لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

المفتي السابق: الجمعة ممتدة إلى العصر ويجوز أن نؤخرها لرفع القاذورات إذا ما وُجدت أمامنا

02:44 ص الجمعة 26 فبراير 2021

الدكتور علي جمعة

كـتب- علي شبل:

أكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الشرع يحض على العبادة ومن شروطها أن يتخلق المؤمن بمكارم الأخلاق، وأن ربنا سبحانه وتعالى يأبى أن نصلي وأن نصوم ثم لا تنهانا صلاتنا عن الفحشاء والمنكر، وأن نخرج من دائرة ذكر الله - سبحانه وتعالى - إلى دائرة الغفلة.

ونشر فضيلة المفتي السابق، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أنه تلقى سؤالًا من شخص لفت نظره إلى أمر خطير قال في سؤاله: إنه عند ذهابه إلى المسجد لصلاة الجمعة، ويرى الناس تسرع الخطى حتى تلحق بالخطبة وبالصلاة، لكنه رأى أكوامًا من القاذورات حول المسجد! فهل يجوز- فقهًا- أن يسارع الناس قبل صلاة الجمعة إلى رفع هذه القاذورات وتنظيف ما حول المسجد، ثم بعد ذلك يذهبون إلى صلاة الجمعة بعد ساعة أو ساعتين من بدئها؟ وهل يعد هذا التصرف تصرفًا مقبولاً في شريعة الإسلام؟ وهل هذا المسلم الذي يسارع الخطى إلى الجمعة حتى يلحق بالصلاة ويسارع الخطى بعد الجمعة حتى يعود إلى بيته وأكوام القاذورات حول مسجده أيكون قد فهم عن رسول الله - ﷺ - مراده؟

وسألني وقال: ما العلاقة بين القذارة الحسية والقذارة المعنوية؟!

ما العلاقة في أن نرى القذارة أو أن نصنعها أو أن ننشئها وبين أن نقبل الظلم فلا نقول له لا؟!

ما العلاقة بين هؤلاء الذين يدنسون حياتنا في الظاهر وفي الباطن؟

ما العلاقة بين أن نقبل عدم الطهارة بل والنجاسات يشربها ويأكلها الناس في صورة معصية نهى الله عنها كالخمر والخنزير، وبين تلك القاذورات التي يتناولها الناس كالزنا والكذب والافتراء وشهادة الزور، وبين ظلم العباد في السياسة وفى الاقتصاد وفى الاجتماع، وبين حال الأمة في العالمين؟!

وهلا تكلمتم أيها الواعظون في مسألة كهذه؟ أم أن ذلك محظور شرعًا؟

وفي رده قال جمعة: الشرع يؤخذ من كتاب الله ومن سنة رسول الله - ﷺ - لا من فعل هذا ولا ذاك، وربنا - سبحانه وتعالى - عندما أمرنا بالصلاة وهو يأمر العالمين بها وقد أرسل الرسول النبي الأمي في أمة قليلة الماء، في أمة كثيرة الأتربة والرماد والرمال، فى أمة لم يكن عندهم سيارات ولا وسائل اتصالات بل هو الخيل والإبل مما يكثر معه العناء وتكثر معه المشقة والحرج من مظان النجاسات ؛ فإنه عندما أمرنا بأمر هو عماد الدين وركنه وهو الصلاة قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}.

وأضاف فضيلة المفتي السابق أن ربنا - سبحانه وتعالى - يأمرنا باستعمال الماء ويجعل النوم ينهي هذا الاستعمال، ويجعل نواقض الوضوء الأخرى تتطلب منا أن نسارع إلى الوضوء، ويجعل - سبحانه وتعالى - الوضوء مكفرًا للذنوب، هذا ربنا وهذا مراده في كتابه {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}.

بل ويأمرنا بالاغتسال في كل بدننا بعد هذه الشهوة، ثم بعد ذلك إذا فقدنا الماء { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } وقِفْ عند كلمة {طَيِّبًا} وانظر إلى أن الله طيب يحب الطيب. {صَعِيدًا طَيِّبًا} ليس في الظاهر، فقط بل الطيب يطلق على الظاهر والباطن معًا {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ } مع قلة الماء .. مع كثرة العناء { وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ..

فحوَّل التكليف إلى تشريف، وجعل هذه المطالبة ليس من قبيل العناء وإنما هي من قبيل الطهارة التي تدخل السرور في النفس، من قبيل الطهارة التي تمنع من المعصية، من قبيل الطهارة التي تؤكد هذا المعنى من النظافة التي يحبها الله - سبحانه وتعالى -، فجعل الموجب لذلك هو الشكر وليس العفو أو المغفرة أو الرحمة، فلم يختم الآية "إن الله غفور رحيم" ، "إن الله تواب رحيم" ،"إن الله عزيز حكيم" لكنه ختمها بقوله : {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فجعلها نعمة وجعلها تشريفًا وأخرجها من نطاق التكليف ؛ وكأن الوضوء إنما هو شيء يلتذ به الإنسان ، ويا بركة من جعله كذلك.

ويقول رسول الله - ﷺ -، فيما يرويه عنه سعد بن أبى وقاص من طريق ابنه عامر فيما أخرجه البزار والترمذي : (إِنَّ الله طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ ،جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ ..) هذا هو ربنا، وهذا هو كتاب ربنا، وهذه هي سنة نبينا - ﷺ - ( ...؛ فنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ). (نظِّفوا) أمر ؛ فنحن مأمورون بالنظافة الحسية حتى تهيئ لنا بيئة، فلا نظلم ولا نتظالم ولا نقسو وإنما يكون الأمر على ما قد أرسل الله به رسوله وأنزله في كتابه أول ما تفتح {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} بداية الخطاب تدل على الكتاب، وبداية الكتاب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.

وفي نهاية رده، أكد الدكتور علي جمعة، قائلًا: نعم يجوز أن نؤخر الجمعة لرفع القاذورات إذا ما وُجدت هذه القاذورات أمامنا الآن، وتكون جمعتنا أكثر قبولاً عند الله حيث رأى فينا أننا قد فهمنا عن الله ورسوله مراده، نعم الجمعة ممتدة إلى العصر، وربنا يأبى أن نصلي الجمعة من غير وضوء فقد أمرنا به، وربنا يكره أن نصلي الجمعة من غير اغتسال فقد سنه رسول الله - ﷺ - لنا، وربنا يأبى أن نصلي وأن نصوم ثم لا تنهانا صلاتنا عن الفحشاء والمنكر، وأن نخرج من دائرة ذكر الله - سبحانه وتعالى - إلى دائرة الغفلة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان