قرار مرتقب للبنك المركزي بشأن الفائدة يوم الخميس.. فما توقعات الخبراء؟
كتبت- منال المصري:
تترقب الأوساط الاقتصادية قرار البنك المركزي بشأن مصير أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس المقبل، وسط ظروف اقتصادية محلية وعالمية تضع متخذي القرار في اللجنة في موقف صعب وسط توقعات ترجح اتجاه المركزي نحو الرفع.
وتوقع مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، أن يرفع البنك المركزي الفائدة للمرة الثانية علي التوالي بنسبة تتراوح من 0.5% إلى 2% في اجتماعه القادم.
ويرى هؤلاء المصرفيون أن قرار المركزي سيأتي مدفوعا بزيادة معدلات التضخم ومحاولته لاستيعاب الضغوط التضخمية المستوردة، وإعطاء ميزة تنافسية للاستثمار في الجنيه للحفاظ على الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة القائمة والحد من خروجها بعد رفع الفائدة الأمريكية مؤخرا.
ويأتي الاجتماع المقبل للجنة السياسية النقدية بعد أن رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بشكل مفاجئ بنسبة 1% في اجتماع استثنائي يوم الاثنين 21 مارس الماضي لتصل إلى 9.25% للإيداع و10.25% للإقراض، وهو نفس اليوم الذي شهد طرح بنكي الأهلي المصري ومصر شهادة ادخار مرتفعة العائد بنسبة 18%.
وتزامن ذلك مع ما وصفه طارق عامر محافظ البنك المركزي بحركة تصحيح حينما شهد سعر الجنيه انخفاضا ملحوظا مقابل العملات الأجنبية، حيث ارتفع سعر الدولار بنحو 17.7% خلال يومي 21 و22 مارس الماضي.
وقبل الاجتماع الاستثنائي، ثبتت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أسعار الفائدة بالبنك خلال 10 اجتماعات لها (منها 8 اجتماعات عقدتها في عام 2021) وكان آخرها أول اجتماع للجنة في عام 2022 في الثالث من فبراير الماضي.
قفزة الأسعار
وكانت معدلات التضخم واصلت رحلة ارتفاعها في أبريل الماضي للشهر الخامس على التوالي، وسط توقعات بالمزيد من الارتفاع في الشهور المقبلة، وذلك وسط تداعيات التشديد النقدي العالمي ورفع أسعار الفائدة الأمريكية بنسبة 0.5% مؤخرا والمتوقع أن يؤثر سلبا على تدفقات الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة إلى الأسواق الناشئة.
وواصل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية صعوده للشهر الخامس على التوالي خلال أبريل الماضي ليسجل 14.9% مقابل 12.1% في مارس، بحسب ما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بيان اليوم الثلاثاء.
وسجل معدل التضخم السنوي في المدن ارتفاعًا إلى 13.1% في أبريل مقابل 10.5% في مارس الماضي.
ويتجاوز معدل التضخم السنوي في المدن بذلك النطاق المستهدف الذي وضعه البنك المركزي لمعدل التضخم السنوي عند مستوى 7% (بزيادة أو نقصان 2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022.
وسجل معدل التضخم الشهري لإجمالي الجمهورية 3.7% في أبريل مقابل 2.4% في مارس الماضي.
ووصل معدل التضخم الشهري في المدن إلى 3.3%، مقابل 2.2% في مارس، وفي الريف إلى 4.2% مقابل 2.7% خلال مارس.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أقر يوم الأربعاء قبل الماضي رفع الفائدة على الأموال الفيدرالية بنصف نقطة مئوية، لتصل إلى 1%، وهي أكبر زيادة منذ عام 2000، وهو ما يتوافق مع توقعات أغلب المستثمرين.
وتأتي هذه الخطوة من قبل الاحتياطي الفيدرالي بهدف كبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عاماً عند 8.5%.
رفع الفائدة
ورجحت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، ونائب رئيس بنك مصر سابقا، رفع البنك المركزي للفائدة للمرة الثانية علي التوالي في اجتماعه القادم بنسبة تتراوح بين 0.5% إلى 1%.
وقالت سهر الدماطي، لمصراوي، إن رفع البنك المركزي للفائدة سيكون مدفوعا للحفاظ على الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في الجنيه المصري (أذون الخزانة) ومواجهة الضغوط التضخمية خاصة بعد رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة للمرة الثانية في اجتماعه مطلع الشهر الجاري.
وخرج ما يقرب من 20 مليار دولار من الاستثمارات غير المباشرة في مصر منذ بداية العام بسبب تداعيات الأزمة الأوكرانية ومن قبلها مع إعلان الاحتياطي الفيدرالي بدء سياسة رفع أسعار الفائدة، بحسب ما ذكره الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر صحفي أمس.
وتوقع محمد بدرة، الخبير المصرفي، أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 0.5% إلى 1% في اجتماع لجنة السياسة النقدية خلال الشهر الجاري.
وذكر بدرة، لمصراوي، أن قرار المركزي برفع الفائدة سيكون بهدف السيطرة على الضغوط التضخمية والحد من خروج الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع كبير للفائدة على الدولار في اجتماعه الأخير.
وقال تامر الصادق، نائب رئيس قطاع المعاملات الدولية في ميد بنك، لمصراوي، إنه من المحتمل أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 0.5% في اجتماعه القادم بهدف معادلة التضخم المستورد بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة.
ورغم توقعه برفع أسعار الفائدة، يرى الصادق أنه من الأفضل تثبيتها بعد قرارات المركزي الاستثنائية خلال مارس الماضي لاستيعاب صدمة الفيدرالي الأمريكي.
وأوضح تامر الصادق أن قرارات المركزي السابقة سواء رفع الفائدة في اجتماعه الاستثنائي في مارس الماضي أو صدور شهادة الـ 18% في بنكي الأهلي ومصر ساهمت في تحجيم تداعيات قرارات الفيدرالي الأمريكي بشكل مسبق.
وذكر أن رفع المركزي للفائدة سيسهم في السيطرة على الضغوط التضخمية المستوردة وتداعياتها على مصر، وكذلك امتصاص السيولة للحد من قروض الأفراد للسلع الترفيهية.
وتوقع عضو مجلس إدارة أحد البنوك الخاصة، فضل عدم نشر اسمه، أن يتخذ البنك المركزي قرارا حاسما برفع الفائدة بنسبة بين 1% و2% دفعة واحدة في الاجتماع القادم.
وذكر المصدر، لمصراوي، أنه رغم توقعه برفع كبير للفائدة فإنه سيكون رفعا من أجل عوامل نفسية فقط بعد ارتفاع معدلات التضخم مؤخرا، والرفع المتوقع للفائدة لن يؤثر في تعزيز قدرته على امتصاص السيولة لمحاربة التضخم والذي يعد تضخما مستوردا غير ناتج عن الطلب وبالتالي من الصعب السيطرة عليه برفع الفائدة فقط.
وأضاف أن البنك المركزي يميل في وقت الأزمات والصراعات العالمية وتداعياتها على الوضع المحلي إلى اتخاذ قرار حاسم، ولذلك من المتوقع حدوث زيادة كبيرة على الفائدة دفعة واحدة تصل إلى 2% بعد صعود معدلات التضخم واستمرار اتجاه الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة في اجتماعاته القادمة.
وذكر المصدر أن المركزي سيكون مضطرا لرفع الفائدة للمرة الثانية للمساهمة في السيطرة على التضخم، والحفاظ على جاذبية الاستثمارات غير المباشرة، وكذلك بسبب الظروف غير العادية الناجمة عن النزاع الروسي الأوكراني وتبعاته على تدهور الاقتصاد العالمي وزيادة الأسعار ونقص الإمدادات.
وأوضح أن قرار البنك المركزي في الاجتماع القادم سيكون أحد أكثر القرارات صعوبة فيما يتعلق بحسم مصير أسعار الفائدة هذا العام بسبب التبعات الناتجة عنه، فمتخذو القرار في لجنة السياسة النقدية في وضع لا يحسدون عليه، بسبب هذه المرحلة شديدة الصعوبة على مستوى الدول الناشئة والعالم.
فيديو قد يعجبك: