الجزائر ليتلقى العلم عن صدور العلماء في مختلف البلدان ومنها الشام، وممن أجازه في العلوم الدينية الشيخ عبد الحي الكتاني والعلامة أحمد بن يلس الدمشقي وغيرهم كثير.

 

وفي سن مبكرة جدًّا من حياة الشيخ محمد بلقايد في الثالثة عشرة من عمره، دخل طريق التصوف الصحيح القائم على العلم والعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، والبعيد عن الشطح والمخالفات الشرعية، فتلقى علوم التصوف والسلوك والتربية من أبوه، وتتلمذ على يد الإمام الصالح سيدي محمد الهبري.

 

وكان الشيخ بلقايد مدّة حياة شيخه الروحي هو الغمام محمد الهبري، وبعد ذلك أيضًا صاحب العلماء والعارفين وسافر إليهم، حيث كانوا متواجدين في الجزائر والمغرب وبلاد المشرق، فمنهم مَن قرأ عليه ومنهم مَن صاحبه واستفاد منه، لا يعرف في أخذ العلم كللاً ولا يجد في الدراسة مللاً حتّى حاز السبق في علوم الشريعة كلّها من فقه وأصول وتفسير وحديث وغيرها، وقد أجازه كلّ مَن لقيه سواء من المتقدمين كالمحدث عبد الحي الكتاني والحافظ أحمد بن الصدّيق الغُماري والشيخ البشير الإبراهيمي، ومن المتأخرين كالشيخ عبد الفتاح أبو غُدّة في مصر.

 

وفي أثناء الاحتلال الفرنسي كانت داره معقلًا للثورة قبل وبعد سنة 1954 ثم بعد الاستقلال برز بحقيقته فبدأ بعض الشباب يتوافد عليه في السبعينيات من القرن الماضي.

 

قصته مع إمام الدعاة محمد متولي الشعرواي:

سافر إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله في عام 1963 إلي الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر هناك، وقد عاش الشيخ في الجزائر سبع سنوات، ارتبط فيها ارتباطاً شديداً بالشيخ محمد بلقايد إمام علماء الجزائر وقتها، وكان الشعراوي يشارك بصفة دائمة في مجالسه وفي حلقات الدروس التي يعقدها.

 

ولكن كيف عرف الشيخ الشعراوي الإمام بلقايد؟ .. إنها حقًا قصة عجيبه .. ولكن لا عجب إن عرفنا معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف".

 

عرف الشيخ الشعراوي الإمام محمد بلقايد عن طريق الرؤيا في المنام قبل أن يلقاه في الحقيقة في الجزائر، وذلك حيث عرض على الشيخ الشعراوي أن يسافر كرئيس لبعثة الأزهر إلى الجزائر ولكنه هم بالرفض، فجاءه رجل في الرؤية يسأله لماذا لا تريد القدوم إلينا، وطلب منه السفر للجزائر، فغير الشيخ الشعراوي رأيه وقبل بالسفر.

 

في حفل الاستقبال الذي أقيم بمناسبة الذكرى الثامنة لاستقلال الجزائر في القصر الرئاسي بالجزائر، لمح الشيخ الشعراوي رجلًا جالسًا ضمن مجموعة من العلماء، وإذا به هو ذلك الشخص الذي جاءه في الرؤيا ولم يكن قد رآه من قبل، وحينها أسرع الشيخ الشعراوي إلى الإمام محمد بلقايد الذي رآه وابتسم له فتعانقا، وقد نظم الشعراوي قصيدة في مدح الإمام محمد بلقايد.  

 

التحق الإمام محمد بلقايد بالرفيق الأعلى بعد مرض أقعده، عشية الجمعة يوم 28 ربيع الثاني 1419هـ الموافق لـ 22 أغسطس 1998م بوهران ودفن يوم السبت بتلمسان.

 

والغريب ان الشيخان الجليلان الشعراوي وبلقايد ولدا في نفس العام، وهو عام 1911، وكذلك توفيا فى نفس العام وهو عام 1998، وتوفى الشيخ الشعراوي قبل شيخه الإمام بلقايد بشهرين فقط.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان