جمعة: هكذا حلاوة الذكر تزيل الأقفال التي على القلوب
كتب ـ محمد قادوس:
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن ذكر اللسان هو الباب لذكر القلب، وهذا يعني أن ذكر القلب في الحقيقة أهم من ذكر اللسان، ولكن وإن كان في ذكر اللسان ثواباً إلا أن ذكر القلب هو المقصود الأهم.
وكتب فضيلته، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن الإنسان بوعيه وقلبه تتأثر سلوكياته، وبوعيه وقلبه يفعل الخير {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وبين جمعة أن ذكر القلب هو أن يستحضر الإنسان في عقله وفي نفسه معاني ما يذكر، هذه المعاني الجليلة تجدها في معني "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
وأوضح فضيلته أن هذه المعاني الجليلة تجدها في أسماء الله الحسنى في جمالها وجلالها وكمالها، نضم إليها أيضاً المعاني الجليلة التي تستقر في القلب عند ذكر آخر وهو تلاوة القرآن الكريم؛ وتلاوة القرآن الكريم تدرب الإنسان علي ذكر القلب، ربنا سبحانه وتعالي يقول { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}. فأمرنا أن نتدبر كتابه وأن نستمع إليه بوعي وأن يتلو هذا الوعي سعي في هذه الحياة الدنيا، وذكر القلب هو ما يقع بين الوعي والسعي.
وأكد المفتي السابق أن ذكر القلب هو أن أفهم عن الله سبحانه وتعالي مراده ثم بعد ذلك أنفذ هذا المراد، ولو أن القلب ذكر فإنه لا يمل بعد ذلك حيث ما شعر بحلاوة الإيمان وحلاوة الذكر، وحيث ما شعر بالأنوار التي تتلألأ في القلب فإنه لا يمل أبداً من الذكر.
سيصل حينئذ إذا ما دخل في ذكر القلب وهو الوعي بمعاني الألفاظ التي يذكر بها في مجال التسبيح والتهليل، وذكر أسماء الله الحسنى، أو يذكر بها عندما يتدبر القرآن {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.
ينبغي علينا أن نزيل الأقفال التي علي القلوب وأن نسمع القرآن وأن نفهمه، فنفهم بذلك مراد الله سبحانه وتعالى، يقول ربنا سبحانه وتعالى {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}. من أراد أن يدخل القرآن للهداية فإنه يجده هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب، ومن أراد أن يدخل القرآن للمعاكسة فإنه يجد فيه عميً لأنه في أذنه وقر {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}، هو هداية ولكن للمتقين وليس لمن دخله مختبراً أو مشاكساً أو مجادلاً أو معاكساً هذا هو ذكر القلب.
فذكر القلب يؤثر تأثيراً واضحاً ومباشراً في سلوك الإنسان، ويؤثر في سلوك الجماعة، ويؤثر في سلوك المجتمعات، ويجعل الإنسان واعياً بمكانه في هذا الكون، واعياً بقضيته التي من أجلها خلق، واعياً بمكان العبادة من العمارة، وبمكان العمارة من التزكية، وبمكان التزكية من العبادة فيكون قلباً واعياً، ولابد من ربط ذكر اللسان الذي هو مقدمة وباب لذكر القلب الذي هو المقصود الأهم من قضية الذكر التي أمرنا الله بها.
وقال: أن العلاقة بين الفكر والذكر في تربية نفس المؤمن هي علاقة تبادلية، الفكر في خلق السموات والأرض يؤدي إلى ذكر الله سبحانه وتعالى، وذكر الله سبحانه وتعالى لابد أن يستحضر الذاكر المعاني المذكورة التي يقولها بلسانه لابد أن يستحضر معناها وأن يعيشها في كيانه من الداخل حتى تنعكس عليه آثاراً اجتماعية وهو يتحرك في المجتمع في علاقاته مع الأفراد ومع أصدقائه ومع زملائه و .. الخ.
فيديو قد يعجبك: