بعد استدلاله الدائم بحديث "استفت قلبك".. عالم أزهري يرد على الدكتور سعد الهلالي: أي القلوب يُستفتى؟
الدكتور محمد إبراهيم العشماوي
كتب- علي شبل:
في مناقشة ورد على الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن، في استدلاله الدائم بحديث (استفت قلبك، وإن أفتاك الناس وأفتوك)، أكد الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، أن القلوب ليست كلها صالحة لهذا الاستدلال الشرعي، فمن القلوب المؤمن الصالح، والعاصي الفاسد.
أي القلوب يُستفتى؟ ومتى؟.. بهذا التساؤل، نشر العشماوي رده على الدكتور سعد الهلالي في استدلاله الدائم بحديث (استفت قلبك، وإن أفتاك الناس وأفتوك)، قائلًا إنه شاع على ألسنة الناس، والمفتين؛ قولهم لمن يستفتيهم في أمر مختلف فيه، يميل القول فيه إلى التحريم أو الكراهة: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"، وهو من أحاديث الأربعين النووية، أخرجه الإمامان أحمد والترمذي من حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه بسند حسن، وله شواهد من حديث النواس بن سمعان وأبي ثعلبة الخُشَني رضي الله عنهما.
ومعنى الحديث- يقول العشماوي: أنه إن أفتاك عالم بأمر، فلم تطمئن إليه نفسك، لقيام الشبهة في فتوى العالم؛ فاستفت قلبك، وهذا لأن من علامات الإثم تردده في الصدر، ومن علامات البر اطمئنان القلب إليه، وهذا المعنى مذكور في الحديث نفسه، (البر ما اطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في صدرك)!
قال الإمام ابن القيم: "ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه؛ إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن، سواء تردد أو حاك في صدره، لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكه فيه، أو لجهله به، أو لعلمه جهل المفتي، أو محاباته في فتواه، أو عدم تقيده بالكتاب والسنة، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها".
وفي الحديث إشارة إلى استحباب استفتاء من يخشى الله عز وجل في أمر الفتوى من أهل الدين والورع؛ حتى لا يحوجه إلى استفتاء قلبه!
واستدرك أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر: ولكن أي القلوب يصلح لأن يستفتى؟!.. ليرد: والجواب قد ذكره العلماء في شرح الحديث!
قال الإمام المُنَاوي: "استفت نفسك المطمئنة الموهوبة نورًا يفرق بين الحق والباطل، والصدق والكذب".
وقال الإمام القرطبي: "لكن هذا إنما يصح ممن نوَّر الله قلبه بالعلم، وزيَّن جوارحه بالورع، بحيث يجد للشبهة أثرًا في قلبه، كما يُحكى عن كثير من سلف هذه الأمة".
وأضاف العشماوي، في رده عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أنه مما يؤكد هذا المعنى سبب ورود الحديث؛ فإنه صلى الله عليه وسلم أجاب به رجلا من الصحابة، جاء يسأله عن أمر اشتبه عليه، وتردد في فعله، وقلوب الصحابة أهل لأن تستفتى؛ لقوة إيمانهم وشدة ورعهم وتقواهم!
وتابع: بهذا يُعلم أنه ليست كل القلوب صالحة للاستفتاء، فالقلوب التي انطمست بصائرها من ظلمات المعاصي، فذهب منها النور الذي تفرق به بين الحق والباطل؛ لا تصلح للاستفتاء؛ لأن القلوب تميل إلى ما هو لائق بها من طاعة أو معصية ومن خير أو شر!
وأكد أنه إذا كان هذا في المستفتي؛ فهو في المفتي أولى!، مضيفا: فعلى المفتي إن كان من أهل البصائر، وعرف من حال المستفتي أنه ممن تلوث قلبه بظلمات المعاصي؛ ألا يذكر له هذا الحديث؛ فإنه ليس من أهله!
وختم أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، قائلًا: كم أحزن عندما أسمع بعض المتصدين للإفتاء في وسائل الإعلام، وهو يردد هذا الحديث على أسماع العوام، بَرِّهم وفاجرهم، وطائعهم وعاصيهم، من غير تمييز!.. ولو تُرك جميع الناس لفتوى قلوبهم؛ لم يسلم لهم دين، وبالله التوفيق.
اقرأ أيضًا:
هل يصل ثواب الطاعة للصغار قبل البلوغ والتكليف؟.. الإفتاء تكشف
فيديو قد يعجبك: