هل يؤثر قرار الفيدرالي الأخير على مصير الفائدة باجتماع المركزي المقبل؟
كتبت- منال المصري:
قال مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، إن رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) رفع الفائدة على الدولار مجددا يوم الأربعاء الماضي لن يكون له تأُثير على قرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي بشأن سعر الفائدة في اجتماعها القادم يوم الخميس بعد المقبل 18 مايو الجاري.
وأرجعوا ذلك إلى عدم جدوى أي رفع للفائدة في البنك المركزي المصري (لمجارة الفائدة الأمريكية) في جذب أي تدفقات أجنبية غير مباشرة للاستثمار في الجنيه (أذون الخزانة)، وتحجيم التضخم.
كان الفيدرالي الأمريكي قرر رفع سعر الفائدة بنسبة 0.25% على الدولار في نهاية اجتماعه يوم الأربعاء الماضي، وذلك للمرة الثالثة على التوالي بنفس الوتيرة، وللمرة العاشرة على التوالي ليسجل العائد بعد الزيادة بين 5% و5.25%، وذلك ضمن مساعيه لكبح جماح التضخم ووصوله للمعدل المستهدف 2%.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري ثالث اجتماعها هذا العام يوم 18 مايو لبحث مصير سعر الفائدة بعد رفعه 2% في اجتماعها الأخير الذي عقد يوم 30 مارس الماضي.
وسيعقد الاجتماع المقبل للجنة بعد صدور أرقام التضخم العام والأساسي لشهر أبريل يوم الأربعاء المقبل 10 مايو.
التضخم أشد تأثيرا من الفيدرالي
قال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، لمصراوي، إن رفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة لن يكون له تأثير على الأسواق الخارجية ومنها مصر خاصة بعد تلميحه بانتهاء دورة الرفع مما يقلل من الضغوط الواقعة على باقي العملات الأخرى.
وأضاف: "نسير في طريق خاص بنا يرتبط بظروفنا وأوضاعنا الداخلية في حسم مصير الفائدة والمرتبط بحجم السيولة المتداولة في السوق، وتوقعات التضخم".
كان حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي المصري قال خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن الشهر الماضي، إن ارتفاع أسعار الفائدة لا يمكن أن يفعل شيئاً يذكر لاحتواء التضخم، الذي وصفه بأنه مدفوع بشكل رئيسي بقضايا الإمدادات.
لكنه عاد وأكد " لن نتردد في فعل المزيد لكننا بحاجة إلى توخّي الحذر الشديد" وإن "سعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة".
"قد يرفع البنك المركزي للفائدة مجددا في اجتماعه القادم في حالة واحدة تتمثل في تسجيل معدل التضخم لشهر أبريل زيادة جديدة وبناءً عليها سيتم تحديد النسبة"، بحسب ما قالته سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقاً.
وذكرت أن رفع الفيدرالي الفائدة على الدولار لن يؤثر داخليا على قرار رفع الفائدة على الجنيه خلال هذه المرحلة التي ترتبط أكثر بعوامل داخلية منها زيادة وتيرة التضخم الذي يعد أحد مستهدفات المركزي الأساسية.
كان معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية ارتفع في شهر مارس الماضي إلى 33.9% مقابل 32.9% في فبراير الماضي، فيما أعلن البنك المركزي مؤخرا تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 39.5% في مارس 2023 مقابل 40.3% (مستوى تاريخي) في شهر فبراير السابق له.
ورفع المركزي سعر الفائدة 10% على 5 مرات بداية من مارس 2022 أحدثها 2% في آخر مارس الماضي، كما أقر في سبتمبر الماضي زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي من 14% إلى 18% من إجمالي الودائع لامتصاص السيولة.
وقال محمد بدرة، الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الخليجية سابقا، لمصراوي، إن بيانات معدل التضخم التي ستصدر قريبا بشأن شهر أبريل ستحسم قرار المركزي بشأن الفائدة بعد اطلاعه على وتيرة زيادة الأسعار إذا ما كانت تأخذ منحى صعوديا أو هبوطيا، وهو الأمر الذي سيؤثر أكثر من قرار الفيدرالي.
تبعات زيادة الفائدة الأمريكية على الاستثمار في الجنيه
تسببت الحرب الروسية الأوكرانية خلال العام الماضي في نزوح 22 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة في أدوات الدين المصرية (أذون الخزانة) وهو ما زاد من ضغوط نقص النقد الأجنبي التي تواجهها مصر.
وقال محمود نجلة، إن إبطاء الفيدرالي الأمريكي وتيرة رفع الفائدة وتلميحه بانتهاء دورة الزيادات ستنعكس بالتأكيد على بعض الأسواق الناشئة التي لديها أوضاع اقتصادية أفضل في التقليل من هيمنة الدولار باستثناء مصر بسبب استمرار العائد الحقيقي على الجنيه بالسالب بسبب التضخم.
ويحسب العائد الحقيقي من خلال طرح معدل التضخم من سعر الفائدة فإذا كان العائد أكثر من التضخم يكون عائد موجباً أو العكس.
وأوضح نجلة أن دخول المستثمرين الأجانب في أدوات الدين سيبدأ مع بدء وجود عائد حقيقي إيجابي على الاستثمار في الجنيه، كما كان قبل التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية حيث كانت مصر من أكثر الأسواق التي تمنح عائدا حقيقيا موجبا.
ورغم استمرار وزارة المالية في رفع سعر الفائدة على أذون الخزانة بنحو 11% لتصل إلى 20% بعد خصم الضريبة المقررة على استثمار الأجانب فإن العائد الحقيقي لا يزال أقل من معدل التضخم بسالب نحو 13% حتى كتابة هذا التقرير.
وتساهم الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين الحكومية (أذون وسندات الخزانة) في تقوية سعر العملة المحلية نتيجة زيادة الطلب على شرائها مقابل بيع الدولار بما يزيد المعروض من العملة.
واتفق محمد بدرة، مع رأي محمود نجلة، في أن عودة دخول الاستثمارات الأجنبية لمصر مجددا لن تتأثر برفع المركزي للفائدة مجددا ولكن بوجود عائد حقيقي على الجنيه، وكذلك العمل على تقليل بعض المخاطر.
وأوضح أن عدم استقرار سعر الصرف ووجود سعرين أحدهما رسمي والآخر غير رسمي يعد أحد العوامل التي تزيد من قلق أي مستثمر أجنبي أكثر من رفع سعر الفائدة حيث سيكون معرضا للخسارة في حال حدوث خفض مفاجئ للجنيه مقابل الدولار.
ويحسم قرار المستثمر الأجنبي بدخول أحد الأسواق الناشئة للاستثمار في العملة بخلاف العائد الحقيقي على مدخراته حالته عند خروجه حتى لا يتعرض للخسارة من دخوله على سعر صرف مرتفع وخروجه على سعر آخر منخفض بما قد يكبده بعض الخسائر المحتملة.
وتواجه مصر حاليا أزمة عودة الدولرة- السوق السوداء- بعد تداول الدولار بسعر أعلى من السعر الرسمي بسبب صعوبة تدبيره في البنوك لكافة العملاء.
وقالت سهر الدماطي إنه في حال ضمان المركزي دخول المستثمرين الأجانب في أدوات الدين مجددا سيكون رفع الفائدة في هذه الحالة مجديا، ودون ذلك لن يكون له أي تأُثير.
فيديو قد يعجبك: