لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى ميلاده.. الإمام البخاري جامع الأحاديث النبوية وصاحب أوثق المؤلفات الإسلامية

05:36 م الأحد 16 يونيو 2019

الإمام البخاري

كتبت – سارة عبد الخالق:

حتى الأئمة والعلماء لم تخل حياتهم من المحن والأزمات والصعوبات التي مرت عليهم طوال حياتهم، وفي مثل هذا اليوم 13 من شهر شوال في ذكرى ميلاد أعظم وأشهر علماء الحديث الملقب بـ "أمير المؤمنين في الحديث"، وهو "إمام أهل الحديث في زمانه" كما قال عنه ابن كثير، وقال عنه مسلم بن الحجاج: "دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله"؛ إنه الإمام الجليل "البخاري"..

يعد الإمام البخاري "أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري" الذي ولد في مثل هذا اليوم الموافق 13 شوال من عام 194 هـ، صاحب أوثق وأشهر الكتب التي وضعت في الحديث النبوي الشريف "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وسنته وأيامه" والمعروف بـ (صحيح البخاري)، هذا المصنف الذي استغرق في جمعه وتصنيفه 16 عاما.

وقد ذكر المؤرخون أن الباعث للبخاري لتصنيف صحيحه: انه كان يوما في مجلس عند إسحاق بن راهويه فقال إسحاق: "لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة النبي – صلى الله عليه وسلم –"، فوقع هذا القول في قلب البخاري فأخذ في جمع الكتاب"، وقد روي عن البخاري نفسه أنه قال: "رأيت النبي – صلى الله عليه سلم – كأني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب عنه، فسألت بعد المعبرين فقال: إنك تذب عنه الكذب، فهو الذي حملني على إخراج الصحيح"، وفقا لما جاء في (شذرات الذهب في أخبار من ذهب) لابن العماد الحنبلي، و(أطلس أعلام المحدثين) لسامي بن عبدالله المغلوث.

وكان البخاري قد قصد في صحيحه إلى إبراز فقه الحديث الصحيح واستنباط الفوائد منه، وجعل الفوائد المستنبطة تراجم للكتاب أي عناوين له، أما عن عدد الأحاديث في صحيح البخاري، قال ابن الصلاح والنووي: إن عدد أحاديثه (7275) حديثا، وبدون المكرر أربعة آلاف.

وقد اتخذ الإمام البخاري منهجا مميزا في اختيار شيوخه وفي بحثه؛ وعن ذلك يقول الإمام البخاري – وفقا لما جاء في مقدمة شرح البخاري للنووي -: "كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة وليس عندي حديث لا أذكر إسناده"

هذا المؤلف الذي لاقى إقبالا واهتماما كبيرا من قبل العلماء واعتنوا به عناية فائقة سواء بالشرح والتعليق والدراسة وسطروا فيه العديد والعديد من المصنفات والمؤلفات، حتى أن النووي قال: "أول مصنف في الصحيح المجرد، صحيح البخاري، ثم صحيح مسلم، وهما أصح الكتب بعد القرآن".

وعلى الرغم من مكانة وأهمية مؤلف (صحيح البخاري) بين كتب الحديث الستة الصحاح، ومنزلة مؤلفه "الإمام البخاري" – رحمه الله – فلم يسلم من نقد المشككين الذين رأوا أن صحيح البخاري به أحاديث ضعيفة، وتعرضه لحملة تشويه، فقد تصدى للرد على ذلك ابن حجر العسقلاني في كتابه(هدي الساري مقدمة فتح الباري) في رد على هؤلاء المشككين.، حتى أن هذا التشكيك طال الإمام البخاري في وقتنا الحاضر.

ولم يكن الإمام البخاري بمنأى عن الأزمات والمحن منذ صغره، فقد نشأ البخاري "طفلا يتيما" بعد أن توفى والده "إسماعيل" – وكنيته أبو الحسن - الذي كان من كبار المحدثين من تلاميذ وأصحاب الإمام مالك – رحمه الله – و صغيرا، واهتمت أم برعايته وتربيته.

أما المحنة الكبرى التي تعرض لها في صباه، فكانت "فقد بصره"، كان محمد ابن إسماعيل قد ذهب بصره في صباه، وكانت له والدة متعبدة، فرأت إبراهيم خليل الرحمن – صلوات الله وسلامه عليه – في المنام، فقال لها:" إن الله تبارك وتعالى قد رد بصر ابنك بكثرة دعائك وبكائك، قالت: فأصبحت وقد رد الله عليه بصره"، وفقا لما ذكره أبو علي الغساني في كتابه (تقييد المهمل وتمييز المشكل) متحدثا عن صلاح وتقوى والدة الإمام البخاري .

شب الإمام البخاري ونهل من العلم الكثير وأصبح له شأن كبير في العلم وذاع صيته، فقد تعرض إلى محنة وأزمة عظيمة عندما وقعت بلاده لفتنة كبرى شغلت بال وفكر المسلمين امتدت لحوالي 15 عاما؛ ألا وهي: "فتنة خلق القرآن"؛ حيث ذهبت بعض الآراء وقتها إلى أن القرآن "مخلوق" فيما رفض البعض الآخر هذا القول، مما تسبب في وقوع فتنة، وطالت هذه الفتنة الإمام البخاري" بسبب الغيرة والحسد.

فعندما حضر الإمام البخاري إلى نيسابور ولاقى حفاوة وترحيب واهتمام كبير من قبل الناس، وقعت الغيرة في نفوس وقلوب البعض بسبب هذا الترحاب والاهتمام الكير الذي وجده الإمام البخاري، وحول هذا قال"أبو أحمد بن عدي الجرجاني": "ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور واجتمع الناس عليه حسه بعض من كان في ذلك الوقت من المشائخ لما رأى من إقبال الناس عليه فقال لأصحاب الحديث إن محمد بن إسماعيل يقول اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه، فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أو غير مخلوق فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ثلاثا، فالتفت إليه البخاري في الثالثة، فقال القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة، فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه"، وفقا لما جاء في (تغليق التعليق على صحيح البخاري – ابن حجر العسقلاني).

ومن الأزمات الأخرى التي تعرض لها الإمام البخاري في حياته، هي "أزمته مع أمير بخارى"؛ كان الإمام البخاري يساوي بين الناس عامة، فلا يريد أن يميز أحد على الآخر، وهذا ما تسبب له في أزمة مع أمير بخارى، حيث طلبه الأمير لكي يقرأ كتبه على أولاده في منزله، لكن الإمام البخاري رفض ذلك حرصا منه على عدم تمييز أولاد الأمير على غيرهم، فتسبب هذا الرفض في إخراجه من البلاد، وقد تحدث أبو بكر أحمد الخطيب البغدادي في كتابه (تاريخ بغداد وذيوله) متحدثا عن هذه الواقعة قائلا:

"أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير خليفة الطاهرية ببخارى سأل أن يحضر منزله فيقرأ [الجامع] و[التاريخ] على أولاده فامتنع أبو عبد الله عن الحضورعنده، فراسله أن يعقد مجلسا لأولاده لا يحضره غيرهم فامتنع عن ذلك أيضا وقال: لا يسعني أن أخص بالسمع قوما دون قوم".

وبعد هذه الأزمة الأخيرة التي تعرض لها الإمام البخاري مع أمير بخارى، انتقل إلى إحدى قرى سمرقند، وظل هناك لفترة واشتد مرضه حتى أنه دعا الله قائلا: "اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك"، وتوفاه الله تعالى في 1 شوال من عام 256 هـ عند صلاة العشاء، ودفن بسمرقند وله ضريح معروف هناك .

يذكر أن الإمام البخاري ولد ببخارى في إحدى مدن أوزبكستان حاليا، وقد اختلف في أصله هل هو عربيا أم فارسيا أو تركيا؟!، وقد أتم حفظ القرآن الكريم وهو صبيا، كما حفظ أمهات الكتب في زمانه، كما بدأ في سن مبكر في حفظ الأحاديث وطلب العلم، وزار العديد من البلدان لأخذ العلم على يد كبار المشايخ.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان