هل رفع المركزي سعر الفائدة 3% يكفي لعودة "الأموال الساخنة" إلى مصر؟
كتبت- منال المصري:
قال مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، إن قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة 3% دفعة واحدة أمس الأول الخميس لن يكون كافيا وحده لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في الجنيه المصري (عبر أذون وسندات الخزانة) إلا بعد تفعيل العقود الآجلة التي تتعهد للمستثمر بتغطية مخاطر توافر السيولة الأجنبية وتقلب سعر العملة.
وفاجئ البنك المركزي السوق برفع أسعار الفائدة 3%، وهو ما فاق أغلب التوقعات، وذلك خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية في عام 2022 أمس الأول الخميس لتصبح 16.25% على الإيداع و17.25% على الإقراض لكبح جماح التضخم (وتيرة زيادة الأسعار).
وتسببت الأزمة الروسية الأوكرانية في خروج استثمارات غير مباشرة من مصر بقيمة 22 مليار دولار من بداية العام الجاري، وفقا لما قاله الدكتور مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر في وقت سابق.
وأدى خروج هذه المليارات من الدولار إلى وجود ضغط كبير على الجنيه المصري وهو ما أدى بعد ذلك إلى تراجع سعره مقابل الدولار وباقي العملات الأجنبية.
وقامت سياسة البنك المركزي خلال آخر 6 سنوات قبل مارس الماضي (بداية الأزمة) على مداعبة مطامع المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية من خلال وجود سعر فائدة مرتفع لجذب الدولار ولكن خروجها بشكل مفاجيء تسبب في وجود ضغوط كبيرة على العملة، وهنا تكمن مخاطرها ولذلك يطلق عليها (أموال ساخنة) لسرعة خروجها.
وقالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، لمصراوي، إن رفع سعر الفائدة 3% لن يكون كافيا لجذب الاستثثمارات الأجنبية غير المباشرة في أذون وسندات الخزانة إلا بعد وجود اتفاقية مثل تفعيل العقود الآجلة للدولار لضمانة المستثمرين والتعهد بدخولهم وخروجهم على سعر محدد للدولار بما يقلل من مخاوف مخاطر تذبذب سعر الجنيه.
ما هي العقود الآجلة؟
كان البنك المركزي أعلن رسميا يوم 27 أكتوبر الماضي تزامنا مع إعلانه تحرير كامل لسعر الصرف "سعر صرف مرن" أمام العملات الأجنبية عن عقود أدوات المشتقات المالية لمخاطر أسعار الصرف المرتبطة بالجنيه.
وسمح البنك المركزي للبنوك بإتاحة هذه المشتقات للعملاء من الشركات عبر القيام بعمليات الصرف الآجلة (FX Forwards)، إلى جانب القيام بعمليات مبادلة أسعار الصرف (FX SWAPs)، والقيام بعمليات صرف آجلة غير قابلة للتسليم (Non-Deliverable Forwards) بهدف تأمين مخاطر تذبذب العملة للعملاء المستوردين.
لكن البنوك أرجأت التعامل على العقود الآجلة التي تختص بتأمين مخاطر تقلب سعر العملة المتاحة سواء لتغطية المستوردين أو المستثمرين في أدوات الدين بسبب أزمة نقص العملة وصعوبة تحديد سعر الدولار بشكل واضح لفترة زمنية محددة وفقا ما ذكره مسؤولو خزانة في وقت سابق لمصراوي.
وأوضحت الدماطي أن الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية تساهم في تغطية فجوة تمويلية للعملة وتقوي من سعر العملة المحلية مقابل باقي العملات الأخرى لزيادة الطلب على شراء الجنيه مقابل بيع الدولار، لكن ارتفاع الفائدة في أمريكا على الدولار قد يحد من سرعة دخول هذه الاستثمارات مجددا في الأسواق الناشئة ومنها مصر.
ويبيع البنك المركزي بالنيابة عن وزارة المالية أذون وسندات خزانة بطريقة دورية كل أسبوع لجذب سيولة لتغطية المصروفات، وهي إحدى الأدوات التي تطبقها العديد من الدول أيضا بما فيها أمريكا.
وبحسب الدماطي، فإن استمرار الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) في نهج زيادة سعر الفائدة لتصل من 4.5% حاليا إلى 5.5% في الربع الأول من العام القادم قد يعطيها ميزة تنافسية وقد يحد من شهية دخول المستثمرين الأجانب بسبب مخاطر تذبذب العملة المحلية مقابل قوة الدولار الذي يعد عملة أكبر اقتصاديات العالم وهي الولايات المتحدة.
وكان الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أعلن يوم الأربعاء قبل الماضي رفع أسعار الفائدة للمرة السابعة هذا العام، بنسبة زيادة 0.5% وهو ما جاء وفقا للتوقعات لتصبح أسعار الفائدة في مستوى بين 4.25% و4.5% وهو أعلى مستوى في 15 عاما لكبح جماح التضخم.
وقال عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة، لمصراوي، إن سياسة رفع سعر الفائدة 3% مؤخرا لن تؤدي إلى استقطاب الاستثمار غير المباشر إلا بعد تفعيل آليات العقود الآجلة حتى يطمئن المستثمر من قدرة البنك على تغطية مخاطر السيولة بالعملة الأجنبية وتذبذب سعر الصرف عند خروجه من السوق المصري.
وأوضح أن أي مستثمر أجنبي يقلقه قبل سعر الفائدة المرتفع أن يشتري جنيها بقيمة منخفضة مقابل بيع الدولار الذي في حوزته ويخرج على جنيه قوي أثناء إعادة شراء الدولار مرة أخرى مما يعرضه لخسائر.
وتابع أنه علي سبيل المثال إذا باع مستثمر مليار دولار لبنك مقابل سعر 24.70 جنيه سيحصل على (24.7 مليار جنيه) لاستثمارها في أذون خزانة لآجال محددة من 3 شهور إلى سنة وعند إنتهاء آجال الأذن ويرغب في إعادة شراء المليار دولار مرة أخرى وأصبح سعر الدولار (23 جنيها)، فبذلك سيخسر المستثمر 1.7 مليار جنيه بسبب خروجه على جنيه أقوى مما دخل عليه ولذلك يرغب في حصوله على طمانة قبل دخوله.
وأضاف أنه رغم خروج مبالغ كبيرة من المستثمرين الأجانب من السوق المصري دفعة واحدة خلال العام الجاري قامت جميع البنوك المصري بتلبية الدولارات اللازمة لهم وهو ما يعزز من الثقة في القطاع المصرفي المصري وسهولة عودتهم مجددا بعد حسم بعض الإجراءات لطمأنتهم.
وذكر أن المستثمر الأجنبي في أدوات الدين لا يعمل بأمواله ولكن يقترض من البنوك الأمريكية بسعر فائدة ارتفع حاليا إلى 4.5% على الدولار مقابل 0.5% في وقت سابق لإعادة استثمارها في الأسواق الناشئة وبينها مصر بسعر فائدة مرتفع، وهنا نسبة المخاطرة مرتفعة تتمثل في عدم ضمان استقرار سعر الصرف من ناحية وارتفاع الفائدة على الدولار من ناحية أخرى.
وقال نائب رئيس المعاملات الدولية في أحد البنوك الأجنبية، لمصراوي، إن رفع سعر الفائدة قد يكون محفزا على دخول مستثمرين أجانب تدريجيا للاستثمار في أذون الخزانة حيث سيحصل على سعر فائدة يتجاوز 20% قبل خصم الضرائب.
وتوقع أن تسهم موافقة صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع الماضي على طلب مصر بالحصول على قرض بـ3 مليارات دولار على شرائح خلال 46 شهرا، في سهولة دخول الصناديق العالمية للاستثمار في الجنيه.
وتمثل موافقة صندوق النقد الدولي على تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر شهادة ثقة أمام العالم في قدرة الاقتصاد المصري على التحسن والتعافي وهو ما يسهل من جذب استثمارات غير مباشرة، وفقا للمصدر.
فيديو قد يعجبك: