مسجد الصالح طلائع بالدرب الأحمر.. أول المساجد المعلقة بمصر
كتبت- سارة عبدالخالق:
يعد المسجد الكائن حاليًا في ميدان بوابة المتولي في باب زويلة بقسم الدرب الأحمر بمحافظة القاهرة آخر المساجد الفاطمية التي بنيت في مصر، وكان أولها الجامع الأزهر.. ويعتبر أول المساجد المعلقة فيها.. بُني ليدفن فيه رأس الإمام الحسين- رضي الله عنه- هذا الأمر الذي لم يحدث فيما بعد.. إنه مسجد (الصالح طلائع) أو (المسجد المعلق).
قال المقريزي: "مسجد الصالح الذي بناه الصالح طلائع بن رزيك، وزير مصر كان بخط جامع القرافة الذي عرف باسم جامع الأولياء": القرافة هي مقبرة أهل مصر.
- لم يصبح مسجدًا جامعًا إلا بعد بنائه بـ100 عام
أنشئ في عام (555 هـ – 1160 م)، على يد أبوالغارات الملقب بالملك الصالح طلائع بن رزيك، وزير الفائز بنصر الله الفاطمي، وعلى الرغم من أنه تم الانتهاء من بناء المسجد في تلك السنة إلى أنه لم يصبح مسجدا جامعا إلا بعد بنائه بحوالي مائة عام؛ حيث أقيمت فيه أول صلاة للجمعة في عهد السلطان المملوكي "عز الدين أيبك" 1250 -1257م وفقا لما ذكر في (الخطط المقريزية) لتقي الدين المقريزي، و(السياحة الدينية في مصر) لحسن الرزاز.
- رأس الإمام الحسين- رضي الله عنه- سبب بنائه
"الوزير الصالح طلائع بن رزيك" كان قد أمر ببناء المسجد لما خيف على مشهد الإمام الحسين- رضي الله عنه- إذ كان بعسقلان من هجمة الفرنجة وعزم على نقله، فبنى له هذا الجامع لكي يدفن فيه رأس الإمام الحسين- رضي الله عنه- ولما فرغ منه لم يمكنه الخليفة الفاطمي الفائز من ذلك لأنه رأى أن رأس الإمام الحسين يجب أن يوضع في القصور الزاهرة، فقام الفائز بإعداد مشهد خاص داخل باب الديلم أحد أبواب القصر الفاطمي، وهو المشهد المعروف حاليا، وفقا لما جاء في (اتعاظ الحنفا بأخبار الائمة الفاطميين الخلفا) و(الخطط المقريزية) للمقريزي و(التراث المعماري الفاطمي والأيوبي في مصر) لمحمود أحمد درويش.
وقد بُني في مسجد الصالح طلائع "صهريج عظيم وجعل ساقية على الخليج قريب من باب الخلق تملأ الصهريج المذكور أيام النيل وجعل المجاري إليه وأٌقيمت الجمعة فيه في الأيام المعزية في سنة بضع وخمسين وستمائة"، وفقا لما جاء في (التراث المعماري الفاطمي والأيوبي في مصر- المصدر السابق ذكره).
ويعتبر المسجد أول المساجد المعلقة بمصر، حيث كان يقوم على طابق تحت سطح الأرض يبلغ ارتفاعه أربعة أمتار يضم مخازن وحوانيت ذات أقبية نصف أسطوانية موقوفة لإصلاح المسجد.
- تخطيط المسجد
تخطيط المسجد وفقا لما ذكر في (التراث المعماري- المصدر السابق ذكره): "يشغل مسجد الصالح طلائع مساحة مستطيلة يبلغ طولها 53.50 م، وعرضها 27م، وللجامع ثلاثة مداخل يتوسط أحدها الواجهة الشمالية الغربية ويتوسط الثاني الواجهة الجنوبية الشرقية أما المدخل الشمالي الغربي وهو المدخل الرئيسي، وكل من الأبواب يقع في بروز بسيط يغطي أعلاه عقد محدب حلى داخله بخوصات تشع من عقد مسدود وكلتا الوجهتين مقسمة إلى دخلات قليلة الغور تنتهي بعقود محدبة، وتعتبر هذه (ظاهرة تقسيم الوجهات إلى دخلات هذه) هي الأولى من نوعها، حيث صار على منوالها وجهة المدرسة الصالحية وقبة الصالح نجم الدين، ثم انتقلت بعد ذلك إلى المساجد المملوكية".
كما "تتميز واجهاته بالعناصر الزخرفية والمعمارية المتعددة، ويتألف المسجد من الداخل من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة مسقوفة أكبرها رواق القبلة الذي يشتمل على ثلاثة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية، وجميع عقود الجامع محدبة الشكل مبنية من الطوب، وبنيت الحوائط الأربعة من الخارج بالحجر ومن الداخل من الطوب وهي ظاهرة انفرد بها هذا الجامع".
أما طول القبلة فيصل إلى 26 مترا وعرضها 13.50 م، ويبلغ عرض المحراب مترين، أما المنبر، فيقع يمين المحراب، وهو من الخشب.
ونُقش على الواجهة الشمالية نقش بالخط الكوفي نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذا المسجد بالقاهرة المعزية المحروسة فتى مولانا وسيدنا الإمام عيسى أبي القاسم الفائز بنصر الله أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين) السيد الأجل الملك الصالح ناصر الأئمة وكاشف الغمة أمير الجيوش سيف الإسلام غياث الأنام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبوالغارات طلائع الفائزي عضّد الله به الدين، وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين وأدام قدرته وأعلى كلمته ونصر ألويته وفتح له وعلى يديه مشارق الأرض ومغاربها في شهور سنة خمس وخمسين وخمسمائة والحمد لله وصلَّى الله عليه وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أفضل الوصيين".
فيديو قد يعجبك: