لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى وفاته.. من هو مصطفى عبد الرازق وكيف أثبت أصالة الفلسفة الإسلامية؟

02:33 م الإثنين 15 فبراير 2021

مصطفى عبد الرازق

كتبت – آمال سامي:

تحل اليوم ذكرى وفاة العلامة مصطفى عبد الرازق، في مثل هذا اليوم الخامس عشر من فبراير عام 1947م بعد عامين من تعيينه شيخًا للأزهر الشريف خلفًا للإمام المراغي، وكان عبد الرازق أول شيخ أزهري يتولى وزارة الأوقاف في مصر أيضًا إذ اختير عدة مرات وزيرًا للأوقاف فيما بين (1937م – 1944م) وفي السطور التالية نعرض أبرز المحطات في حياة عبد الرازق، رائد الفلسفة الإسلامية..

مولده ونشأته

ولد مصطفى عبد الرازق في قرية أبو جرج بمركز بني مزار بالمنيا، وينتسب لأسرة عريقة تنتسب إلى عبد الرازق الذي تولى قضاء بهنسا، وعبد الرازق هو الجد الثالث لمصطفى فهو مصطفى بن حسن بن أحمد بن محمد بن عبد الرازق، ووالد مصطفى عبد الرازق، الشيخ حسن، تعلم في الأزهر الشريف وكان من ضمن شيوخه الشيخ الخضري الدمياطي والشيخ الأشموني وغيرهم من كبار علماء الأزهر، وكان له تاريخ وطني كبير، فانتخب في مجلس النواب في عهد الخديو اسماعيل، وكذلك انتخب بعد حله في ملجس شورى القوانين عام 1884م، لكنه ضاق زرعًا بمظالم الخديو اسماعيل وكتب عريضة وقدمها إليه وأثارت غضبه بشدة، فنفاه الخديو إسماعيل إلى السودان، لكنه عاد وعفا عنه، وكان ابيه حسن صديقًا للإمام محمد عبده واحد الذين ساهموا في انشاء الجمعية الخيرية الإسلامية بالقاهرة، وكذلك كان ممن شاركوا في انشاء حزب الأمة عام 1907.

في هذا البيت الممتليء علمًا ووطنية، ولد مصطفى عبد الرازق، وكعادة الأطفال في تلك الفترة ذهب إلى الكتاب في أول الأمر، ثم أرسله والده إلى الجامع الأزهر وعمره ما بين العاشرة والحادية عشر مثلما يروي أخيه، علي عبد الرازق، في كتاب "من آثار مصطفى عبد الرازق"، وكان أبيه يهتم للغاية بمتابعة دروسه معه، فكان في الأجازات يقرأ معه الكتب الأزهرية ويدرس معه أشعار المتنبي وغيره من الشعراء.

أصدر عبد الرازق صحيفة عائلية تجمع ما بين الفكاهة والجد، وكان يطبعها على مطبعة "البالوظة"، وأيضًا اسس جمعية غرس الفضائل بين شباب عائلته، فكان اعضاءها يجتمعون مساء الجمعة من كل اسبوع ويتناوبون على الخطبة.

علاقته بالإمام محمد عبده

يروي علي عبد الرازق علاقة اخيه بالإمام محمد عبده قائلًا إنها نشأت في كنف صداقة ابيه بالإمام، على الرغم من أن علي كان لا يرى ان مصطفى أخاه ممن يأنس إلى تعاليم محمد عبده، وهو ما جعل الاتصال بينهما لا يحدث إلا في مراحل متأخرة من رحلته العلمية، إذ بدأ في عام1903 حين بدأ مصطفى عبد الرازق في حضور دروس الإمام محمد عبده في الرواق العباسي بالأزهر حيث كان يقرأ كتاب "دلائل الإعجاز" لعبد القاهر الجرجاني، وكذلك حضر مجالس تفسيره للقرآن الكريم، والتقاه في منزله وفي منزل أبيه كذلك.

توطدت علاقة عبد الرازق بالإمام محمد عبده حتى كتب قصيدة مديح للإمام بعد عودته من رحلة أوروبا قال فيها:

أقبل عليك تحية وسلام....يا ساهرًا والمسلمون نيام

وقد رد عليه الإمام بجواب قال فيه: "ما سررت بشيء من سروري بأنك شعرت من علم حداثتك بما لم يشعر به الكبار من قومك. فلله أنت! ولله أبوك! ولو أذن لوالد أن يقابل وجه ولده بالمدح لسقت إليك من الثناء ما يملأ عليك الفضاء، ولكني أكتفي بالإخلاص في الدعاء أن يمتعني الله من نهايتك بما تفرسته في بدايتك، وأن يخلص للحق سرك ويقدرك على الهداية إليه، وينشط بنفسك لجمع قومك عليه، والسلام".

وقد تأثر مصطفى عبد الرازق كثيرًا بالإمام، وقام بترجمة "رسالة التوحيد" إلى الفرنسية وكتب مقدمة لها بالتعاون مع المسيو ميشيل برنار، وكذلك ألقى سلسلة من المحاضرات في الجامعة المصرية عام 1919م حول حياة الإمام وآراءه،

مصطفى عبد الرازق يثبت جذور الفلسفة الإسلامية

كان مصطفى عبد الرازق ومدرسته المتأثرة بالفكر الإصلاحي للإمام مرجعًا لكثير من المؤلفين والمشتغلين بالفلسفة الإسلامية، فاتبعوه في اثبات أن الفلسفة الإسلامية لم تكن مجرد نقل وتأويل للفلسفة اليونانية وإنما هي فكر إسلامي خالص، فكان هو وتلامذته من أكثر رواد حركة التجديد تأثرًا بالإمام محمد عبده.

وتظهر مكانة مصطفى عبد الرازق الفلسفية في اهتمامه بمذهب الشافعي وترجمة رسالته في أصول الفقه، وقد أثرت دراسته لرسالة الشافعي في نظرته للفلسفة الإسلامية، حيث رأى أن الشافعي كان "يفلسف" أصول الفقه وما يتصل به من مشكلات في الدين واللغة واستنباط الأحكام من النصوص، ونظر عبد الرازق كذلك إلى من خلف الشافعي فرأى أنهم لم يجادلوا في أصول الفقه وحدها بل جادلوا في الدين أيضًا وهو ما وصل به إلى أن المسلمين كانوا يفلسفون في مسائل الدين قبل أن يعرفوا الفلسفة اليونانية أصلًا وقبل أن يحسنوا علم اللاهوت عيند أهل الكتاب، وهو ما يعني أن المسلمين أنشأوا فلسفتهم الأولى من عند أنفسهم لا بمعرفة الفلسفة اليونانية وترجمتها.

كان الشيخ مصطفى عبد الرازق هو أول أستاذ مصري يكلف بتدريس مادة الفلسفة الإسلامية في التعليم الجامعي في مصر، ويعتبر كتابه "تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية" من أهم وأبرز مؤلفاته وهو الكتاب الذي ظهرت فيه رؤيته ومنهجه في دراسة الفلسفة الإسلامية وتاريخها، ويرجع إليه أكثر الدارسون والباحثون في الفلسفة الإسلامية، ويعتبر مرجعًا هامًا فيها خاصة في مجال الدفاع عن أصالة الفلسفة اإسلامية وتاريخ تطور النظر العقلي في الإسلام.

أبرز مؤلفات مصطفى عبد الرازق

ترك عبد الرازق عددًا من المؤلفات أبرزها كتاب "تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية"، الذي صدر عام 1944م وهو من أشهر كتبه وأهمها، وكتب أيضًا عن الشيخ محمد عبده وفلسفته الإصلاحية كتابًا حمل اسمه، وكذلك كتب عن الإمام الشافعي.

الشيخ مصطفى عبد الرازق

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان