إعلان

العمر راح في الانتظار|محرومون من التقديم في الـ 30 ألف معلم.. والتعليم: شروط التنظيم والإدارة

04:02 م الثلاثاء 19 يوليو 2022

كتب- محمود عبدالرحمن:

طيلة 17 عاما. ظلت سماح سعيد الحاصلة على ليسانس الآداب تحلم بالتعيين، لقناعتها بأن الوظيفة الحكومية توفر استقرار مادي، سيخفف عنها معاناة العمل في المدارس الخاصة، ذات المرتب الضئيل الذي لا يتعدى الحد الأدنى للأجور، ولا يكفي توفير احتياجات أطفالها الصغار، الذين تتحمل مسؤولية الإنفاق عليهم عقب طلاقها قبل ثلاث سنوات.

"الشغل في المدارس الخاصة صعب جدا وغير دائم"، تقول سماح التي تقطن بمنطقة السيدة زينب، والتي تمكنت منذ حصولها على ليسانس الآداب عام 2005، بالحصول على مؤهل تربوي وعدد من الدورات التدريبية مثل"ICDL"، من أجل أن يكون لها أولوية في المسابقات التي تعلن عنها وزارة التربية والتعليم للتعاقد مع معلمين جدد بين الحين والآخر، تقول: "قدمت في مسابقات كتير واسمي في آخر مسابقة كان نازل في الاحتياطي للتعيين".

أواخر يونيو الماضي، أعلن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، في مؤتمر صحفي، بدء التقديم لمسابقة التعاقد مع 30 ألف معلم مساعد، على أن تستقبل بوابة الوظائف الحكومية التابعة للجهاز، طلبات المتقدمين حتى 24 يوليو الجاري، ولكن وفقا لمجموعة من الشروط والمتطلبات، منها ألا يزيد سن المتقدم عن 35 سنة في أكتوبر القادم بجانب عدم السماح لخريجي كليات "الآداب ودار العلوم والدراسات الإسلامية الحاصلين على دبلوم تربوي"، بالتقديم في المراحل الأولى من المسابقة بحسب قرار الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم.

"بعد العمر ده يقولوا لينا مفيش ليكم مكان"، تقول سماح التي تصف القرار بالصادم، بعدما عانت طول السنوات الماضية في تأهيل نفسها بالحصول على متطلبات التعيين التي تحتاجها الوزارة في كل مسابقة من الحصول على تربوي ودورات تدريبية كلفتها آلاف الجنيهات، تقول "كنت بطلع ورق لكل مسابقة بما يقارب من 500 جنيه وآخر مسابقة صرفت كتير"، لتتفاجأ بعد إدراج اسمها ضمن قوائم الاحتياط بشرط السن الذي قضى على أحلامها: "خلاص العمر راح وأهو مفيش أمل".

مع صدور قانون الخدمة المدنية عام 2016، توقفت تعيينات مدرسين جدد، مما تسبب في زيادة العجز في أعداد المعلمين، حيث وصل العجز 323 ألفا و675 معلما، بحسب الدكتور رضا حجازي نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم، أثناء مناقشة لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب لأزمة عجز المدرسين أواخر أكتوبر الماضي.

وأضاف حجازي أن وزارة التربية والتعليم تستوعب 800 ألف إلى مليون و200 ألف طالب وطالبة زيادة سنوية، وهو ما يحتاج إلى 25 ألف معلم زيادة سنوية، بجانب إحالة ما يقارب 40 ألف معلم يحالون للمعاش سنويا، ما يؤدي إلى زيادة الفجوة والعجز في المعلمين.

"العمر راح في انتظار التعيين"، يقول حمادة شعبان، الحاصل على ليسانس الدراسات الإسلامية عام 2008، وضمن الآلاف من الخريجين الذين لا يحق لهم التقديم في مسابقة الـ30 ألف معلم التي جاري التقديم لها منذ أوائل يوليو الجاري على بوابة الوظائف الحكومية، يصف الشاب احساسه عقب علمه بقرار منعه من التقديم في المسابقة، بسبب شرط السن الذي يرى أنه ليس له ذنبه فيه، ولكن السبب يرجعه إلى عدم فتح وزارة التربية والتعليم باب التعيينات منذ سنوات: "في مسابقات قدمت فيها، ولم أكن من المقبولين".

قال مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم "رفض ذكر اسمه"، إن قرار وقف التعيينات منذ سنوات هو قرار هيئة التنظيم والإدارة في الدولة وليس قرار وزارة التربية والتعليم، موضحا أن الوزارة مع زيادة عجز المعلمين طيلة السنوات الماضية لجأت إلى العديد من الخطط لسد تلك العجز بطرق أخرى منها التعاقد بالحصة أو التطوع: "الوزارة فيها عجز بس مفيش تعيينات".

وتابع المسؤول أن شرط ألا يزيد سن المتقدم عن 35 سنة في المسابقة التي تم الإعلان عنها مؤخرا، هي شروط تم وضعها من قبل التنظيم والإدارة، وليست الوزارة التي قامت بوضعها، مرجحا السبب من وضع السن، هو الاحتياج إلى شباب الخريجين الجدد لضمان بقائهم أطول فترة في التدريس: "مش يجيب واحد بعد 10 سنين يقول أنا طالع معاش يعني".

قبل 14 عاما، تخرج حمادة سعد من كلية الدراسات الإسلامية شعبة اللغة العربية، وأدى الخدمة العسكرية ليبدأ الشاب بعدها رحلة طويلة في البحث عن فرصة عمل في أي المدارس الخاصة في محيط محل إقامته بمحافظة سوهاج، تجعله لا يتخلى عن مجاله "دورت كتير بس للأسف مفيش"، ليقترح عليه أحد زملائه البحث عن فرصة في القاهرة، حيث تتواجد مئات المدارس الخاصة، والانتظار حتى فتح أي المسابقات.

"المدارس الخاصة المرتبات فيها ضعيف جدا"، يقول حمادة، الذي عمل لعامين متتالين كمعلم بثلاث مدارس خاصة، لم يرتفع مرتبه خلال تلك الفترة عن 900 شهريا، بجانب ما كان يحصل عليه نهاية كل شهر نظير إعطاء دروس خصوصية "الدروس مش مستمرة ممكن شهر وشهر مافيش"، ليقرر العودة إلى محل إقامته والعمل في إحدى الشركات الخاصة على أمل فتح أي المسابقات وقبوله بها: "أنا تقديري جيد جدا ومعايا تربوي وكمان كورسات كتير"، ليتفاجأ مثل آلاف غيره باستبعاده من التقديم في المسابقة بسبب بلوغه 35 عاما.

"ليه لما الوزارة فتحت باب التطوع لم يذكروا شرط السن"، سؤال طرحته أيه محمد الحاصلة على ليسانس الآداب من جامعة الزقازيق دفعة 2010 بتقدير جيد. على مدار العامين الماضيين، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن احتياجها مؤهلات عليا للعمل بمهنة التدريس تطوعا "بدون أجر" لمدة ثلاثة شهور، وذلك لسد العجز ببعض التخصصات بالمدارس على مستوى الجمهورية.

"أنا اشتغلت في مسابقة الـ36 ألف معلم الأخيرة"، تستكمل أيه التي يتبقى لها أشهر معدودة على إتمام الـ35 عاما من عمرها، وهو ما يحرمها من التقديم في المسابقة الحالية، تقول "أنا خريجة آداب مش في المرحلة الأولى للمسابقة"، وذلك لكون الوزارة تستهدف التعاقد مع معلمي رياض الأطفال والصفوف الأولى فقط وليس معلم مادة، على أن يتم إتاحة التقديم لخريجي هذه الكليات في المراحل الـ5 اللاحقة على مدار 5 سنوات بإجمالي 150 ألف معلم سنويا، بحسب تصريحات الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم.

"حقنا راح وكمان عمرنا راح"، تستكمل ايه، التي لم تهدأ طوال الفترة الماضية بالمطالبة بتعيين الـ36 ألف معلم التي كانت واحدة منهم، ما بين المناشدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإرسال الشكاوى إلى نواب مجلس الشعب، تقول "لما فتحوا باب التعيين لقيت نفسي بره ومليش الحق أقدم".

وتأتي مسابقة التربية والتعليم التي تم الإعلان عنها، تلبية للتوجيهات الرئاسية بتعيين 150 ألف معلم لدعم هذا القطاع الحيوي للدولة الذي يخدم استراتيجية مصر 2030، وتحسين جودة العملية التعليمية، بحسب ما يقول الدكتور طارق شوقي، مضيفا أن الوزارة تحتاج إلى معلمين ذوي فكر مختلف ويتمتعون بقدرات مهنية تتناسب مع قطار التطوير.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان