آية ومعنى (7): الأزهر للفتوى يفسر قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}
كتب- محمد قادوس:
يقدم مركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء الالكتروني (خاص مصراوي) تفسيرا ميسرا لبعض آيات من القرآن الكريم على مدار الشهر الكريم، ومن سابع الآيات قول الله تعالى.. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.. [ التحريم: 6].
وأشار مختصو المركز في تفسير معنى الآية الكريمة إلى أسلوب من أساليب التربية، وهو أن يكون المربي قدوة في نفسه، ليؤثر في أسرته وزوجته وأولاده والمحيطين به، بأن يقي نفسه من نار جهنم، وذلك بفعل الطاعات والعبادات والتحلي بالأخلاق الحسنة واجتناب المحرمات والمنهيات والموبقات، وحماية النفس من عقاب الله عز وجل، فإذا ارتكب المربي المحرمات فقد التأثير فيمن حوله، ولذلك قدَّم في الآية وقاية النفس على وقاية الأهل.
كما تحثُّ الآية الكريمة المربيين والآباء والأمهات على تحمل المسئولية تجاه أولادهم، وذلك برعايتهم وتربيتهم تربية حسنة، وتنشئتهم على الإيمان وطاعة الله عز وجل، وحب القرآن والصلاة وفعل الخيرات، فإنك ـ أيها المربي ـ مسئول عنهم يوم القيامة، قال عز وجل: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، وقوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]. وعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ (وَهُوَ مَسْئُولٌ) عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا..".البخاري.
فالواجب على المربي والقائد أن يصلح نفسه أولا، ويقي نفسه من عذاب جهنم، ثم يتجه إلى تربية أسرته على مبادئ الدين الحنيف، ويغرس في نفوسهم أخلاق القرآن الكريم، والفضائل الإسلامية العليا، فلست مطالبا بنفسك فقط، بل عليك نفسك ثم أهلك وأسرتك، ثم إن أردت زيادة في البر فادع إلى اللّه عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، واعمل في محيط إخوانك ومعارفك وأصدقائك على نشر آداب الإسلام وأخلاقياته.
وقد أثنى الله عز وجل على سيدنا إسماعيل ـ عليه السلام ـ فقال: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 55]. وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: « مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ ».أبو داود. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: « رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِى وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِى وَجْهِهِ الْمَاءَ ».أبو داود.
وتُحذِّر الآية من عدم تحمل مسئولية نفسه وأسرته، بأن ضيعهم، وتخلى عن تربيتهم تربية حسنة، وتركهم ينغمسون في الشهوات والملذات والمعاصي والذنوب، فابتعدوا عن الله عز وجل وعن طاعته، فكان عقابهم نارا شديدة مستعرة، وقودها الناس من الكفرة والعصاة والحجارة، عليها ملائكة غلاظ على أهل النار، أشداء عليهم، لا يخالفون ربهم، ويسارعون إلى فعل ما يأمرهم به.فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ».
فيديو قد يعجبك: