كيف كان الإسراء والمعراج معجزة ولم يرها أحد؟.. علي جمعة يفسر الغرض الإلهي من الرحلة المباركة
كـتب- عـلي شـبل:
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الله تعالى اختار هذا الشهر الشريف الكريم الذي تصب فيه الرحمات لفرض الصلاة على المسلمين، مبينا أن الصلاة آية من آيات الله تدل على أن النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ إنما هو رسول الله.. فلو كان هذا الدين من عند سيدنا محمد ﷺ ما فرض علينا الصلاة؛ تكثيرًا للخلق حتى يدخلوا في دين الله أفواجًا، فإن صلاة المسلمين تكليف وتشريف، ليس هناك أمة في الأرض تصلي لله كل يوم خمس مرات سوى المسلمين.
وأشار فضيلة المفتي السابق إلى أن الصلاة تكليف، والتكليف فيه مشقة، وكان من المنتظر أن الناس تهرب من المشقة؛ قائلاً: ولكننا رأينا الإسلام ينتشر شرقًا وغربًا، في كل العصور، حتى صرنا في أواخر هذا العصر من أكثر الأديان تبعًا على وجه الأرض، فكيف انتشر الإسلام؟ لأن الصلاة إنما هي من عند الله، وإنما هي برنامج يومي يدخل اللذة في قلوب المسلمين لو عرفها الملوك وأباطرة الأرض لقاتلونا عليها، صلة بين الإنسان وبين الرحمن، علاقة بين الإنسان وبين الأكوان.
وأضاف جمعة، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك: إذن، فهو شهر كريم فرضت فيه الصلاة على غير مثال سابق من الأديان السابقة التي أنزلها الله للبشر، وفي حديث البخاري: «أن النبي ﷺ قاوله موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقد فرض الله خمسين صلاة، وأخذ موسى في نصيحة النبي أن يراجع ربه في ذلك ويقول له: لقد ابتليت بالناس من قبلك» إذا كان النبي محمد يعلم هذا ويقول هذا للناس، فكيف يفرض على الناس خمس صلوات؟ الحقيقة أنه لم يفرض شيئًا، الذي فرض هو الله تعالى{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ، {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} ، فعدنا سبحانه وتعالى من أمة يريد منها الخشوع، ويريد منها أن تعبده بحب في قلبها، وبرحمة في سلوكها، وبوضوح في عقلها.
وتابع عضو هيئة كبار العلماء: في هذا الشهر الكريم المحرم الفرد صاحب الرحمات؛ أسري بالنبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ من مكة إلى بيت المقدس، وعرج به من بيت المقدس إلى سدرة المنتهى، إلى العرش، ونحن نسمي هذا مجازًا بالمعجزة، المعجزة سميت كذلك في لغة العرب؛ لأنها تعجز من رآها ، خارقة من خوارق العادات تخرج عن سنن الله الكونية، لا يستطيع من أمامي أن يأتي بها، مع ادعاء صاحبها النبوة والرسالة وتلقي الوحي من عند رب العالمين؛ ولكن الإسراء والمعراج لم يشهده أحد؛ ولذلك فهو فوق المعجزة، ولذلك فليس الغرض منه أن يعجز الناس، لأن الناس لم تره، إنما الغرض منه أن يؤسس لعقيدة، الغرض منه لا أن يري الناس كما صنع رسول الله ﷺ فنبع الماء من بين أصابعه الشريفة فسقى الجيش، كيف؟ يراها الناس، ويشربون من هذا الماء القراح الزلال الطيب من بين أصابع النبي المصطفى، وهو خير ماء خلق على وجه الأرض.
يقول السبكي رضي الله تعالى عنه :
أفضل المياه ماء قد نبع * من بين أصابع النبي المتبع
يليه ماء زمزم فالكوثر * فنيل مصر ثم باقي الأنهر
ويضيف جمعة مؤكدا: الماء الذي نبع من بين يدي النبي إنما هو معجزة؛ لأن الناس رأته وشربت منه، ورأت كيف يتدفق ويفور ويكفي الجيش كله؛ ولكن الإسراء والمعراج لم يره أحد، ولم يصاحب النبي ﷺ أحد من صحابته حتى يطمئن الناس من المشركين والكافرين بصدق الخبر.
إذن، فغرضه شيء آخر يؤسس عقيدة : {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.
فيديو قد يعجبك: