من أطاع غضبه أضاع أدبه.. خطيب المسجد النبوي يحذر من خطر الغضب على الإنسان
كـتب- علي شبل:
تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح بن محمد البدير عن مخاطر الغضب عند الخصومة, داعياً إلى كظم الغيظ, واجتناب بواعث الغضب, وأن من الحكمة والحلم أن يلزم المرء الصمت, ويعرض عن مناكفة السفهاء والجهّال, فلا يستفزّه قيل وقال.
ووصف الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة اليوم نقلا عن وكالة الأنباء السعودية واس، الغضب أنه بذر الندامة, ومفتاح كل شر, ومبدأ السيئات, ومركب الخطيات وباعث العداوات ومذكي الخصومات, مبيناً أن من محاسن الشيم وخصال الفضل والكرم كظم الغيظ, ودفع الغضب والكظم.
وبيّن الشيخ صلاح البدير أن الكريم الكظيمُ الصَّفوح أثبت الناس عقلاً وأرجحهم أناة ونبلاً, فعَن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ما تَجَرَّعَ عَبْدٌ جَرْعَةً أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ مِن جَرْعَةِ غَيْظِ، يَكْظِمُها ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ تعالى» أخرجه أحمد.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن من أطاع غضبه أضاع أدبه, وسرعة الغضب من شيم الحمقى خفاف العقول, وإذا غضب الأحمقُ ثَارَ ثَائِرُهُ، وَفَارَ فَائِرُهُ ولكز ولطم, ورمح وجرح, إن كلّمتهُ تنمّر, وإن حركته تفجّر, وإن حاورته تسعّر, وإن خالفته تطاير شَرَارُهُ مِنَ الْغَضَبِ, وتعالى وتكبّر, وذلك دليل جهله وخفة عقله, وضعف بصيرته, وهذا شأن كل غُضْبٍ حَنِقٍ جهول عجول, ترى القلوب منه نافرة، والنفوس له عن بغض أفعاله سافرة.
وذكر أن الشديد ليس الطائش العجول الذي يصرع أقرانه, ويقهر إخوانه, إنما الشديد الحليم الصفوح الذي لا يستفزه قيل ولا قال, ولا يستخفّه السفهاء والجهال, عن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» متفق عليه.
وأضاف فضيلته: والحلم محجزة عن الغيظ والحلم مطيّة وطيئة تبلّغ راكبها قاصية المجد, وتملكه ناصية الحمد, ومن رأى العفْوَ مَغْرماً, والغضب مَغْنَمًا, فقد أساء التقدير, لأن لذة الحلم والعَفْوِ أطْيَبُ مِن لَذَّةِ التَّشفّي، فلذةُ الحلم والعَفْو يَلْحَقُها حمد العاقبة، ولذه التشفي يلحقها ذم الندم، قيل لعمر بن الاهتم: من أشجع الناس؟ قال: من رد جهله حلمه.
وَتابع الشيخ البدير منبهاً من خطر الغضب على المرء أن مِن ثَارَتْ عَلَيْهِ شَهْوَةُ الْغَضَبِ فَقَهَرَهَا بِحِلْمِهِ وغلبها بصبره وصرعها بثباته فقد قهر أقوى أعدائه وشرّ خصومه داعياً إلى اجتناب بواعث الغضب وأسبابه, ومحذراً من الإفراط في المزاح بوصفه مقدمة الغضب, وأن لا يخرج المرء من ترويح القُلُوب إلى تحريك الأحقاد الكمينة بالقذف والغيبة والاستهزاء فذلك استدراج مِن الشَّيْطانِ واخْتِداعٌ مِن الهوى.
وحذّر فضيلته من الخصومة مبيناً أنها تمحق الدين, وتنبت الشحناء في صدور الرجال, ودعا إلى تجنّب الهزُؤ والسُّخْرِيَةَ والتعيير والمماراة, والمخاصَمَة والمجادلة, والمضادة والمخالفة, والمعانَدَة والظلم والغيبة والنَّمِيمَة, والشتم والعدوان وأكل أموال الناس بالباطل, ومنع الحق, والبخس والتطفيف, فإن تلك الأفعال تؤجج بين الناس شراً وحقداً وغضباً وإذا وقع الغضب جالت الفتنة وحضر الشيطان وعميت البصائر وتقطعت حبال الأخوة وأواصر المحبة والقرابة.
وأضاف: ينبغي للزوجين إذا لاحت سحابة نزاع أمامهما أن يقطعا صوت المنازعة بالمسامحة ويحفظا طول العشرة بالمساهلة ولا يسترسلا في الجدال والخصومة, مذكراً من استفزّته طيرة الغضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم, لأن الغَضَب من إغواء الشَّيطان فمن استعاذ بالله سكن غضبه, وتحلّلت عقده، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا غضب أحدكم فقال: أعوذ بالله، سكن غضبه " أخرجه ابن عَدِي.
فيديو قد يعجبك: