أول إعجاز علمي في التاريخ الاسلامي
بقلم: د.محمود عبدالله نجا
قال تعالي: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ}.. [البقرة : 17].
صاحب هذا الاعجاز العلمي التاريخي هو ابن القيم الجوزية رحمه الله فقد قال بالنص في هذه الآية: (شبه الله حال المنافقين بقوم أُوقد لهم نارا لتضيء لهم، وينتفعوا بها فلما أضاءت لهم فأبصروا في ضوئها ما ينفعهم وما يضرهم، أطفئت عنهم تلك الأنوار، وبقوا في ظلمات لا يبصرون. وقوله أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ, أي جعل ضوءها خارجا عنه منفصلا؟ ولو اتصل ضوؤها به ولابسه لم يذهب، ولكنه كان ضوء مجاورة، لا ملابسة ومخالطة. وقوله ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ, ولم يقل بنارهم, ليطابق أول الآية, فإن النار فيها إشراق وإحراق, فذهب بما فيها من الإشراق (النور) وأبقى عليهم ما فيها من الإحراق (النارية). و قال «بنورهم» ولم يقل بضوئهم، لأن الضوء هو زيادة في النور, فلو قال: ذهب الله بضوئهم لأوهم الذهاب بالزيادة فقط، دون الأصل, فلما كان النور أصل الضوء كان الذهاب به ذهابا بالشيء وزيادته. وهذا أبلغ في نفي الإبصار عنهم، وأنهم من أهل الظلمات، الذين لا نور لهم.. انتهي بتصرف).
وهذا أول تفسير ينتبه لأن العين تُبصر بالنور الذي يأتي من خارجها وليس صادر عنها كما كان يظن السابقون وخصوصا فلاسفة اليونان, ولعله تأثر في ذلك بأقوال ابن الهيثم عن آلية الإبصار ومعلوم أن ابن القيم توفي في القرن الثامن الهجري بينما توفي ابن الهيثم في القرن الخامس الهجري, وقد اشتغل ابن القيم بالطب مما يجعلنا نقول أنه غالبا اطلع علي كتاب المناظر لابن الهيثم وتأثر به في تفسيره, وربما كان ذلك أول اعجاز علمي في التاريخ الاسلامي حيث قابل ابن القيم النص الشرعي بما وصل اليه العلم في زمانه.
المصدر: موقع الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم
فيديو قد يعجبك: