هل يوجد تعارض بين آية: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) وحديث "لن يدخل أحدَكم عملُه الجنة"؟
تعبيرية
كتب- علي شبل:
هل يوجد تعارض بين قوله تعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) وحديث "لن يدخل أحدَكم عملُه الجنة"؟.. إحدى الشبهات التي يطرحها البعض بدعوى أن ما جاء بالسنة النبوية، وخصوصا الصحيح منها قد يواجه بعض التعارض مع آيات صريحة بالقرآن الكريم.
ويأتي ضمن الادعاء- الذي تدحضه الأدلة الشرعية- أن قوله صلى الله عليه وسلم: «قاربوا وسددوا، واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله، قالوا: يا رسول الله ولا أنت؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدنى الله برحمة منه وفضل». يتعارض مع القرآن الكريم وذلك في قوله سبحانه وتعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون (32)) (النحل)، وقوله سبحانه وتعالى: (ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون (43)) (الأعراف).
وما يدحض تلك الشبهة أن الأحاديث التي تنفي دخول الجنة بالعمل في أعلى درجات الصحة، كما أنها لا تتعارض مع آيات القرآن الكريم، فالمنفي في الأحاديث هو كون العمل عوضا وثمنا لدخول الجنة، والمثبت في الآيات هو كون العمل سببا لدخول الجنة.
وردا على تلك الشبهة، أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أنه لا تعارُض بين الحديث الصحيح وبين الآيات التي وردت في كتاب الله عزَّ وجل، والتي تدل على أنَّ دخول الجنة بالأعمال، كقول الله تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 32] ونحوها، فالمنفي في الحديث المقابلة والعوض، بمعنى كون العمل عوضًا وثمنًا لدخول الجنة، فمهما طال عمر الإنسان فعمله محدود ومتناهٍ، فلا يعدل أن يكون عوضًا وثمنًا لنعيم وخلود لا نهاية له في الجنة، وأمَّا المثبَت في الآيات فهو كون هذه الأعمال سببًا في شمول رحمة الله للعبد وبها يدخله جنته، كما أنها تتناول التفاوت في الدرجات والمنازل، فدرجات العباد في الجنة متباينة على قدر تباين أعمالهم.
واستشهد فضيلة المفتي، في تفنيد تلك الشبهة عبر بوابة الدار الرسمية، بقول الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب": [طعن بعضهم فقال: هذه الآية تدل على أن العبد إنما يدخل الجنة بعمله، وقولُه عليه السلام: «لَن يَدْخُلَ أَحَدٌ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُهَا بِرَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى»، بينهما تناقض.
وجواب ما ذكرنا: أن العمل لا يوجب دخول الجنة لذاته، وإنما يوجبه لأجل أن الله تعالى بفضله جعله علامة عليه ومعرفة له، وأيضًا: لما كان الموفي للعمل الصالح هو الله تعالى كان دخول الجنة في الحقيقة ليس إلا بفضل الله تعالى] اهـ.
وقول الإمام ابن كثير في في بيان قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾: [أي: أعمالكم الصالحة كانت سببًا لشمول رحمة الله إياكم، فإنه لا يُدخِل أحدًا عملُه الجنةَ، ولكن برحمة الله وفضله، وإنما الدرجات يُنال تفاوتها بحسب الأعمال الصَّالِحَاتِ] اهـ.
اقرأ أيضًا:
هل قراءة الإمام في الفاتحة «اهدنا الزِّراط المستقيم» صحيحة؟.. أمين الفتوى يكشف (فيديو)
فيديو قد يعجبك: