نفحات في شهر رجب
بقلم – هاني ضوَّه :
أشهر الله الحُرم فيها من الخيرات، وقد هل علينا أحد هذه الأشهر، ألا وهو شهر رجب، والذي سُمِّي "رجب الفرد" و"رجب الأصم" و"رجب الأصب" ، وهذا الشهر هو تمهيد لرمضان وتهيئة لشعبان.
وفضل شهر رجب يدخل في عموم فضل الأشهر الحرم التى قال الله فيها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ).
ومن مظاهر تفضيل الأشهر الحرم -بما فيها رجب أن الصيام فيها مندوب، ويدل على ذلك عدد من الأحاديث الشريفة المتواترة والتي تتفاوت درجاتها، ومن بينها ما رواه عثمان بن حكيم الأنصاري قال: سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب - ونحن يومئذ في رجب - فقال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم)، وقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم - بعد كلام طويل - : "صم من الحُرُم واترك " ثلاث مرا، وأشار بأصابعه الثلاثة، حيث ضمها وأرسلها.
وفي الحديث الشريف إشارة إلى جواز الصيام والتطوع في شهر رجب وغيره من الأشهر الحرم لما له من ثوابه عظيم، سواء كان هذا الصيام في غرة الشهر أو في أوسطه أو أخره.
وورد كذلك عده أحاديث ضعيفة في فضائل شهر رجب، ولكن كما قال جمهور العلماء ومن بينهم الإمام النووي شارح صحيح مسلم في كتابه الأذكار، فإنه يجوز الأخذ والعمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، ومن تلك الأحاديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "من صام من رجب يومًا كان كصيام شهر، ومن صام منه سبعة أيام غلَّقت عنه أبواب الجحيم السبعة، ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام منه عشرة أيام بدلت سيئاته حسنات ".
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن فى الجنة نهرا يقال له رجب ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر".
ومن المعروف أن الصيام وغيره من العبادات هي من فضائل الأعمال، لذا يجوز للمسلم أن ييتزيد من الطاعات في شهر رجب لعموم فضل الأشهر الحرم والتعبد فيها.
وفي الأشهر الحرم ومنها شهر رجب نفحات وأنوار أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نتعرض لله بالطاعات، فقال صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات ، ألا فتعرضوا لها" .. والتعرض لنفحات الله في شهر رجب علينا أن ننشغل بالطاعات من صيام وقيام وذكر لله سبحانه وتعالى، وأن نعمر أوقاتنا بالأعمال الصالحة من صلة الأرحام وتلقي العلم المفيد ونفع الناس ومعاونتهم في أمورهم.
وفي شهر رجب كان الإسراء والمعراج، تلك المعجزة العظيمة التي أسرى فيها الله سبحانه وتعالى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فصلى إمامًا بالأنبياء جميعًا، ثم عرج به إلى السموات السبع فرأى من أيات ربه الكبرى، يقول تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى).
فيديو قد يعجبك: