حديث ومعنى (24): إليك فضائل ليلة القدر وهذه علاماتها
كتب ـ محمد قادوس:
يقدم مركز الأزهر العالمي للرصد والافتاء الالكتروني (خاص مصراوي) تفسيرا كبيرا لبعض الأحاديث النبوية الصحيحة والتي تتعلق بالصيام وشهر رمضان المبارك.
ورد عن أُبَيّ بْنَ كَعْبٍ وَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ»، فَقَالَ أُبَيٌّ: «وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي، وَوَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ، هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا، هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا» أخرجه مسلم.
وجاء في تفسير مختصي المركز لمعنى الحديث النبوي الشريف، أن في الحديث بيانا من سيد القراء أبي بن كعب- رضى الله عنه- بأنَّ ليلة القدر هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، ولم يكن مُستنده في ذلك حديثًا يُعين هذه الليلة بعينها أنها ليلة القدر، بل مستنده في ذلك وجود أمارة أي علامة ذكر في الحديث أنها توجد في صبيحة ليلة القدر، وهي أنَّ الشَّمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها، وقد طلعت كذلك في صبيحة سبع وعشرين، وبهذا يُحدد أبي بن كعب رضي الله عنه بعضًا من علاماتها وهي كون الشَّمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها وهي من أصح العلامات مع تحديد ليلة السَّابع والعشرين؛ لأنَّ وقوع ليلة القدر ووجود علامتها في الليلة السَّابعة والعشرين في سنة لا يستلزم وقوعها في هذه الليلة في كل سنة، لأنها تنتقل من ليلة إلى أخرى في وتر من ليالي العشر الأواخر، وقد ثبت وجود علامة هذه الليلة صبيحة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والشَّمس في صبيحتها لا شُعاع الشمس أي تطلع غير ناشرة أشعتها؛ وذلك لكثرة الملائكة الذين يصعدون إلى السَّماء، وفائدة ذلك معرفة يومها، إذ يسن الاجتهاد فيه كليلتها والأظهر أنَّ فائدة العلامة أن يشكر من قام تلك الليلة ووفق لقيامها بحقها على حصول تلك النعمة العظيمة، وإلا فيتأسف على ما فاته من الكرامة، ويتدارك في السَّنة الآتية، وإنما لم تُجعَل العلامة في أولها؛ إبقاءً لها على إبهامها، وذكر بعض العُلماء علامات أخرى منها زيادة النور والطمأنينة في تلك الليلة، طمأنينة القلب وانشراح الصَّدر من المؤمن، وتوجد بعض العلامات التي لا أصل لها ومنها: أنَّ الأشجار في تلك الليلة تسقط إلى الأرض ثم تعود إلى منابتها وأنَّ كل شيء يسجد فيها ، وذكر بعضهم أنَّ المياه المالحة تصبح في ليلة القدر حلوة ،وذكر بعضهم أنَّ الكلاب لا تنبح فيها ولا ترى نجومها ، وهذا كله لا يصح ، فلا نعتقد أنَّ ليلة القدر لا ينالها إلا من رأى الخوارق بل فضل الله واسع ورب قائم تلك الليلة لم يحصل منها إلا على العبادة من غير رؤية خارق وآخر رأى الخارق من غير عبادة والذي حصل على العبادة أفضل والعبرة إنما هي بالاستقامة فإنها تستحيل أن تكون إلا كرامة بخلاف الخارق فقد يقع كرامة وقد يقع فتنة كما قال ابن المنير- رحمه الله تعالى- .
أما علامة نزول المطر؛ لحديث أبي سعيد الخدري وفيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : «... فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فِي كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: مُطِرْنَا لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِي مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَقَدِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌّ طِينًا وَمَاءً» [ البخاري(2027)، ومسلم (1167)] فهذه العلامة أعني نزول المطر الشَّديد علامة خاصة ، فليست هذه العلامة عامة لكل زمان ومكان، وإنما هذه العلامة صالحة لهذه الليلة من هذا العام من هذا الشهر، في حين رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ليلة القدر حينئذ، فقد كانت العلامة في السنة التي حكاها أبو سعيد الخدري -رضى الله عنه- نزول المطر؛ لأننا نرى كثيرًا من السِّنين تنقضي من شهر رمضان دون مطر مع اعتقادنا جزمًا أنه لا يخلو رمضان من ليلة القدر.
فيديو قد يعجبك: