لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالفيديو- كيف أصبح العواد "ديمتري الروسي" ابن بلد من الدمرداش؟

12:54 م الأربعاء 19 أبريل 2017

ديمتري الدمرداشي

كتبت – يسرا سلامة:

تصوير- أحمد النجار:

بملبس بسيط، اقترب "ديمتري" من عوده الخشبي، ربت عليه بيد حانية، قبل أن يلمس أوتاره، تمهل قليلا، سرح بخياله، في برهة تذكر أوقاتًا صعبة، كان الخوف حاضرًا، أول ليلة في القاهرة، بعيدا عن أهله، توجس على زوجته، رعب تسلل إلى نفسه من أن يلاحقه أحد من نقابة الموسيقين، التي تتطلب مزيد من الأموال من الأجانب، تجعله "غير قانوني"، توقف لالتقاط الريشة، تخلص من كل مخاوفه بالشغف، مع أول لحن يصدح من عود "ديمتري الدمرداشي".

من أحد المدن الريفية بين روسيا وجورجيا، مر ديمتري -38 عاما- على الهند ثم مصر، استقر بالدمرداش، حصل منها على لقبه الثاني، بدأت حكاية العود في 2002، حين كان عازفا بروسيا، التقى شابا سعوديا أعطاه هدية عود، اللقاء الأول للآلة التي أصبحت رفيقته "لم أكن بعيدا عن الموسيقى، كنت متصلا بكثير من الآلآت، لكن العود أمر مختلف تماما"، يتابع الروسي.

بداخل استديو كاميرا وميكرفون القاهرة، استقبلنا "ديمتري" راويا حكايته، مع العود والقاهرة ، علمته السنوات عدة كلمات مصرية " السلام عليكم، بلدي، ماشي "، بجانب أسماء المناطق والأكلات الشعبية المصرية، التي يصفها ديمتري بالعظيمة "الكشري، الفول، الطعمية"، يؤكد "لا أفضل الإسبرسو والنسكافيه، أعشق القهوة التركي".

ديمتري الدمرداشي

تيقن ديمتري من تعلمه للعود، بعد موقف حدث في الهند "لم أكن أعرف وقتها ماذا أفعل في حياتي، حتى استمعت إلى موسيقى صوفية في أحد الأماكن بدالي بالهند، شعرت أن الفراشات تتطاير من حولي، شئ ما حدث لروحي، بعدها بأسبوع قررت أن العود طريقي".

2أما القاهرة فبدأت حكايتها منذ 2009، حين جاء لزيارة سياحية لمصر من الهند، كان وقتها تعلم عزف العود، ليس متمرسا عليه بعد، زيارة إلى "بيت العود" جعلته يقطع وعدا "سأعود واستقر هنا"، ينتصر لوعده في 2012، ويبدأ انطلاقته.

قرر ديمتري أن يستقر وزوجته بالقاهرة، عن طريق المصادفة بترشيح أحد الأصدقاء اختار منطقة الدمرداش، التي قضى بها ثلاث سنوات " كنت كطفل صغير، الحياة بمصر صعبة، لكن من منا في أي بلد حياته سهلة؟!، لم يكن قرار البقاء صعبا، هذا ما قادتني إليه الحياة"، يردف العوًاد.

3

لم يكن تعليمه كما يتمنى في بيت العود "عاملوني كخواجة"، يردفها ديمتري بالعربية، حتى تعرف على عازف الناي "محمد عنتر"، يصفه بمعلمه، يظهران معا في حفلات كثنائي، يقدمان مقطوعات مختلفة، يقول ديمتري "عنتر لم يعلمني التكنيك؛ لإن العود ليس صعبا، لكنه علمني كيف أتذوق الموسيقى كعربي، أن أفهم نظرية الموسيقى، اعتقد أنني فهمتها كما المصريين والعرب ".

"ليه استايل مختلف في العزف عن اللي اتعلمناه، عنده إصرار تام إنه يبقى في الفورمة بشكل أفضل".. هكذا يصف "محمد عنتر" ديمتري، مضيفا لـ"مصراوي" إنهما تعارفا بالصدفة داخل أتوبيس متجه إلى الاسكندرية، لحضور مهرجان سيد درويش، تطورت صداقتهما لحفلات وعروض مشتركة، يقول عنتر "ديمتري متمكن من المقام العربي أكثر من عازفيين عرب".

تشكل وجدان ديمتري بالدمرداش أيضا، لم يفضل على الاطلاق السكن في مناطق مثل الزمالك أو المعادي، أحب الدمرداش" أعطته المناطق "البلدي" كما يقولها بالعربية احساسا لم تعطه دروس تعلم العود.

يتابع عن الدمرداش "الأماكن الشعبية أثرت على اتجاهاتي ورؤيتي للأشياء، وهو ما أثر على الموسيقى التي أقدمها، تعرفت كيف يفكر الناس حولي، لم أفكر كموسيقي لكني أردت أن أفكر كمصري يعيش في نفس البيئة، من هنا تنشأ الثقافة، ربما لم أحصل على هذا من المعادي أو الزمالك".

4

من الشيق العيش وسط أناس يفكرون بطريقة مختلفة".. يذكرها ديمتري على لسانه بالفيلم القصير، فيما تتحرك الكاميرا على وجوه مصرية، يفسر الجملة لـ"مصراوي" متابعا "من السهل التواصل مع أناس على طبيعتهم، جميعهم يفعلون أشياء شبيهة في بعض النقاط، أنت دائما على طبيعتك".

لمدة ثلاث سنوات، عاش ديمتري بالدمرداش، قبل أن ينتقل لمنطقة "بلدي" أخرى بالقرب من حدائق المعادي، حاملا عوده، زاهدا في ملبسه، يستنكر لفظة "أجنبي"، يؤكد "معظم جمهوري من المصريين، لم أحظ بكثير من الجمهور من روسيا كما في مصر". يذكر ديمتري إنه ذهب للمركز الثقافي الروسي للتواصل، مرتين أو ثلاث مرات، لم يساعده أحد، عاد لدرب المصريين مجددا، "أشعر أن مصر بيتي الكبير، لم أشعر بهذا في وقت محدد لكنه شعور نما بشكل تدريجي".

5

تعلم العود بشكل محترف، انخرط في الحفلات، يقول "عزفت في أغلب الأماكن التي تقدم عروضا موسيقية بالقاهرة"، لديه مشروعات مع "عنتر" ومع غيره، مثل مشروع NAR أو النار، الذي يمزج فيه ما بين الموسيقى الشرقية ونظيرتها الغربية، ومشروع "صليب صوفي"، الذي يقدم مزجا بين ترانيم مسيحية وألحان صوفية.

6

منذ عدة أشهر، تواصل مع ديمتري صديقا روسيا لإخراج فيلم قصير عنه، والذي يحمل اسم "ديمتري الدمرداشي"، للمشاركة في مهرجان دولي، يذكر العوَاد أن التصوير استغرق قرابة سبعين ساعة، متابعا "التصوير كان مرهقا، واجهت صعوبات في تصوير في الشارع وهناك من يسألون دوما ماذا تفعلون خاصة الشرطة".

"تلهمني حياتي هنا للعزف".. يتحدث "القهوة أمر طبيعي بعد السير في الشوارع، خلقت للراحة والتقاط الأنفاس"، يستكمل "مع الوقت أصبحت جزءا من حياة الناس حولي بالدمرداش، وأصبحوا هم جزءا من حياتي".

لفظ "الدمرداشي" أطلقه عليه أحد الأصدقاء البدو، بعدما سأله عن المقطع الثاني من اسمه، يعترف ديمتري "اسمي الثاني غير منطوق بالمرة، طويل وصعب"، حتى أصبح يعرف نفسه "ديمتري الدمرداشي.. أسكن بجوار جامع الشيخ كشك".

7

لا تمر الدقائق مع ديمتري دون أن يحن إلى العود، يلتقطه ليعزف لعبد الوهاب، القصبجي، وسيد درويش، لكنه يفضل الموسيقى التي قدمها المصريين قبل سيد دوريش. يحب في العود إنه آلة بلا حدود، عليها يمكن عزف الغربي والشرقي على حد سواء. تعلم العزف على آلات مختلفة مثل الربابة والكمان.

رابط فيديو مصراوي

يوميا يستيقظ ديميتري من نومه متجها إلى البروفة، أغلبها بصحبة عنتر، يستقل الميكروباص، يقدم مساءا الحفلات والعروض. عن الفرق بين البلدتين "القاهرة وروسيا مدن قديمة، لكن القاهرة أكبر في الحجم وعدد السكان، في موسكو كلما تفرعت إلى خارجها تقترب من مناطقة ريفية، بعكس القاهرة، ففي حولها مدن قائمة بذاتها".

8

"دائما ما يسألني الشباب المصري عن طرق للهجرة إلى روسيا، يسألوني جئت من روسيا لمصر؟ دلنا على الطريق إلى هناك، يسألوني لكن لا يبدو أن السؤال ليس جديا لدى الكثير، فالسفر يحتاج لأوراق رسمية وزيارات عديدة لجهات رسمية للحصول على الموافقة، اعتقد إنه الكسل".. يحكي ابن روسيا.

عايش دميتري قدوم الإخوان لسدة الحكم، رحيلهم، ومجيئ السيسي، لم يسلم من عدة مواقف كأجنبي، يتذكر موقف في وقت الحظر "في أحد الكمائن تم توقيفي، لم أكن أحمل أوراق ثبوتي حينها، تم اصطحابي للقسم، وقتها طلبت مكالمة تليفونية، فسألني المسؤول بالقسم "لماذا تريد مكالمة؟"، تعجبت، وجائوا بمترجم، وقلت لهم إنني أريد أن أحدث فلاديمير بوتين، فبعد وقت قالوا لي يالا برة برة"، يرددها ديمتري بالعربية كما سمعها.

9

ورغم السنوات في شوارع القاهرة، يمر أحيانا بلحظات عدم استقرار في المهنة، لكن يقول "دوما يسأل عني المصريين من أصدقائي"، صعوبة أخرى كان يجدها في القاهرة، لمسها وقت وجود زوجته معه، يقول "القاهرة مدينة مذكرة جدا"، يتابع "أثناء سيري مع زوجتي كان علي أن أبقى عيني مفتوحة، أن انتبه طوال الوقت".

ديمتري الدمرداشي

يسافر الشاب الروسي مرة أو مرتين كل عام لزيارة أهله بروسيا، يحدث والدته يوميا عبر واتس آب، وأصدقائه عبر فيسبوك، يحلم الشاب أن يستكمل مشروعاته الموسيقية هنا، يذكر حتى الآن لم أخطط للرحيل من القاهرة، ما دام عملي مستمر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان