هل تصح تسمية الانسان بأسماء الله سبحانه وتعالى؟
إعداد - محمد قادوس:
أسماء الله الحسنى هى 99 أسماء سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد من رسله أو استأثر الله بها في علم الغيب عنده، لا يشبهه ولا يماثله فيها أحد، وهي حسنى يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله، لا يعلمها كاملة وافية إلا الله.
يوجد بعض الأسماء التي لا يجوز لأحد أن يسمي بها أي شخصٍ آخر من المخلوقين، حيث إن هذه الأسماء خاصة خصوصية تامة بالله تعالى وحده، ومن هذه الأسماء (الله)، لا يجوز تسمية أحد من المخلوقين بهذا الاسم لا على سبيل ترادف المعنى أو غيره وكذلك اسم (الرحمن) لا يجوز أن يسمي ولا يوصف به غير الله لأن الألوهية والرحمة الواسعة الشاملة التي فيها وصف لازم للرحمة ولا تكون إلا لله تعالى.
أما بالنسبة لبقية الأسماء، فإن قُصِد بها ما يقصد بأسماء الله من الدلالة على العلمية والوصفية، فهي ممنوعة، وإن قُصِد بها مجرد العلمية فقط فهي ليست ممنوعة، ومثال ذلك الاسمين (الحكم) و(الحكيم) من أسماء الله، فلا بأس إن سمينا شخصاً (بالحكم) أو (بحكيم) ولم نقصد بذلك معنى الحكمة فيه، ودليل ذلك أن من بين الصحابة من كان اسمه حكيم والحكم ولم ينكر النبي عليه الصلاة والسلام عليهما ذلك.
لكن إن قصدنا بالتسمية هذا المعنى الذي اشتققنا منه هذا الاسم فهذا لا يجوز؛ لأن هذا من خصائص أسماء الله الحسنى التي يراد بها الاسم والوصف، وكذلك على سبيل المثال، إن سمينا رجلاً (بصالح) فهذا لا يعني أنه إنسان صالح، أو اسم (سلمان) فهذا لا يعني أنه شخص سليم لا عيوب به، لربما كان من أصحاب الأمراض وليس به شيء سليم، ولكن سميناه بهذا الاسم فقط كاسم علمٍ مجرد من أية صفة.
ذاً فأسماء الله هي أعلام مشتقة من صفات وتدل على معنى، وأما أسماء المخلوقين فهي أعلام مجردة لا تدل على صفةٍ بهذا المخلوق، فهي جامدة من غير أية دلالة معنى أو صفة.
أسماء الله تعالى توقيفية:
معنى توقيفية، أي أنها موقوفة على ورود الشرع بها، فهي التي يتوقف إثباته أو نحوه على قول الشرع، إذاً لا يجوز لنا أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه، والأدلَّة على ذلك تأتي من الأثر والنظر كالتالي.
الدليل من الأثر:
قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، فإثبات اسم الله لم يسم به نفسه، فهذا من القول على الله بلا عِلم وهو حرام وذلك لقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.
من طبيعةِ الإنسان أن يستاء إن سميناه بما لم يسم به نفسه أو ما لم يسمه به أبوه، فمن باب الأولى أن نتأدب مع الخالق سبحانه وتعالي وأن لا نتعدى عليه بتسميته بما لم يسم به نفسه، وكما أن الله تعالى قال، {وللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى}، أي أنها بلغت كمال الحسن، فهي خاليةٌ من النقصان، فمن أين لنا أن نعلم إن سمينا الله باسمٍ من عندنا أن هذا الاسم بلغ كمال الحسن، كما يريده الله سبحانه وتعالى لنفسه.
فالواجب علينا جميعا التعرف إلى أسماءِ الله وصفاته الدالة عليه، حتى نكون أكثر عِلماً بخالقنا من غير مبالغة بذلك ولا تقصير، فما ورد بالشرع نأخذه كما هو من غير زيادةٍ أو نُقصان، كما أننا نأخذ هذه الأسماء والصِّفات بفهم الشرع، ولا نتعدَّى بالسؤال عنها، فما سأل عنه الصحابة رضوان الله عليهم نأخذه، وما سكتوا عنه نتركه، فلا يأتِ سائل ويسأل عن أمورٍ لم يتكلم بها لا الشارع ولا الصحابة من قبل.
فيديو قد يعجبك: