عضو الأزهر للفتوى عن الهجرة النبوية: مفهوم واسع لاتباع أوامر الدين
كتب- محمد قادوس:
بمناسبة بدء العام الهجري الجديد، وحول الهجرة النبوية الشريفة ومراحلها من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة وفتحها على يد المسلمين، يقول الدكتور عيد حسن، مدرس الحديث بكلية أصول الدين، وعضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الهجرة كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم- وقبل فتح مكة، تعني: انتقالا مكانيا يحمل دلالة انتقال سلوكي من مساويء الكفر إلى طبائع الإيمان ،بغية توفير مناخ عام يُمكن المسلم الجديد من القيام بفرائضه الدينية وسط عصبة من المؤمنين ، وقد تنوعت الهجرات المكانية زمن رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
وأوضح د. حسن، في حديثه لمصراوي، كيف كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة - رضوان الله عليهم-، ثم كانت الهجرة الثانية من مكة إلى المدينة، ثم كانت الهجرة الثالثة: هجرة القبائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتعلم الشرائع، ثم يرجعون إلى المواطن ويعلمون قومهم، ثم كانت الهجرة الرابعة: هجرة من أسلم من أهل مكة ليأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى مكة.
ويقول عضو مركز الأزهر للفتوى إن الهجرة كانت إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- قبل فتح مكة على من أسلم من أهلها واجبة ، فأوجب الله عليهم فيها البقاء مع رسوله- صلى الله عليه وسلم- حيث استقر، والإنتقال معه حيث إنتقل، لنصرته ومؤازرته وصحبته، وليحفظوا عنه ما يشرعه لأمته، ويبلغوا ذلك عنه إليهم. (المقدمات الممهدات لابن رشد 2 / 152).
وبعد أن من الله على المسلمين بفتح مكة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» متفق عليه.
والمعنى لكم طريق إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة، وذلك بالجهاد، ونية الخير في كل شيء.
وأشار د. حسن إلى أن حكم الهجرة انتقل من الوجوب إلى الندب وإنتقل مدلول الهجرة من أصله المكاني إلى أصل سلوكي يتضمن معنى أوسع للهجرة وتوصيفا أدق للمهاجر بينه النبي – صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها:
- قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. متفق عليه.
- وقال النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: " إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ: إِحْدَاهُمَا أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ، وَالْأُخْرَى أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ. وَلا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتِ التَّوْبَةُ، وَلا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ المَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتْ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ " مسند أحمد:( 1671) بسند حسن.
- وحين جاء أعرابي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنَا عَنِ الْهِجْرَةِ، إِلَيْكَ أَيْنَمَا كُنْتَ، أَوْ لِقَوْمٍ خَاصَّةً، أَمْ إِلَى أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ، أَمْ إِذَا مُتَّ انْقَطَعَتْ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ يَسِيرًا، ثُمَّ قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ؟ " قَالَ: هَا هُوَ ذَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " الْهِجْرَةُ أَنْ تَهْجُرَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، ثُمَّ أَنْتَ مُهَاجِرٌ وَإِنْ مُتَّ بِالْحَضَرِ" مسند أحمد:( 7095) بسند حسن.
فأبان النبي – صلى الله عليه وسلم- في هذه الأحاديث أن الهجرة هي الهجرة للذنوب والمعاصي، وأن المهاجر الكامل هو: من هجر معصية الله، وأقام فرائضة، وإن أقام بين غير المسلمين.
فيديو قد يعجبك: