لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أمهات صنعن رجالاً: أم الإمام البخاري.. أمير مؤمنين الحديث (4)

04:49 م الثلاثاء 19 مارس 2019

تعبيرية

كتبت – سارة عبد الخالق:

يزخر التاريخ الإسلامي بنماذج مشرفة وأمهات رائعات استطعن أن يضعن أثرهن ويصنعن رجالا بحق.. هؤلاء الأمهات كان لهن دور فعال في بناء رجال وشخصيات عظيمة حفرت أسماءها عبر العصور، وتركت علامات فارقة في عدة مجالات مختلفة.

يقدم مصراوي مجموعة حلقات تأتي تحت عنوان "أمهات صنعن رجالا" حيث يعرض فيها نماذج لأمهات كانت سندا وعونا ومحفزا لأبنائهن، ساعدتهم لكي يكونوا بحق رجالا صنعن تاريخا، منهن:

- أم الإمام البخاري:

مازال التاريخ يسطر بحروف من نور أدوار لأمهات صنعن رجالا، ومن ضمنهم: أم صالحة عابدة تقية، هي أم الإمام البخاري الملقب بـ "أمير المؤمنين في الحديث"، هو "أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري"، الذي يعد أحد كبار الحفاظ الفقهاء، ومن أهم علماء الحديث، هو صاحب أشهر وأوثق كتب السنة الصحاح ألا وهو: كتاب الجامع الصحيح المعروف باسم "صحيح البخاري" ، والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم، والذي أمضى في جمعه وتصنيفه 16 عاما.

تتلمذ على يد الإمام البخاري الكثير من كبار أئمة الحديث كالترمذي ومسلم بن الحجاج، حتى أن النووي قال عنه في كتابه (تهذيب الأسماء واللغات): "وأما الآخذون عن البخاري، فأكثر من أن يحصروا".

وأثنى عليه قتيبة بن سعد قائلا: "جالست الفقهاء والعباد والزهاد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل وهو في زمانه كعمر في الصحابة".

كان وراء هذا الإمام الجليل أم ذات تأثير قوي وفعال، جعلت منه رجلا عظيما، تبوأ منزلة ومكانة عالية، فهي التي وضعت اللبنة الأولى في تأسيس هذا الإمام الذي كان بحق إمام أهل الحديث مثلما كان يقال عنه.

"كانت والدة الإمام البخاري عابدة صاحبة كرامات، وقد رزقت حظا وافرا من الابتهال إلى الله والدعاء إليه، وكانت على جانب كبير من التقوى والصلاح، ذات عناية تامة بأولادها وتنشئتهم على الإيمان والفضيلة والعلم"، وفقا لما جاء في كتاب (ألفُ معلومة عن الإمام البخاري) لنبيل أبوالقاسم.

وتحدث أبو علي الغساني في كتابه (تقييد المهمل وتمييز المشكل) عن صلاحها وتقواها: "كان محمد ابن إسماعيل قد ذهب بصره في صباه، وكانت له والدة متعبدة، فرأت إبراهيم خليل الرحمن – صلوات الله وسلامه عليه – في المنام، فقال لها: "إن الله تبارك وتعالى قد رد بصر ابنك بكثرة دعائك وبكائك، قالت: فأصبحت وقد رد الله عليه بصره".

نشأ البخاري طفلا يتيما في كنف والدته، بعد أن توفى والده "إسماعيل" – وكنيته أبو الحسن – الذي كان من كبار المحدثين من تلاميذ وأصحاب الإمام مالك – رحمه الله – وهو صغيرا، وفقا لما جاء في (القدسي: من صحيح البخاري) لابن مقصد العبدلي - ، فاهتمت والدته بتربيته والعناية به، وحرصت على أن ينهل من العلم ويترعرع عليه، فأسلمته إلى معلم الكُتاب، وظل يتعلم على يديه إلى أن بلغ عشر سنوات.

ولم يتوقف دور والدة الإمام البخاري عند هذا الحد، بل استكملت مسيرتها، وعندما بلغ ستة عشرة سنة، خرجت معه هو وأخوه أحمد من بخارى إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، ثم رجعت الأم مع ولدها "أحمد" إلى بلادهما، وظل الإمام البخاري هناك لطلب علم الحديث.

وتحدث البخاري عن خروجه مع والدته وأخيه إلى مكة في هذا الموقف – وفقا لما جاء في (طبقات الشافعية الكبرى) لتاج الدين السبكي - :

قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم تلميذ البخاري وورّاقه وصاحبه: "قلت للبخاري: كيف كان بدء أمرك؟ قال: ألهمت حفظ الحديث في المكتب ولى عشر سنين أو أقل، وخرجت من الكتّاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخليّ وغيره، فقال يوماً فيما يقرأ على الناس: سفيان عن أبى الزبير عن إبراهيم. فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني. فقلت له: ارجع إلى الأصل. فدخل ثم خرج فقال لي: كيف يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدى عن إبراهيم. فأخذ القلم مني وأصلحه. وقال: صدقت".

قال: "فقال للبخاري بعض أصحابه: ابن كم كنت؟ قال: ابن إحدى عشرة سنة. فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء، ثم خرجت مع أمى وأخى أحمد إلى مكة فلما حججت رجع أخى بها وتخلفت في طلب الحديث، فلما طعنت في ثماني عشرة سنة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وذلك أيام عبيد الله بن موسى وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر النبى صلى الله عليه وسلم في الليالى المقمرة وقل اسم في التاريخ إلا وله عندى قصة، إلا أنى كرهت تطويل الكتاب".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان