لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل الوصية بوضع المصحف في كفن الميت جائزة شرعًا؟.. أستاذ بالأزهر يوضح (خاص)

06:01 م السبت 16 يوليو 2022

المصحف الشريف

كتب- محمد قادوس:

"هل يجوز أن أوصى بدفن المصحف معي في كفني؛ ليكون عاصمًا لي من عذاب الله تعالى"؟.. سؤال تلقاه مصراوي، وطرحه على الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، الذي أكد في رده أن القرآن الكريم له مكانته العُظمىٰ، قال تعالىٰ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [سورة الزخرف:٤]. وقال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالىٰ مبينًا معنىٰ الآية: "بيَّن شرَفَه في الملأ الأعلَىٰ ليشرِّفَه ويُعظِّمَه ويطيعَه أهلُ الأرضِ".

ونصح عضو هيئة التدريس بأنه يجب علىٰ الأُمة تعظيم قدر القرآن، وهذا ما انعقد عليه الإجماع، قال الإمام قال النوويّ رحمه الله: "أجمع المسلِمونَ علىٰ وجوبِ تعظيمِ القرآنِ العزيزِ علىٰ الإطلاقِ وتنزِيهِه وصِيانتِهْ".

واوضح الأزهري أنه من انتقص أو امتهن القرآن، ولو انتقص أو امتهن حرفًا منه فقد كفر، مستشهدا في ذلك بقول الله-تعالى- في سورة التوبة،" وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين".

وبقول القاضي عياض رحمه الله: "من استخفَّ بالقرآن أو بالمصحَف أو بِشيءٍ منه فهو كافِرٌ بإجماعِ المسلِمين".

ولذلك من وجوب تعظيمه عدم السفر به لأرض العدو من غير المسلمين، حتىٰ لا يمتهنه، وينال منه بالحرق، أو بالتمزيق، روىٰ الإمام البخاريّ والإمام مسلم عن سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قالَ: "نهىٰ سيدنا رسول الله أن يُسافرَ بالقرآنِ إلىٰ أرضِ العدوّ".

وفي صحيح الإمام مسلم: قال سيدنا رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم: "لا تُسافروا بالقرآن؛ فإني لا آمَن أن يَنالَه العدوّ".

قال الإمام النوويّ: "النهيُ عن المسَافرةِ بالمصحَفِ مخافةَ أن يَنالَه العدوّ فينتهِكوا حرمتَه، فإذا أُمنَت العِلّة فلا كراهةَ ولا مَنعَ منه".

وأشار الأزهري بما ورد بالسؤال من دفن المصحف مع الميت فهذا منكر عظيم نهىٰ الله عن فعل المنكر، مستشهدًا في ذلك بقول الله-تعالى-في سورة النحل،" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".

وأكد عضو هيئة التدريس في رده لمصراوي، وعلى ما ذكره وهو لا يجوز إنفاذ وصية الميت بدفن المصحف معه، وذلك لما فيه من امتهان للمصحف، وعدم توقيره، والإهانة والتراب عليه، ومن المعلوم أن المصحف لا يجوز وضعه في التراب، ويكون في مكان مرتفع عن الأرض توقيرًا واحترامًا لكلام الله تعالى.

وأشار الأزهري إلى بعض من الأمور التي تحدث للميت في قبره من خروج الدم أو الصديد أو البول أو البراز، وقد ينبش القبر أحد الحيوانات الضالة فيبول عليه أو يمزقه، مؤكدًا عدم ورود نحو هذه الوصية ممن سبقونا من أهل هذه القرون الثلاثة الفاضلة، عملًا بقول سيدنا رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". وهل ينفع دفن المصحف مع الإنسان العاصي، أو الذي كان يجحد الصلاة؟.

وأكد عضو هيئة التدريس أنه لا يجوز إنفاذ هذه الوصية لما في ذلك امتهان المصحف، وكون هذه الأمور من البدع التي استُحدثت في زماننا.

وأوضح الأزهري بعضا من الأمور التي تخفف عن الميت وتنفعه، مثل الصدقة ففي صحيح الإمام البخاري قال سيدنا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّ سيدنا سَعدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِي اللَّه عَنْهم تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟، قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ ( اسم لبستانه سمي بذلك لكثرة ثمره ) صَدَقَة ٌ عَلَيْهَا.

والاستغفار أيضًا كما عند الامام ابن ماجه قال سيدنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىٰ اللَّه عَلَيْه ِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّىٰ هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ.

والصيام والحج والعمرة كما في صحيح الإمام مسلم روىٰ سيدنا عَبْداللَّهِ بْن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ بَيْنَما أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىٰ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَىٰ أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ فَقَالَ وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا، قَالَ صُومِي عَنْهَا، قَالَتْ إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا، قَالَ حُجِّي عَنْهَا.

ومن أعمال الخير التي تنفع الميت أيضًا الصدقة الجارية، العلم النافع، الولد الصالح يدعو لأبيه أو لأمه، ففي صحيح الإمام مسلم، قال سيدنا رسول الله صلىٰ الله عليه وسلّم: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنه عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثةٍ: إلا من صَدَقَة جَارِيَة، أوَعِلْم يُنْتَفَعُ بِهِ، أوَوَلَد صَالِح يَدْعُو لَهُ".

وغيرها من أعمال البر والخير، كنحو قراءة القرآن وأن يهب ثواب القراءة للميت.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان