تحفة معمارية منذ 5 قرون.. جامع "الغازي خسرو بك" بسراييفو يرفع الأذان دون مكبرات صوت
كتبت – سارة عبد الخالق:
بناء على وصية منه لايزال القرآن الكريم يُختتم يوميا بعد صلاة الظهر بين جدرانه الصامدة منذ 5 قرون مضت.. ولا يزال حتى يومنا هذا يرفع الأذان فيه بالطريقة التقليدية القديمة، أي بالصوت المجرد العادي دون استخدام مكبرات.. وعلى الرغم من تعرضه لعدة اعتداءات في العهود المختلفة إلا أنه تم ترميمه مع الحفاظ على شكله الأصلي المبني عليه منذ سنوات بعيدة حتى إنه أصبح من المعالم الهامة التي تزين بها الهدايا التذكارية الخاصة بالمدينة، إنه جامع "الغازي خسرو بك" بمدينة سراييفو في البوسنة والهرسك.
في هذا التقرير يرصد مصراوي قصة الجامع التاريخي الذي يعد تحفة معمارية صامدة منذ 5 قرون.
بني هذا المسجد التاريخي (غازي خسرو بك) الذي كان يعد من كبار رجال الحكم والسياسة ومن أبرز رجال الثقافة، كان متدينا وشاعرا وحاكما فريدا ومصلحا اقتصاديا، وقد ارتبط اسمه ارتباطا وثيقا بمدينة سارييفو وما آل لها من تطوير وازدهار، ويعد هذا المسجد واحداً من أروع الأعمال المعمارية في البوسنة، والتي تعود إلى العهد العثماني.
هذه التحفة المعمارية الباقية على مر العصور بُنيت عام 1530 م عندما كانت البوسنة والهرسك جزءا من الدولة العثمانية بأمر من حاكم ولاية البوسنة وقتها (غازي خسرو بك)، وقد بناه المعماري (التبريزي عجم علي)، وعلى الرغم من عدم كونه أول جامع بني في المدينة عقب فتحها على يد العثمانيين، إلا أنه يعد الأهم في العاصمة البوسنية "سراييفو"، وهو أحد أسباب تمدن المدينة آنذاك- وفق موقع ترك برس.
تعرض المسجد للعديد من الاعتداءات وأعمال تخريب على مر السنين إلا أنه تم ترميمه بما يتناسب مع شكله الأصلي، وقد تم ترميمه لأول مرة عام 1739 م إثر حريق تعرض له الجامع على يد أمير سافوي سنة 1697 م، كما طالت المسجد أضرار كثيرة خلال الحرب البوسنية التي وقعت في الفترة ما بين (1992-1995) وعلى الرغم من تلك الأضرار، إلا أنه بعد ترميمه أعيد إليه رونقه من جديد- وفق ما ذكرته وكالة الأناضول.
ومن المعروف عن جامع (الغازي خسرو بك) أنه لازال يرفع فيه الأذان بالصوت المجرد دون استخدام مكبرات صوتية، كما يختتم فيه القرآن بشكل يومي عقب صلاة الظهر بناء على وصية من "خسرو بك" نفسه، وخلال شهر رمضان يزداد زوار المسجد لحضور حلقات القرآن نهارا ولصلاة التراويح ليلا.
ويمثل هذا المسجد عملاً ذا أهمية خاصة لدراسة الهندسة المعمارية العثمانية بالمنطقة، ويصل ارتفاع مئذنة المسجد إلى 45 مترا، ويحتوي المسجد على عرض معماري معقد، ويهيمن على الجزء الأمامي منه أعمدة من الرخام الثقيل ، تحمل من أعلى أقواسا، وتفصل الأعمدة إلى خمس مساحات مستطيلة، كل منها مقوس بقبة، وفق موقع begovadzamija.ba.
ومدخل المسجد الرئيسي مزين بشكل جميل من الأرابيسك المنمق، بالإضافة إلى زخارف جدارية، مع التذهيب والرخام، كما يوجد فوق مدخل المسجد الرئيسي لوح حجري ، حجمه 120 سم × 60 سم ، محفورة عليه الآيات باللغة العربية.
أما محراب المسجد فمزين بشكل جميل، ويواجه المحراب الجنوب الشرقي، أو باتجاه الكعبة على الجانب الأيمن من المحراب، يوجد المنبر المبني المصنوع من سبعة أنواع من الرخام.
ويتميز المسجد من الداخل بوجود زخارف رملية جميلة في الزوايا، أسفل القباب وفي المحراب نفسه ، بالإضافة إلى الحلي والخط على جميع الجدران، وتم تزيين المسجد بأكمله بآيات مكتوبة بخط اليد من القرآن الكريم، لكن تزيين المسجد الداخلي قد أخذ شكلا حديثا إلا حد ما بعيدا عن الطراز الأصلي للمسجد بعد إعادة ترميمه نتيجة الأضرار التي لحقت به في أوقات سابقة.
فيديو قد يعجبك: