"أم السعد" شيخة المقرئين التي تتلمذ على يديها مقرئ الرؤساء
كتبت – آمال سامي:
كثيرون هم مشاهير مقرئي القرآن الكريم في مصر، لكن النساء المقرئات لا يحظين بنفس الشهرة، على الرغم من أن كثيرا من هؤلاء المشاهير حفظوا القرآن وتلقوا علومه على يد النساء العالمات الحافظات لكتاب الله عز وجل، وأحد هؤلاء هو الشيخ أحمد نعينع مقرئ الرؤساء، حيث تلقى نعينع علوم القرآن والقراءات السبع على يد الشيخة "أم السعد" بالإسكندرية على مدار عشر سنوات كاملة، وعلى الرغم من أنها لا تحمل شهرة واسعة بين عموم المصريين، إلا أنها تتمتع بمكانة عالية ورفيعة بين تلامذتها المقرئين.
تحفظ "أم السعد" القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بينها وبين الرسول 27 راويًا عن طريق الشاطبية 27 راويًا، وهكذا فكل من تعلم على يدها ومنحته إجازة هو يحمل إجازة متصلة إلى الرسول، تقول أم السعد أن كثيرين من أعطتهم الإجازة في إحدى القراءات القرآنية العشر، وقليلون هم من أجازتهم بالقراءات العشر، وتروي في حوار صحفي بموقع إسلام أون لاين معها منذ ثمانية عشر عامًا أجراه معها الصحفي الراحل حسام تمام، أنها تتذكر جيدًا كل من أجازتهم وكل إجازة أعطتها لأحدهم مختومة بختمها الخاص الذي تحتفظ به دائمًا ولا تسلمه لأحد مهما كانت ثقتها فيه، وأشهر هؤلاء المقرئ أحمد نعينع أما أقربهم إلى قلبها فهو زوجها الشيخ محمد فريد نعمان، الذي كان أحد أشهر قراء إذاعة الإسكندرية، وهو صاحب أول إجازة منحتها أم السعد.
تقول أم السعد عن قصة زواجها: لم أستطع الوفاء بالوعد الذي قطعته لشيختي نفيسة بعدم الزواج.. كان يقرأ علي القرآن بالقراءات.. ارتحت له.. كان مثلي ضريرًا وحفظ القرآن الكريم في سنّ مبكرة.. درَّست له خمس سنوات كاملة وحين أكمل القراءات العشر وأخذ إجازاتها طلب يدي للزواج فقبلت"، واستمر زواجهما أربعين سنة كاملة لم تنجب فيها أولادًا.. وتعلق قائلة: "الحمد لله.. أشعر بأن الله تعالى يختار لي الخير دائمًا.. ربما لو أنجبت لانشغلت بالأولاد عن القرآن وربما نسيته".
ولدت أم السعد محمد علي نجم في قرية البندارية بمحافظة المنوفية في الحادي عشر من يوليو عام 1925، وفقدت بصرها بعد ولادتها بنحو عام، ومن هنا بدأت رحلتها مع القرآن الكريم، حيث أتمت حفظه وهي في الخامسة عشرة من عمرها، وبعد ذلك اتجهت إلى الشيخة "نفيسة أبو العلا" وكانت حينها من أشهر معلمات القرآن الكريم حتى تحصل على إجازة في القراءات العشر، لكن الشيخة نفيسة اشترطت عليها ألا تتزوج أبدًا، وقبلت أم السعد الشرط، وحصلت على إجازة منها في القراءات العشر في الثالثة والعشرين من عمرها، لكنها خالفت تلك الوصية بعد وفاة الشيخة نفيسة بعد مرور 6 سنوات على وفاتها.
"كانت الشيخة أم السعد خفيفة الظل رغم وقارها الشديد، وحين كنت تجلس في مجلسها تشعر كأن الملائكة تزاحمك في المكان، لأن حياتها كلها ليل نهار كانت في القرآن" يقول عنها الشيخ محمد اسماعيل المقدم، عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية، وكان المقدم من المقربين للشيخة أم السعد ونعاها في إحدى محاضراته وكان زوجها محمد فريد نعمان أحد شيوخ المقدم.
رحلت أم السعد عن عالمنا في العاشر من رمضان الموافق 9 أكتوبر عام 2006، وأطلقت بعدها لجنة شئون القرآن الكريم بالدعوة السلفية مسابقة باسمها للقرآن الكريم وعلومه، أما تركتها العلمية، فقد أوصت بها كاملة للشيخ أسامة الأباصيري، حيث ذكر في أحد الحوارات الصحفية أنها أوصت له بكل متعلقاتها من أختام إجازة القرآن الكريم وغيرها.
فيديو قد يعجبك: