لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ابن دقيق العيد.. قاضي قضاة مصر ومجدد المائة السابعة

03:45 م الأربعاء 01 مايو 2019

صورة تعبيرية

كتب - هاني ضوه :

ابن دقيق العيد .. عالم مصري من كبار علماء الإسلام الذين أثروا الحياة العلمية والدينية وبرعوا في مختلف علوم الدين شرحًا وتصنيفًا فكانوا منارة للعلم والوسطية.

وفي ذكرى مولده، يرصد مصراوي سيرة هذا العالم الجليل ابن دقيق العيد واسمه محمد بن علي بن وهب بن مطيع، أبو الفتح، تقي الدين القشيري المنفلوطي الأصل، الذي ولد في مثل هذا اليوم 25 من شهر شعبان سنة 625 هـ الموافق 31 يونيو 1122م، وكان مكان ولادته غريباً فقد ولد في عرض البحر الأحمر الذي كان يسمى في ذلك الوقت ببحر القلزم بالقرب من ساحل ينبع، حيث كان والده الشيخ مجد الدين القشيري وزوجته ابنة الشيح مفرح الدماميني متوجهين لأداء فريضة الحج.

وما أن وصلًا إلى بيت الله الحرام في مكة، حتى طاف والده بالكعبة المشرفة وهو يحمله ورفعه إلى السماء داعيًا الله أن يجعله عالمًا عاملًا، فاستجاب الله له وأصبح من كبار علماء عصره وصالحيهم ليس في مصر فحسب بل في بلاد الإسلام جميعًا.

وقد أرخ وترجم له عدد كبير من العلماء الذين أجمعوا على علمه وفرادته في عصره، حتى أنهم اعتبره مجدد المائة السابعة، ومنهم الإمام ابن حجر في كتابه "فع الإصر عن قضاة مصر"، والإمام السبكي في كتابه: "طبقات الشافعية الكبرى"، والإمام الإدفوي في كتابه "الطالع السعيد الجامع لأسماء نجباء الصعيد"، والإمام الإسنوي في كتابه "طبقات الشافعية" وغيرهم الكثير.

أما عن سبب تسميته بابن دقيق العيد فلذلك أيضًا قصة، تعود إلى جده "مطيع" .. فتذكر التراجم أن جده هذا كان يلبس في يوم عيد طيلسانًا ناصع البياض، فقيل كأنه دقيق العيد، فسمي به، وعُرف مطيع بدقيق العيد، ولما كان "علي بن وهب" حفيده دعاه الناس بابن دقيق العيد، واشتهر به ابنه تقي الدين أيضًا، فأصبح لا يُعرف إلا به.

حفظ ابن دقيق العيد القرآن الكريم في مدينته قوص بصعيد مصر، وسمع الحديث الشريف من والده الشيخ مجد الدين القشيري الذي كان عالمًا كبيرًا، كما تلقى الحديث كذلك عن كبار المحدثين في عصره ومنهم أبي الحسن بن هبة الله الشافعي، والحافظ المنذري، وأبي الحسن النعال البغدادي، وأبي العباس بن نعمة المقدسي، وقاضي القضاة أبي الفضل يحيى بن محمد القرشي، وأبي المعالي أحمد بن المطهر، والحافظ أبي الحسين العطار وغيرهم.

أما الفقه فقد درس الفقه المالكي كعادة أغلب أهل الصعيد على والده، ودرس الفقه الشافعي على تلميذ أبيه البهاء القفطي، ودرس علوم العربية على محمد أبي الفضل المرسي.

أراد الإمام ابن دقيق العيد أن يستزيد من العلم فقرر الارتحال إلى القاهر ليلتقي كبار علماءها، فذهب العز بن عبد السلام، الذي لازمه حتى وفاته فأخذ عنه الفقه الشافعي والأصول، وهو أول من أطلق على العز بن عبدالسلام لقب سلطان العلماء.

وكذلك ذهب إلى الاسكندرية والتقي بعلماءها،ثم تطلعت نفسه إلى الرحلة في طلب العلم، وملاقاة العلماء، فارتحل إلى دمشق في سنة (660هـ=1261م) وسمع من علمائها ثم عاد إلى مصر.

ولمكانته وعلمه فقد انتهت إليه رئاسة العلم في زمانه، وشغل العديد من المناصب فكان قاضي قضاة المسلمين في العصر المملوكي، إلى جانب ممارسته لمهنة التدريس، فتولى مشيخة دار الحديث الكاملية والفاضلية والمدرسة الناصرية التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي بجوار قبة الإمام الشافعي.

وقد نبغ رحمه الله في العديد الأخرى إلى جانب العلوم الدينية، كالخطابة، وتأليف الشعر، والنثر الذي يحاكي أسلوب القدماء في استخدام المحسنات البديعية، والسجع.

ولذلك وصفه الإمام السبكي في طباقته فقال: "ولم ندرك أحدًا من مشايخنا يختلف في أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس السبعمائة، المشار إليه في الحديث النبوي، وأنه أستاذ زمانه علمًا ودينًا".

وقال عنه الإمام ابن كثير في "طبقاته": أحد علماء وقته، بل أجلُّهم وأكثرهم علمًا، ودينًا، وورعًا، وتقشفًا، ومداومةً على العلم في ليله ونهاره، مع كبر السِّن والشغل بالحكم".

وظل الإمام ابن دقيق العيد يقضي حياته في التصنيف والتدريس والعبادة حتى لفي ربه صباح يوم الجمعة لتسعة أيام بقين من شهر صفر 702 هـ الموافق 5 أكتوبر 1302م، وهو في 77 من عمره.

ودفن رحمه الله يوم السبت، بسفح المقطم شرق القاهرة، وكان يوماً مشهوداً عزيزاً في الوجود، وقد وقف جيش مصر ينتظر الصلاة عليه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان