لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل رسالة النبي تشمل الجن؟

03:29 م الأربعاء 05 ديسمبر 2018

هل رسالة النبي تشمل الجن؟

كتب - هاني ضوه:

أرسل الله تعالى سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خاتمًا للأنبياء والمرسلين، وآمن به الإنس من كل جنس ولون، فهل كانت رسالته - صلى الله عليه وسلم للجن كما الإنس وهل آمن به الجن وبايعوه وأعلنوا إسلامهم.. هذا ما يرصده مصراوي في التقرير التالي:

أولا: بعض الأدلة من القرآن الكريم على تكليف الجن:

قوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ [ الذاريات: 56-57]. فالآية صريحة في أن الله قد خلق الجن والإنس للعبادة.

وقوله تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا [الأنعام: 130].

وقوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [ الرحمن: 13]، حيث ورد هذا الخطاب في واحد وثلاثين موضعاً من سورة الرحمن، وفيه خطاب للجن والإنس معاً.

وقال ابن القيم في (طريق الهجرتين وباب السعادتين): وقوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ [ الأحقاف: 29]. الآية، تدل على تكليف الجن من عدة وجوه:

أحدها: أن الله تعالى صرفهم إلى رسوله يستمعون القرآن ليؤمنوا به، ويأتمروا بأوامره وينتهوا عن نواهيه.

الثاني: أنهم أخبروا أنهم سمعوا القرآن وعقلوه وفهموه، وأنه يهدي إلى الحق، وهذا القول منهم يدل على أنهم عالمون بموسى وبالكتاب المنزل عليه، وأن القرآن مصدق له، وأنه هاد إلى صراط مستقيم، وهذا يدل على تمكنهم من العلم الذي تقوم به الحجة، وهم قادرون على امتثال ما فيه، والتكليف إنما يستلزم العلم والقدرة.

الثالث: أنهم قالوا لقومهم: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ [الأحقاف: 30]. والآية صريحة في أنهم مكلفون، مأمورون بإجابة الرسول، وهو تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر.

وقال ابن كثير في تفسيره: في قوله تعالى: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ [الأحقاف: 30]: (وفي هذا دلالة على أنه تعالى أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين: الجن والإنس، حيث دعاهم إلى الله تعالى وقرأ عليهم السورة التي فيها خطاب الفريقين، وتكليفهم، ووعدهم، ووعيدهم، وهي سورة الرحمن، ولهذا قال: أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ).

ثانياً : بعض ما جاء في السنة من أقوال النبي:

ورد كثير من الأحاديث التي تثبت تكليف الجن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأ عليهم القرآن، وأنهم مكلفون بالإيمان برسالته، فمن هذه الأحاديث:

أخرج مسلم في صحيحه من حديث عامر قال: ((سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، ففقدناه. فالتمسناه في الأودية والشعاب. فقلنا: استطير أو اغتيل. قال فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء. قال فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه. فقرأت عليهم القرآن، فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد. فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم، أوفر ما يكون لحماً. وكل بعرة علف لدوابكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم))

فقد دل هذا الحديث على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتاه داعي الجن في إحدى الليالي، فذهب معه، وقرأ عليهم القرآن. وقراءته – عليه السلام – القرآن على الجن تدل على أنهم مكلفون بهذا الكتاب كما كلف به الإنس.

وقد ذكر الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أن استماع الجن للقرآن كان بمكة قبل الهجرة، وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- صريح في ذلك، يقول: فيُجمع بين ما نفاه وما أثبته غيره بتعدد وفود الجن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأما ما وقع في مكة فكان لاستماع القرآن، والرجوع إلى قومهم منذرين، كما وقع في القرآن.

وأما في المدينة فللسؤال عن الأحكام، ويحتمل أن يكون القدوم الثاني كان أيضًا بمكة، وهو الذي يدل عليه حديث ابن مسعود؛ لأنه في بعض الأحاديث كان ذلك في مكة سألوه الطعام.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال: لقد قرأتها على الجن ليلة الجن، فكانوا أحسن مردوداً منكم، كلما أتيت على قوله: فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد)).. قال ابن القيم: (وهذا يدل على ذكائهم، وفطنتهم، ومعرفتهم بمؤنة الخطاب وعلمهم أنهم مقصودون به).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم. ونصرت بالرعب. وأحلت لي الغنائم. وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً. وأرسلت إلى الخلق كافة. وختم بي النبيون)) (رواه مسلم).

قال السبكي في فتاواه: (ومحل الاستدلال قوله: ((وأرسلت إلى الخلق كافة)) فإنه يشمل الجن والإنس. ثم يقول: (حديث مسلم الذي استدللنا به أصرح الأحاديث الدالة على شمول الرسالة للجن والإنس).

وقد أجمع علماء التوحيد في كتبهم على أن الله سبحانه وتعالى قد أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جميع المخلوقات من إنس وجن، وكذلك إلى جميع الأنبياء والأمم السابقة بل وهناك منهم من قال إنه أرسل إلى الملائكة كذلك، فيقول الإمام السفاريني في كتابه "لوامع الأنوار البهية": "إنه سبحانه وتعالى خص نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - بـ ((بعثه)) نبيًا ورسولًا ((لسائر)) أي: جميع ((الأنام)) كسحاب، الخلق من الإنس والجن بالإجماع، واختلف في إرساله إلى الملائكة على قولين أحدهما: أنه لم يكن مرسلًا إليهم. والقول الثاني بأنه صلى الله عليه وآله وسلم - مبعوث إلى الملائكة أيضًا، ورجحه الجلال السيوطي في كتابه "الخصائص"، والسبكي قبله، وزاد: أنه - صلى الله عليه وسلم - مرسل إلى جميع الأنبياء والأمم السابقة، وزعم أن قوله - صلى الله عليه وسلم: «بعثت للناس كافة»، شامل لهم من لدن آدم إلى قيام الساعة، ورجح هذا القول البارزي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان