لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

زيارة المسجد النبوي .. فضائل وآداب

01:33 م الثلاثاء 04 يونيو 2013

زيارة مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشد الرحال إليه عبادة مستحبة في أي وقت، وهي من القربات التي انعقد الإجماع على استحبابها، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومسجد الأقصى)... (رواه البخاري).

وعلى المسلم أن يستشعر نعمة الله عليه إذا وفقه لزيارة مدينة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومسجده، ويستحضر في قلبه شرف المدينة، إذ هي حرم رسول الله، ودار هجرته، ومهبط وحيه، ومثواه بعد موته، بها قامت دولة الإسلام، وانتشر منها نور الهداية إلى جميع بقاع الأرض، وهي أفضل البقاع بعد مكة، من أرادها بسوء أذابه الله، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال أبو القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من أراد هذه البلدة بسوء ـ يعني المدينة ـ أذابه الله كما يذوب الملح في الماء)... (رواه مسلم).

فالمدينة المنورة بالحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها حرمة كحرمة مكة، ولم يثبت لغيرها ذلك، فقد روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها (طرفيها)، لا يقطع عِضَاهُها (شجر فيه شوك)، ولا يصاد صيدها)... (رواه مسلم).

ومن ثم ينبغي رعاية حرمتها، وأن يصرف المسلم وقته حال وجوده بها في طاعة الله، وليحرص كل الحرص على الصلاة والعبادة في المسجد النبوي، لما في ذلك من الأجر الكبير والثواب العظيم، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام).... (البخاري).

ولمسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزيارته آداب كثيرة ينبغي التأدب بها، إذ حرمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيا كحرمته ميتا ..

فإذا وصل زائر المدينة إلى مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُنَّ له أن يقدم رجله اليمنى وأن يقول: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك)... (رواه مسلم)، وهذا الذكر مسنون عند دخول سائر المساجد في أي مكان.

ثم يصلي تحية المسجد، والأفضل ـ إن استطاع دون ضرر أو إيذاء لأحد ـ أن يصليها في الروضة الشريفة، لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)... (رواه البخاري).

وبعد الصلاة يزور قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ، فيقف تجاه قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه قائلا: "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ".

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله عليَّ روحي حتى أردّ عليه السلام)... (رواه أبو داود).

ويجمع بين التسليم والصلاة عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لما تقرر من استحباب الجمع بين الصلاة والسلام عليه، عملاً بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}... (الأحزاب : 56). ثم يسلم على أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ، ويدعو لهما ..

وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا سلم على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحبيه، لا يزيد غالباً على قوله: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه"، ثم ينصرف .

قال ابن تيمية: "وإذا قال في سلامه: السلام عليك يا رسول الله يا نبي الله، يا خيرة الله من خلقه، يا أكرم الخلق على ربه، يا إمام المتقين، فهذا كله من صفاته بأبي هو وأمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكذلك إذا صلى عليه مع السلام عليه فهذا مما أمر الله به".

ويُسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، خاصة في الروضة الشريفة، وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغير ذلك من الطاعات، اغتناماً لما في ذلك من شرف المكان، وعظم الأجر والثواب.

ولا يجوز لزائر مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها، لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح، بل هو بدعة منكرة.

قال ابن الصلاح: "..وليس من السنة أن يمس الجدار ويقبله".

وقال النووي: ".. ويكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد عنه كما يبعد منه لو حضر في حياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، هذا هو الصواب وهو الذي قاله العلماء، وأطبقوا عليه، وينبغي ألا يغتر بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك".

ومن ثم فمن باب أوْلى أن لا يُسْأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قضاء حاجة، أو تفريج كربة، أو شفاء مريض ونحو ذلك، لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله سبحانه، وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره، ودين الإسلام مبني على أصلين:
 أحدهما: ألا يعبد إلا الله وحده.
والثاني: ألا يعبد إلا بما شرعه الله والرسول - صلى الله عليه وسلم-.

ويلزم الزائر لمسجد الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لا يرفع صوته فيه، لأن الله سبحانه نهى المؤمنين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض، وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}... (الحجرات : 2-3 ).

وعن السائب بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ قال: (كنت نائماً في المسجد فحصبني رجلٌ فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: مِن من أنتما؟ ـ أو من أين أنتما؟ ـ، قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ)... (رواه البخاري).

ولذا فلا يرفع الصوت في مسجده، ولا يطال القيام عند قبره، لأن طول القيام عند قبره - صلى الله عليه وسلم -، والإكثار من تكرار السلام يفضي إلى الزحام وكثرة الضجيج، وارتفاع الأصوات، وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الآيات المحكمات، وهو- صلى الله عليه وسلم - محترم حياً وميتاً، فلا ينبغي للمؤمن أن يفعل عند قبره ما يخالف الأدب الشرعي .

وإذا أراد الزائر الدعاء فليتوجه إلى القبلة ويدع، ولا يحرص على تحري الدعاء عند قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مستقبلاً للقبر رافعاً يديه يدعو، فهذا كله خلاف ما كان عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتباعهم بإحسان، بل هو من البدع المحدثات ..

روى ابن أبي شيبة: أن علي بن الحسين - رضي الله عنهما ـ رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيدخل فيها فيدعو فنهاه، وقال له: ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا عليَّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم).

قال ابن تيمية: "يشير بذلك ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم منه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدا، والأحاديث عنه بأن صلاتنا وسلامنا تعرض عليه كثيرة".

ومعلوم أن الذي أصلح أول هذه الأمة هو السير على منهاج النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأتباعهم بإحسان، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا تمسكهم بذلك، وسيرهم عليه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)... (رواه أبو داود).

إن زيارة المسجد النبوي مستحبة في أي وقت، ومشروعة قبل الحج وبعده، ولا تعلق لها بمناسك الحج والعمرة، فهي عبادة مستقلة، خلاف ما يعتقد البعض من أنه لابد منها في الحج أو العمرة، فليست ركنا ولا شرطا فيهما، ولكن إذا وصل الحاج أو المعتمر إلى تلك البقاع الطاهرة فليحرص على زيارة مسجد الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصلاة والإكثار من العبادة فيه، لما في ذلك من فضل وشرف وأجر كبير، مع التزامه بآداب هذه الزيارة ..

المصدر: موقع إسلام ويب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان