شيوخ الأزهر (2).. الإمام البرماوي أول شافعي يتولى منارة علوم الدين
كتب – هاني ضوه :
كان الأزهر الشريف ولا يزال منارة العلم في مشارق الأرض ومغاربها، يأتيه طلبة العلم من كل فج عميق، لينهلوا من علوم مشايخه وأخلاقهم ما يجعلهم سفراء للإسلام علماء بعلومه وفنونه المختلفة، وفي ذكرى تأسيسه في مثل هذا اليوم في السابع من رمضان عام 361 هجريًا، منذ 1079 سنة .. يستعرض مصراوي أول أئمة وشيوخ ترأسوا ذلك الصرح العلمي والشرعي الكبير وجلسوا على منبره الشريف.
بعد وفاة الإمام أبو عبدالله الخراشي المالكي أول مشايخ الأزهر الشريف، دار تنافس كبير على تولي مشيخة الأزهر بين مشايخ المالكية من تلامذة الإمام الخراشي، ومشايخ الشافعية خاصة مع بروز اسم الإمام إبراهيم البرماوي الشافعي، حتى استقر الأمر على تولي الشيخ إبراهيم البرماوي مشيخة الأزهر عام 1101 هـ/ 1690 م، ليكون بذلك ثاني مشايخ الأزهر الشريف.
والإمام البرماوي هو الشيخ العلامة الإمام: إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين بن خالد، برهان الدين البرماوي، الأزهري، الشافعي، الأنصاري، الأحمدي، شيخ الجامع الأزهر.
ولد في قرية برما دون ذكر تاريخ لمولده، وهي قرية اشتهرت بالعلماء أمثال الإمام شمس الدين البرماوي والشيخ علي البرماوي الضرير، فكانت موطنا لكثير من العلماء الراسخين في العلم، والذين جمعوا بين حسن السيرة والسمعة الطيبة، وكان مشهور فيها المذهب الشافعي لذا شب الإمام إبراهيم البرماوي على حب المذهب الشافي حتى أتقنه وأصبح علمًا فيه.
وتوجه الإمام إبراهيم البرماوي إلى القاهرة في سن الخامسة عشر من عمره، حيث التحق بالأزهر الشريف ودرس علوم اللغة العربية وعلوم الشريعة على أيدي أعلام الأزهر الشريف في عصرة مثل الشيخ الشمس الشوبري والمزاحي والبابلي والشبراملسي تلميذ الشيخ الخراشي،إلا أن الشخصية الأكثر تأثيراً فيه وكان ملازماً له فهو الشيخ أبي العباس شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي، الذي احتضن الإمام البرماوي بسبب نبوغه وتفوقه وذكاءه، وهو ما أهل الإمام البرماوي للتصدى للتدريس والجلوس مكان أستاذه الشيخ القليوبي مبكرًا.
وعلى نجم الشيخ الإمام البرماوي على أقرانه وبدأ طلبة العلم يقبلون عليه، فاستطاع تربية جيل كبير من الأزهرين النجباء ومنهم الشيخ العجلوني، والشيخ علي بن المرحومي، والشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي تولى مشيخة الأزهر فيما بعد وكان السادس في ترتيب المشيخة وقد كان من ألمع تلاميذه.
وتولى الشيخ البرماوي مشيخة الأزهر سنة 1101 هـ/ 1690 م، ولمدة 6 سنوات وهو ثاني من ولي المشيخة.
وقد شهد عهده صراعًا بين مشايخ المالكيَّة والشافعيَّة، بعد أن خرجت مشيخة الأزهر من أيدي المالكية على يداه ولم يكن شيخ الأزهر يُعيَّن من قِبَلِ أولياء الأمور، وإنما كان يُختار من بين علماء المذهب المسيطِر، فإذا كان النُّفوذ للمالكيَّة كان مالكيًّا، وكان النُّفوذ أيَّام الشيخ الخراشي سلفه للمالكيَّة ولهذا كان تولِّي الشيخ البرماوي لمشيخة الأزهر وهو شافعيٌّ يُعتَبر أمرًا غريبًا.
اهتم الإمام البرماوي بالعديد من القضايا التي برزت في عصره وكان الحديث دائرًا عليها، فعالجها بكتاباته ومصنفاته، ومنها قضية الخوارق التي يُمِدُّ الله تعالى بها مَن يصطفي مِن خلْقِه على سبيل التأييد والتكريمِ.
وقدم شرحًا مفصلًا لأبيات العلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى، جمع فيها أسماء من تكلَّموا في المهد وبدأها بقوله: تكلَّم في المهدِ النبيُّ مُحمد * ويحيى وعيسى والخليلُ ومريم وشرح هذه الأبيات مستعرضا ما ورد من أحاديث وأخبار صحيحة في سبب نطق هؤلاء المذكورين في أبيات السيوطي.
كما قدم شرح مفصل للأمور الفقهية على متن أبى شجاع على شرح ابن قاسم (الغزي) في الفقه الشافعي.
هذا فضلًا عن الكثير من المؤلفات المهمة في الحديث، وفقه الشافعية، والفرائض، والمواريث، والتصوف، منها:
1- حاشية على شرح الشيخ يحيى القرافي لمنظومة ابن فرح الإشبيلي في علم مصطلح الحديث.
2- حاشية على شرح ابن قاسم (الغزي) في الفقه الشافعي.
3- حاشية على شرح السبط (وهو المارديني المتوفى سنة 907 هـ) على الرحبية في الفرائض.
4- الميثاق والعهد فيمن تكلم في المهد.
5- رسالة في الدلائل الواضحات في إثبات الكرامات، والتوسل بالأولياء بعد الممات في التصوف والتوحيد.
6- حاشية على شرح الشيخ "القرافي" لمنظومة ابن فرح الأشبيلي، وهي منظومةٌ في علم مصطلح الحديث.
فيديو قد يعجبك: