لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إعجاز القرآن في مواجهة أعداء الإسلام

04:14 م الخميس 23 أكتوبر 2014

بقلم: د. زغلول النجار

بقلم: د. زغلول النجار

{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ}.. (‏ فصلت‏:53).

‏و‏(‏الآفاق‏)‏ جمع‏ (‏أفق‏),‏ والأفق هو دائرة تقاطع الكرة السماوية مع الأرض الكروية‏ ويشار بذلك إلي كل ما يمكن أن يري من الكون من فوق سطح الأرض.

و(الأنفس) جمع (نفس) والنفس هي الروح بعد تلبسها بالبدن, وهي إشارة إلي ذات الإنسان. وهذه قضايا تدخل من العلوم المكتسبة في الصميم.

والقرآن الكريم هو في الأصل كتاب هداية للإنسان في القضايا التي يعلم ربنا تبارك وتعالي بعلمه المحيط أن الإنسان يعجز عجزا كاملا عن وضع أية ضوابط صحيحة لنفسه فيها, وذلك من مثل قضايا العقيدة, والعبادة, والأخلاق والمعاملات والتي تمثل ركائز الدين.

وكل قضية من هذه القضايا في القرآن الكريم تشهد له بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق.

وبالإضافة إلي ركائز الدين فإن القرآن الكريم يحوي أكثر من (1200) آية كريمة تتحدث عن الكون أو عن شيء من مكوناته وظواهره. وهذه الآيات صيغت صياغة فائقة الدقة العلمية حتى تكون شاهدة للناس ــ كل الناس ــ في زمن العلم الذي نعيشه بأن القرآن هو كلام الله الخالق.

من هنا كانت ضرورة الاهتمام بقضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم لمبررات عديدة منها ما يلي:

1 ــ إن القرآن الكريم أنزل إلينا لنفهمه, والآيات الكونية فيه لا يمكن فهمها فهما صحيحا في إطار اللغة وحدها ــ علي أهمية ذلك وضرورته ــ.

2 ــ إن الدعوة بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم هي الوسيلة المناسبة لأهل.

عصرنا ــ عصر العلم والتقنية الذي نعيشه. وقد فتن الناس فيه بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة, ونبذ أغلب أهل الأرض الدين وراء ظهورهم ونسوه, وأنكروا الخلق, وتنكروا للخالق, كما أنكروا البعث والحساب والجنة والنار وغير ذلك من الغيبيات. فانطلقوا لمحاربة الحق وأهله متمثلا في الإسلام العظيم كما تكامل وحفظ في بعثة الرسول الخاتم صلي الله عليه وسلم. لذلك فلم يبق أمام أهل عصرنا من وسيلة مقنعة بالدين الإسلامي الحنيف قدر إقناع الإعجاز العلمي في كتاب الله وفي سنة خاتم أنبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم.

3 ــ الأصل في الحضارات الإنسانية أنها تتكامل فيما بينها ولا تتصارع. ولكن في زمن العولمة الذي نعيشه تحاول الحضارة المادية الغالبة ــ بما فيها من كفر بواح أو شرك صراح ــ أن تفرض قيمها الهابطة علي غيرها من الحضارات. وتوظف في ذلك كل ما توافر لها من وسائل الغلبة المادية وأسبابها. وقد أسقط الأعداء من أيدي المسلمين في هذه الأيام كل الوسائل المادية التي يمكن لهم الدفاع بها عن أنفسهم ومقدساتهم. وتم ذلك في سلسلة طويلة من المؤامرات التي بدأت باحتلال أراضي غالبية الدول المسلمة, والعمل علي تغريبها, كما عملوا علي تمزيق الأمة الإسلامية إلي أكثر من ستين دولة ودويلة, وعلي نهب ثرواتها, ويعملون الآن علي المزيد من تفتيتها في زمن التكتلات البشرية الكبيرة الذي نعيشه.

4 ــ إن كلا من الإسلام والمسلمين يتعرض اليوم لهجوم شرس في كافة وسائل الإعلام بغير حق. والقائمون علي تلك الوسائل من غلاة كل من الصهاينة وعملائهم من المتغربين من أبناء المسلمين الذين أخذوا موقفا معاديا للدين, هؤلاء جميعا ينكرون سماوية الإسلام, وربانية القرآن الكريم, ونبوة خاتم الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وسلم في وقاحة سافرة. وأهم الوسائل وأنجعها للرد علي هذا الهجوم هو إثبات الإعجاز العلمي في كل من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم.

5 ــ إن العالم اليوم يتحرك في اتجاه كارثة كبري, وقودها تطور علمي وتقني مذهل, يطغي أصحابه ويغريهم بإفناء وإبادة غيرهم في غيبة الوعي الديني الصحيح والالتزام الأخلاقي والسلوكي اللذين يرعيان حق الله وحقوق الأخوة الإنسانية حق رعايتها. والمخرج من ذلك هو الدعوة للدين الحق, ومن أوضح وسائل الدعوة إليه في زمن العلم الذي نعيشه هو ما جاء في كتاب الله تعالي وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم من إعجاز علمي يقنع المنبهرين بالعلم ومعطياته في زمن تفجر المعارف العلمية الذي نعيشه كما قد لا يقنعهم أي أسلوب آخر.

6ــ إننا ــ معشر المسلمين ــ قصرنا كثيرا في التبليغ عن الله تعالي وعن رسوله صلي الله عليه وسلم, وقد كلفنا بالتبليغ عنهما. ونحن اليوم نجني ثمار ذلك التقصير كله: حروبا طاحنة علي كل أرض من أراضي المسلمين.

7 ــ إن في إثارة قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم استنهاضا لعقول المسلمين, واستثارة للتفكير الإبداعي فيها, وتشجيعا علي استعادة الاهتمام بقضية العلوم والتقنية التي تخلفت فيها الأمة مؤخرا تخلفا كبيرا. وبذلك أخذت الهوة الفاصلة بيننا وبينهم في مجال العلوم والتقنية تزداد اتساعا وعمقا يوما بعد يوم, وأصبحت مخاطر ذلك علينا تتضاعف مع تزايد تلك الهوة عمقا واتساعا.

هذا بالإضافة إلي حاجة العلوم المكتسبة اليوم إلي التأصيل الإسلامي الدقيق, إنصافا لكل من العلم والدين, وذلك لأن هذه المعارف لم تنطلق في بداية عصر النهضة إلا بعد معارك شرسة بين الكنيسة وطلاب العلم. وقد انتهت هذه المعارك بهزيمة للكنيسة الغربية فانطلقت العلوم المكتسبة كلها في الغرب من منطلقات مادية بحتة, منكرة أو متجاهلة كل القضايا الغيبية, فأنكرت الدين والروح والأخلاق والقيم, وتقدمت علميا وتقنيا تقدما مذهلا دون فهم لرسالة الإنسان في هذه الحياة مما يشكل واحدة من أكبر الكوارث التي تواجه عالم اليوم. وبافتتان عدد من أبناء المسلمين بهذا الموقف العدائي من الدين قلدوه تقليدا أعمي دون أدني قدر من التبصر.

8 ــ إن القرآن الكريم نزل للناس كافة: عربهم وعجمهم وفي ذلك يقول ربنا تبارك وتعالي: {هَذَا بَلاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}.. (إبراهيم : 52). ومعني هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم بلاغ لكل الناس في كل مكان وزمان. ويؤكد ربنا عز وجل هذا المعني في خطابه إلي خاتم أنبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم بقوله العزيز: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ}.. (الأنعام : 19).

9 ــ وإذا كان جانب الإعجاز اللغوي ميسرا للعرب كي يفهموه, فلا بد وأن يكون في القرآن الكريم من الجوانب الأخرى الميسرة لغير العرب كي يؤمنوا به. وفي ذلك يقول ربنا تبارك وتعالي: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}.. (الأنفال : 42).

ولعل في هذه المبررات (وغيرها كثير) ما يكفي للرد علي المتغربين الذين يهاجمون هذه القضية دون حجة واحدة مقبولة, وللحديث بقية إن شاء الله.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان