المفتي يوضح: حكم نقض وضوء المرأة الحامل بالقيء
المرأة الحامل
كتب-محمد قادوس:
ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، من سائل يقول،" ما حكم نقض الوضوء بالقيء؟ فهناك امرأةٌ حاملٌ في الشهر الثالث، وتعاني من قيء الطعام بعد تناوله، وتسأل: هل يُنتقض بذلك وُضوؤها؟
أجاب على ذلك فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، موضحا الرأي الشرعي في تلك المسألة.
وقال فضيلة المفتي، أن وضوء المرأة الحامل المذكورة لا ينتقض بقيء الطعام بعد تناوله، قليلًا كان القيءُ أو كثيرًا.
وأضاف عياد، في بيان فتواه عبر بوابة دار الإفتاء المصرية، أنه لا إثم عليها في ذلك ولا حرج، مع استحباب تجديدها الوضوء حالَ قدرتها على ذلك.
وأوضح المفتي، أن أكثر الأعراض المُصاحبة للحمل ذيوعًا وانتشارًا: "القيء" الذي يحدث عادة بسبب التَّغيُّرات الهرمونية في جسد المرأة أثناء الحمل، والقيء من جملة النَّجاسات شرعًا، كما نَصَّ على ذلك جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشَّافعية والحنابلة، مع قصر المالكية أمر الحُكم بنجاسة القيء على المُتغير منه عن حالة الطعام -وذلك بتغيُّر أحد أوصافه- دون غيره. ينظر: "بدائع الصَّنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (1/ 24، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية الإمام العَدَوِي المالكي على كفاية الطالب الرباني" (1/ 129، ط. دار الفكر)، و"تحفة المحتاج" لشيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الْهَيْتَمِي الشافعي (1/ 294، ط. المكتبة التجارية الكبرى، مع "حاشية الإمام الشَّرْوَانِي")، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (1/ 70، ط. عالم الكتب).
هذا بالنسبة لنجاسته، أمَّا بالنسبة لكونه ناقضًا للوضوء من عدمه، وما إذا كان هذا النقض على إطلاقه أو مُتَوَقفًا على أمر آخر، فذلك محل خلافٍ بين الفقهاء على أقوال ثلاثة، ولكل منهم مُتَّكأ شرعي استند إليه، وبيان هذه الأقوال ما يأتي:
القول الأول: التَّفرقة بين قليل قيء الطَّعام وكثيره، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة في المشهور، على تفصيل بينهم في ذلك.
فأمَّا كثير القيء فإنَّه ناقض للوضوء، على خلافٍ بينهم أيضًا في حد الكثرة الذي يَحصل به نقض الوضوء.
فالحنفية قد جعلوه ناقضًا للوضوء حال امتلاء فم المُتَقَيِّءِ به، مع اختلافهم في الضَّابِط الذي يحصل به الامتلاء من عدمه، فالصحيح أنه يُقَدَّر بوصول الإنسان إلى حالة يَغْلبه خروج القيءِ فيها، بحيث لا يستطيع إطباق الفم عليه فيتسارع ما في فمه إلى الخروج، والأصح أنه يُقَدَّر بما يَحُول دون قدرة الإنسان على الكلام.
وأمَّا الحنابلة في المشهور فجعلوا حدَّ الكثرة منوطًا بما يأنفه كلُّ إنسان ويَسْتَهْجِنه من نفسه، وبذلك يكون معيارُ القلة والكثرة عندهم معيارًا شخصيًّا يتفاوت بتفاوت الأشخاص، على أن المُعتبر في ذلك هو نفوسُ أَوَاسِطِ النَّاس، أي: أصحاب الطِّباعِ السَّليمة دون المُوَسْوِسِين ونحوهم.
وأمَّا قليل القيء -وهو ما دون ذلك- فإنَّه غير ناقض للوضوء.
وقال الإمام شَيْخِي زَادَه الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 18، ط. دار إحياء التراث العربي) مُبَيِّنًا نواقض الوضوء: [(والقيء ملء الفم) واختلف في حَدِّه، والصحيح أنه ما لا يقدر على إمساكه، وقيل: لا يمكن الكلام به، وهو الأصح، كما في "التبيين"] اهـ.
وقال الإمام أبو السَّعَادَات البُهُوتِي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 36، ط. مؤسسة الرسالة) مُعَدِّدًا نواقض الوضوء: [(خارج من بقية البَدَن) سوى السبيل (إن كان بولًا أو غائطًا) قليلًا كان أو كثيرًا (أو) كان أبيض (كثيرًا نجسًا غيرهما) أي غير البول والغائط، كقيء ولو بحاله... والكثير ما فَحُشَ في نفسِ كلِّ أحدٍ بحسبه] اهـ.
القول الثاني: عدم انتقاض الوضوء بالقيء مُطْلقًا، دون قيدٍ أو شرطٍ أو نظرٍ في قدر القيء أو كميته أو نوعه أو غير ذلك، وهو مذهب المالكية والشَّافعية، مع استحباب تجديد الوضوء منه عند الشَّافعية.
قال الشيخ عليُّ بن خَلَفٍ المُنُوفِي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 129، مع "حاشية العلامة العَدَوِي"): [(الوضوء يجب) وجوب الفرائض (لِمَا) أي: لأجْل الشيء الذي (يخرج) معتادًا على وفق العادة (من أحد المَخْرَجَين) المُعتادَين: القُبُل والدُّبُر، وقيدنا.. بالمُعتادَين؛ لنحترز عما يخرج من غيرهما، كدم الفصادة والحجامة، والقيء المتغير عن حالة الطعام] اهـ.
قال الإمام العَدَوِي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: والقيء المتغير.. إلخ) أي: فلا ينقض] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الرَّمْلِي الشافعي في "نهاية المحتاج" (1/ 110، ط. دار الفكر): [ولا نقض أيضًا بالنجاسة الخارجة من غير الفَرْج، كقيء] اهـ.
القول الثالث: انتقاض الوضوء بالقيء مطلقًا، قليلًا كان أو كثيرًا، وهو قول الإمام زُفَر من الحنفية، والحنابلة في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
قال الإمام شَيْخِي زَادَه الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 18) مُبَيِّنًا قول الإمام زُفَر في مسألة نقض الوضوء بالقيء: [وقال زُفَر: قليله وكثيره سواءٌ في نقض الوضوء] اهـ.
اقرأ ايضًا
سيدة تطلب الفتوى: أمتنع عن الجماع مع زوجي لأنه لا يصلي؟.. وأمين الفتوى ينصح
رمضان عبد المعز يوضح سر السعادة الدنيا والآخرة
حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. المفتي يوضح
فيديو قد يعجبك: