نادية عمارة توضح حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة
كتب- محمد قادوس:
تلقت الدكتورة نادية عمارة، الداعية الإسلامية والمتخصصة في الدراسات الإسلامية، سؤالًا ورد من إحدى السيدات تقول: ما حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة علمًا بأن هذا المتوفي عمل وصية بأنه يتبرع بأعضائه؟
في بداية ردها، قالت عمارة بأن ما عليه الفتوى في هذا الأمر بأنه يجوز للإنسان ان يكتب حال حياته وصية تبرعه بأعضائه الصالحة للانتفاع بها.
وأضافت عمارة، عبر إحدى حلقات برنامج قلوب عامرة المذاع على فضائية،" أون" بان هذا طالما انه يترتب على ذلك مصلحة راجحة من انقاذ حياة انسان آخر فهذا يعد من احياء النفس، مستشهدة في ذلك بقول الله-تعالى-في سورة المائدة،" وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ".
وأشارت الداعية إلى أمرين مهمين يجب ان يراعيا في هذا الأمر، هما:
1ـ ضرورة المحافظة على تكريم الانسان، ولا يهان اثناء عملية التبرع كما امر الله-تعالى-وأرشد لذلك، مستشهدة في ذلك بقول الله-تعالى-في سورة الاسراء،" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ".
2ـ يتم عملية التبرع تحت إشراف الجهات المختصة وهذا يكون مع ضرورة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لذلك الأمر.
وبناء على ذلك، فقد أوضحت عمارة أنه لو اتبع الإنسان ذلك الأمر فلا يوجد إثم على الشخص المتبرع ولا حرج.
وكانت دار الإفتاء المصرية قد أوضحت في وقت سابق جواز نقل الأعضاء سواء من الإنسان الحي إلى إنسان آخر حي، أو من الميت إلى الحي وفقًا لضوابط معينة، وهي:
أولًا: يُرخص في نقل العضو البشري من الإنسان الحي إلى الإنسان الحي بالشروط والضوابط الآتية:
1. الضرورة القصوى للنقل، بحيث تكون حالةُ المنقول إليه المرضيةُ في تدهورٍ صحيٍّ مستمر ولا ينقذه من هلاك مُحَقَّقٍ إلا نقل عضو سليم إليه من إنسان آخر بينهما درجة قرابة حتى الدرجة الثانية، ويجوز النقل حتى الدرجة الرابعة إذا حالت ضرورة دون النقل من الدرجات السابقة، ويُقَدِّرُ ذلك أهل الخبرة الطبية العدول، شريطةَ أن يكون المأخوذ منه وَافَقَ على ذلك حال كونه بالغًا عاقلًا مختارًا.
2. أن يكون هذا النقل محققًا لمصلحة مؤكدة للمنقول إليه من الوجهة الطبية، ويمنع عنه ضررًا مؤكدًا يحل به باستمرار العضو المصاب بالمريض دون تغيير، ولا توجد وسيلة أخرى لإنقاذه من الموت والهلاك الحال المحقق إلا بهذا الفعل.
3. ألا يؤدي نقلُ العضو إلى ضررٍ مُحَقَّقٍ بالمنقول منه يضر به كليًّا أو جزئيًّا أو يمنعه من مزاولة عمله الذي يباشره في الحياة ماديًّا أو معنويًّا أو يؤثر عليه سلبيًّا في الحال أو المآل بطريق مؤكَّد من الناحية الطبية؛ لأن مصلحة المنقول إليه ليست بأولى من الناحية الشرعية من مصلحة المنقول منه؛ لأن "الضَّرَرَ لا يُزَالُ بالضَّرَرِ"، و"لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ في الإسلام"، ويكفي في ذلك المصلحة الغالبة الراجحة، والضَّرَرُ القليل المُحْتَمَلُ عادةً وعرفًا وشرعًا لا يمنع هذا الجواز في الترخيص إذا تمَّ العلم به مسبقًا وأمكن تحمله أو الوقاية منه ماديًّا ومعنويًّا بالنسبة للمنقول منه، والذي يحدد ذلك هم أهل الخبرة الطبية العدول.
4. أن يكون هذا النقل دون أي مقابل ماديٍّ أو معنويٍّ مطلقًا بالمباشرة أو بالواسطة.
5. صدور إقرار كتابي من اللجنة الطبية قبل النقل بالعلم بهذه الضوابط، وإعطاؤه لذوي الشأن من الطرفين المنقول منه العضو والمنقول إليه قبل إجراء العملية الطبية، على أن تكون هذه اللجنة متخصصةً ولا تقل عن ثلاثة أطباء عدول، وليس لأحد منهم مصلحة في عملية النقل.
6. يشترط ألا يكون العضو المنقول مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال.
ثانيًا: يرخص في نقل العضو البشري من الميت إلى الحيِّ بالشروط والضوابط الآتية:
1. أن يكون المنقول منه العضو قد تحقَّق موته موتًا شرعيًّا وذلك بالمفارقة التامة للحياة أي موتًا كليًّا، وهو الذي تتوقف جميع أجهزة الجسم فيه عن العمل توقفًا تامًّا تستحيل معه العودة للحياة مرةً أخرى بشهادة ثلاثةٍ من أهل الخبرة العدول الذين يُخَوَّلُ إليهم التعرف على حدوث الموت بحيث يسمح بدفنه، وتكون مكتوبةً وموقعةً منهم، ولا عبرة بالموت الإكلينيكي أو ما يعرف بموت جذع المخ أو الدماغ؛ لأنه لا يُعَدُّ موتًا شرعًا، لبقاء بعض أجهزة الجسم حيةً؛ وذلك لاختلاف أهل الاختصاص الطبي في اعتباره موتًا حقيقيًّا كاملًا؛ لأنَّ اليقين لا يزول بالشك.
فإذا لم يمكن من قبيل الصناعة الطبية نقل العضو المراد نقله من الشخص بعد تحقق موته، ويمكن نقل العضو بعد موت جذع الدماغ، فإنه يَحْرُمُ ذلك النقل ويكون ذلك بمثابة قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
2. الضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضية في تدهورٍ مستمرٍّ ولا يُنقِذُهُ من وجهة النظر الطبية إلا نقل عضو سليم من إنسان آخر حيٍّ أو ميتٍ، ويكون مُحَقِّقًا للمنقول إليه مصلحةً ضروريةً لا بديل عنها.
3. أن يكون الميت المنقول منه العضو قد أوصى بهذا النقل في حياته وهو بكامل قُوَاهُ العقلية ودون إكراه ماديٍّ أو معنويٍّ، وعالمًا بأنه يوصي بعضو معين من جسده إلى إنسان آخر بعد مماته، وبحيث لا يؤدي النقل إلى امتهان لكرامة الآدمي؛ بمعنى أنه لا تتضمن الوصية نقل كثير من الأعضاء تجعل جسد الآدمي خاويًا؛ لأن هذا ينافي التكريم الوارد في قوله تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70].
4. ألَّا يكون العضو المنقول من الميت إلى الحي مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال كالأعضاء التناسلية وغيرها، وذلك كما هو الحال في نقل العضو من حيٍّ إلى حيٍّ تمامًا.
5. أن يكون النقل بمركز طبي متخصص مُعْتَمَدٍ من الدولة ومرخَّصٍ له بذلك مباشرةً دون أي مقابل ماديٍّ بين أطراف النقل، ويستوي في ذلك الغني والفقير، وبحيث توضع الضوابط التي تساوي بينهما في أداء الخدمة الطبية، ولا يتقدم أحدهما على الآخر إلا بمقتضى الضرورة الطبية فقط التي يترتب عليها الإنقاذ من الضرر المحقق أو الموت والهلاك الحال.
فيديو قد يعجبك: