لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رمضان شهر الدعاء

دعاء

رمضان شهر الدعاء

10:34 م السبت 02 مايو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مقال بقلم: د- أحمد رزق درويش
عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية


إن المتأمل لكتاب الله تعالى يجد أن وسط آيات الصيام آية كريمة ألا وهي آية الدعاء، قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة: 186] .وكأن الدعاء والصيام قرينان، فالدعاء في حقيقته إظهار التضرع، والافتقار إلى الله جل وعلا، وأن يبرأ العبد من حوله وقوته إلى حول الله وقوته، ولو تأملنا لوجدنا أن ذلك المعنى يتحقق في الصيام أيضا ؛فالصيام عبادة تؤدي إلى ذلك الافتقار ؛ فالعبد الصائم روحه عالية، و قلبه متعلق بالله، ومفتقر إلى عفو مولاه جل وعلا .هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى كأن وجود آية الدعاء بين آيات الصيام إشارة من الله تعالى بأن دعوة الصائم مستجابة، وقد أكدت الأحاديث النبوية المطهرة على ذلك؛ فعن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ» قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي ".( ) وعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ العَادِلُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ "( ).

يستجيب الله دعاء الصائم لأن الصائم منكسر القلب ضعيف النفس ذل جموحه وانكسر طموحه واقترب من ربه وأطاع مولاه ترك الطعام والشراب من أجل الله كف عن الشهوات وترك الملذات.

والدعاء – عزيزي القارئ - من أنفع الأدوية، وأقوى الأسلحة؛ ففي الحديث الذي رواه الحاكم، وصححه، من حديث: عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ».

والدعاء سرُّ كشف البلاء، يدفعه ويقاومه وأحيانًا يمنع نزوله، وأحيانًا يخفف وطأته إذا نزل، وأحيانا يرفعه بالكُلِّيَّة بعد نزوله، فعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ»
.
لكن عليك – عزيزي الصائم – أن تعلم أن للدعاء آدبا، وشروطا ينبغي أن تتوفر حتى يرفع دعاؤك إلى الله تعالي ، من أهمها ما ورد في صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟».

فمن أسباب قبول الدعاء : تحرى الحلال في المأكل والمشرب والملبس، وكذلك السفر إذا كان في طاعة، « ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ...) وكذلك رفع اليدين إلى السماء «، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ»، وكذلك الإلحاح في الدعاء « يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ»، فعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ»( ) ومن أسباب قبول الدعاء أيضا أن يتحيّن العبد أوقات الإجابة فيرفع أكف الضراعة إلى الله في هذه الأوقات ، ومن هذه الأوقات المباركة : الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وما بين الأذان والإقامة، وعند السجود، وعند نزول المطر ، وعند إفطار الصائم، وفي آخر ساعة من نهار يوم الجمعة، وفي ليلة القدر، وفي يوم عرفة... وغير ذلك من هذه الأوقات المباركة، فالعبد الكيس الفطن يتحين مثل هذه الأوقات ويدعو الله بما يشاء من أمور الدنيا والآخرة، يدعوا الله وهو موقن الإجابة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ».

هذا ونسأل الله تعالى أن يمن علينا بقبول الدعاء وإصلاح البال، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

إعلان

إعلان

إعلان