هل تخطف مصر استثمارات الأجانب غير المباشرة مع تصاعد مخاطر تركيا وأوكرانيا؟
كتبت- منال المصري:
قال 4 مصرفيين، تحدثوا مع مصراوي، إن ارتفاع حدة المخاطر الاقتصادية في تركيا وأوكرانيا يدفع الأجانب إلى إعادة ترتيب أوراقهم، وتحويل جزء من استثماراتهم المالية في أذون وسندات الخزانة لصالح بعض الدول الناشئة المستقرة ذات المخاطر المنخفضة ومن بينها مصر.
وتسارعت معدلات التضخم في تركيا لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 20 عاما، حيث ارتفع مستوى التضخم لمؤشر أسعار المستهلك إلى 48.7% على أساس سنوي خلال الشهر الماضي، ليسجل بذلك أعلى مستوى له منذ أبريل 2002.
ويهدد استمرار التوتر العسكري بين روسيا وأوكرانيا واحتمالية شن حرب روسية على الدولة الجارة بتباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد الأوكراني تحت وطأة مجموع من الأزمات السياسية والاقتصادية.
وقالت غادة البيلي، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية، لمصراوي، إن السوق المصري يشهد بالفعل عودة دخول الأجانب بقوة من بداية العام الجاري 2022 لضخ استثمارات مالية كبيرة في أذون الخزانة والسندات الحكومية بما يعكس ثقة المستثمرين في استقرار الاقتصاد المصري المتنامي.
وكان مصدر مسؤول في البنك المركزي، قال في وقت سابق في تصريح خاص لمصراوي، إن المستثمرين الأجانب عادوا بقوة للسوق المصري بداية من يناير 2022 وضخوا منذ بداية العام وحتى 16 يناير 970 مليون دولار في الاستثمارات المالية من سندات طويلة الأجل وأذون خزانة.
وأوضحت البيلي أن تدفقات الأجانب في أذون الخزانة والسندات الحكومية مرتفعة بشكل ملحوظ منذ مطلع العام الجاري نتيجة وجود استقرار اقتصادي وسياسي مقارنة بحدة المخاطر التي تحيط بتركيا وأوكرانيا.
وأضافت أن الأجانب ينظرون إلى السوق المصري باعتباره أكثر الأسواق الجاذبة في الدول الناشئة، ويرجع ذلك لوجود رؤية اقتصادية واضحة، وحصولهم على عائد حقيقي مرتفع على استثماراتهم في مصر مقابل تراجع حجم المخاطر، واستقرار معدل التضخم.
والعائد الحقيقي على الأذون والسندات هو سعر الفائدة على أذون وسندات الخزانة مطروح منه معدل التضخم، فإذا كان سعر الفائدة 10.5% بعد خصم الضرائب مطروح منه 6% معدل التضخم يصبح العائد الحقيقي على استثماراتهم 4.5%، وتعد الفائدة الحقيقية في مصر هي من ضمن الأعلى في الأسواق الناشئة، بحسب غادة البيلي.
وأكدت غادة البيلي أن التقارير الاقتصادية الصادرة من مؤسسات التمويل الدولية الكبرى تؤكد نمو الاقتصاد المصري مما عزز من ثقة الأجانب في استقرار السوق المصري، وهو ما أدى إلى وجود دخول قوي منهم للاستثمار في الجنيه المصري.
ورفع البنك الدولي توقعاته لنمو اقتصاد مصر في العام المالي الجاري بنسبة 1%، لينمو بنسبة 5.5% خلال العام المالي الجاري، مقارنة بتوقع سابق بلغ 4.5% بحسب تقرير آفاق الاقتصاد المنشور على الموقع الإلكتروني للبنك والصادر الشهر الماضي.
وأوضحت البيلي أن عودة إدراج مصر في مؤشر جي بي مورجان للأسواق الناشئة بعد غياب 10 سنوات تعزز من زيادة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة لمصر.
وقال تامر الصادق، نائب رئيس قطاع المعاملات الدولية في ميد بنك، إن هناك دخولا كبيرا من الأجانب لضخ استثمارات مالية في مصر بعد هبوط الليرة التركية الناجم من انخفاض الفائدة وعدم استقلالية السياسة النقدية هناك، وهو ما يقلق أي مستثمر أجنبي لوجود مخاطر مرتفعة.
وتقف زيادة معدل التضخم عائقاً أمام استمرار الضغط على البنك المركزي التركي من أجل خفض تكاليف الاقتراض، وهي الخطوة التي أضرّت بعملة الليرة.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن في بيان سابق له، ارتفاع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في ديسمبر إلى 6.5% مقابل 6.2% في نوفمبر الماضي، وذلك بعد انخفاضه لشهرين متتالين.
وارتفع معدل التضخم العام السنوي في المدن إلى 5.9% خلال ديسمبر مقابل 5.6% في نوفمبر.
كما سجل معدل التضخم العام الشهري خلال نوفمبر معدلا سالبا (-0.2%) لإجمالي الجمهورية مقابل معدل صفر خلال نوفمبر، وفقا للإحصاء، وبلغ المعدل في المدن -0.1% مقابل 0.1% في نوفمبر.
وكان البنك المركزي المصري أعلن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 6% في شهر ديسمبر 2021 مقارنة 5.8% في شهر نوفمبر السابق له من نفس العام.
ورغم ارتفاع التضخم لكن مازال عند مستهدفات البنك المركزي المصري وهو (7% زائد أو ناقص 2%)، حتى نهاية الربع الرابع من عام 2022.
وقال تامر الصادق إن المستثمر الأجنبي يحصل على عائد حقيقي مرتفع من مصر مقابل مخاطر منخفضة، إلى جانب سهولة دخولهم وخروجهم، وهو ما يدفع إلى نمو موارد النقد الأجنبي ووجود احتياطي نقدي قوي بما عزز من دخولهم بقوة.
وأضاف تامر الصادق أن هناك دخولا قويا من الأجانب في السوق الثانوي (البورصة) لشراء سندات خزانة مما يدل على وجود نزوح من الاستثمارات الأجنبية من تركيا بسبب المخاطر المرتفعة هناك.
وقال مصدر مسؤول في أحد البنوك الأجنبية، لمصراوي، إن ارتفاع المخاطر في تركيا وكرواتيا يدفع إلى نزوح الاستثمارات الأجنبية إلى الدول في الأسواق الناشئة ذات مخاطر منخفضة ومن بينها مصر.
وأوضح أن رأسمال المال جبان ووجود أي توترات سياسية أو عدم استقرار في سعر الصرف يدفعه للهروب والبحث عن أسواق بديلة آمنة لاستثماراته.
وأضاف المصدر أن مصر لديها أقل نسب مخاطر على مستوى الأسواق الناشئة وهو ما يعزز من حصولها على حصة أكبر من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين.
وأكد أن عدم استقرار الليرة التركية وانخفاض الفائدة يدفع الأجانب إلى إعادة توزيع استثمارات محافظهم في الأسواق الناشئة لصالح دول أكثر استقرارا على حساب استثماراتهم في تركيا.
وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الإقليمية، لمصراوي، إن تقلبات سعر الصرف في تركيا تسبب قلقا لأي مستثمر أجنبي بشأن استمرار استثماراته هناك وهو ما يعزز من استفادة مصر في حصولها على حصة أكبر من استثمارات الأجانب في أدوات الدين.
وأضاف أن حصول المستثمر الأجنبي على عائد حقيقي مرتفع في مصر واستقرار سوق الصرف يعزز من دخوله للسوق المصري مقابل انخفاض الليرة التركية وتراجع نسبة الفائدة وعدم وجود استقلالية للسياسة النقدية بسبب تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فيها مما أضر باقتصاد دولته.
فيديو قد يعجبك: