اجتماع يونيو.. هل يعود البنك المركزي لرفع سعر الفائدة بعد زيادة التضخم؟
كتبت- منال المصري:
رجح مصرفيون تثبيت البنك المركزي سعر الفائدة على الإيداع والإقراض في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية للمرة الثانية على التوالي، وذلك رغم عودة معدل التضخم للارتفاع، وذلك لعدم الجدوى من وراء زيادة الفائدة لكبح جماح التضخم (وتيرة زيادة الأسعار)، بحسب ما ذكروه لمصراوي.
وعاد معدل التضخم السنوي في المدن خلال مايو الماضي للارتفاع مجددا ليسجل 32.7% مقابل 30.6% في أبريل، بعد أن تراجع الشهر قبل الماضي من مستوى 32.7% الذي سجله في مارس، بحسب ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم.
كما سجل معدل التضخم الشهري في المدن 2.7% خلال مايو الماضي مقابل 1.7% خلال أبريل الماضي، وفقا لبيانات الجهاز.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي رابع اجتماعاتها هذا العام يوم الخميس بعد المقبل لبحث مصير الفائدة بعد أن قررت تثبيتها في آخر اجتماع لها يوم 18 مايو الماضي.
كان البنك المركزي حدد مستهدفات جديدة لمعدل التضخم بعد تجاوز المستهدفات المعلنة في نهاية العام الماضي والتي كانت محددة عند 7% (±2%) خلال الربع الأخير من 2022.
وأعلن البنك المركزي المستهدفات الجديدة للتضخم في نهاية العام الماضي عند 7% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، مستهدفا تراجعه إلى 5% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
لا جدوى من رفع سعر الفائدة
توقع محمد عبد العال، الخبير المصرفي، تثبيت البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل مدفوعا بتراجع أسعار السلع العالمية بما ينعكس على تراجع وتيرة التضخم خلال الفترة القادمة.
كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة بنسبة 10% خلال آخر 15 شهرا منها 8% في العام الماضي و2% في مارس الماضي لكبح جماح التضخم، والذي يعد من ضمن مهامه الأساسية السيطرة على زيادة الأسعار من خلال الأدوات المتاحة في يده من ضمنها سعر الفائدة.
وأوضح عبد العال أن التضخم الحالي غير مستدام ومن المتوقع أن يبدأ في التراجع خلال الشهور المقبلة نتيجة انخفاض أسعار السلع عالميا، بشرط استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وهو العامل الذي يؤثر بشدة على زيادة الأسعار، وبالتالي معدل التضخم.
ورجحت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، تثبيت المركزي لسعر الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية لعدم زيادة تكلفة عبء الاقتراض على الإنتاج إذا ما اتجه إلى رفع الفائدة.
وأوضحت أنه في حال رفع البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماع الخميس بعد المقبل سيكون ذلك تحت ضغوط صندوق النقد الدولي ولن تزيد نسبة الرفع عن 1%.
كان صندوق النقد الدولي- الذي يدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر بقرض بقيمة 3 مليارات دولار يصرف على 46 شهرا- ذكر في أبريل الماضي أن بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتاج إلى المزيد من التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة) لتحقيق الاستقرار في التضخم وتتضمن مصر وباكستان وتونس.
وأضاف، في تقرير عن آفاق الاقتصاد الإقليمي، أن البنوك المركزية في جميع أنحاء المنطقة قامت بتشديد السياسة النقدية باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات، وأهمها رفع أسعار الفائدة. لكن هل هذه المعدلات أعلى أو أقل من المستويات المتوافقة مع النمو الاقتصادي المستقر والتضخم - أي مستوياتها "الطبيعية"- أم أنها بحاجة إلى مزيد من الارتفاع لتحقيق الاستقرار في التضخم
الدوران في حلقة مفرغة
كان حسن عبدالله محافظ البنك المركزي المصري، قال في وقت سابق خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في أبريل الماضي، إن ارتفاع أسعار الفائدة لا يمكن أن يفعل شيئاً يذكر لاحتواء التضخم، الذي وصفه بأنه مدفوع بشكل رئيسي بقضايا الإمدادات.
وأضاف عبد الله أن "جزءاً كبيراً من التضخم لدينا مستورد، والكثير منه بسبب مشاكل الإمداد". "ليس فقط أسعار التوريد، ولكن مشاكل العرض؛ بما في ذلك التراكم الذي نتج عن بعض اللوائح السابقة. وهذا في حد ذاته لا ولن يتم معالجته من خلال أسعار الفائدة".
وقالت سهر الدماطي، إن رفع سعر الفائدة لن يكون له جدوى لكبح جماح التضخم كونه مستوردا أو متأثرا بشكل أكبر بانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار.
واتفق محمد عبد العال، مع سهر الدماطي، على أن العلاقة بين التضخم والفائدة فقدت مفعولها ولن يكون لزيادة الفائدة أي تأُثير في كبح التضخم.
وأوضح أن التضخم يرتبط حاليا بسعر الجنيه مقابل الدولار فهو العامل الرئيسي، ولذلك من الأفضل الحفاظ على استقرار سعر الصرف حاليا دون تغيير تجنبا لحدوث صدمات سعرية تنعكس على زيادة الأسعار مجددا.
وأرجع البنك المركزي، في تقرير لجنة السياسة النقدية في شهر مارس الماضي، عوامل ارتفاع معدل التضخم الأساسي لمستوى تاريخي في فبراير الماضي وتخطي نسبة 40% قبل أن يتراجع إلى 38% في أبريل الماضي تشمل اختلالات سلاسل الإمداد محلياً، وتقلبات سعر صرف الجنيه، بالإضافة إلى ضغوط من جانب الطلب، وهي ما تتضح في تطورات النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بطاقته الإنتاجية القصوى والارتفاع في معدل نمو السيولة المحلية.
وأدت عودة مصر إلى اتباع سعر صرف مرن للجنيه إلى ارتفاع سعر الدولار بنحو 96% على مدار نحو 15 شهرا ليرتفع من 15.76 جنيه في 20 مارس 2022 إلى 30.94 جنيه في تعاملات البنوك نهاية الخميس الماضي.
أتوقع التثبيت وأفضل الرفع
اتفق محمد بدرة، الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الخليجية سابقا، مع التوقعات السابقة بأن البنك المركزي سيتجه إلى تثبيت سعر الفائدة خلال اجتماعه القادم حتى يتوفر له وقتا كافيا لمراقبة تبعات ارتفاع سعر السولار على التضخم بشكل أكبر.
لكن بدرة يرى أنه من الأفضل رفع الفائدة لمواجهة ارتفاع المعروض النقدي في السوق والتي تؤثر بالتالي على التضخم وتسهم في ارتفاعه، فهناك زيادة في تداول الكاش بالسوق تستلزم ضبطها، بحسب ما قاله لمصراوي.
كما أنه يرى ضرورة لطرح شهادات ادخار بسعر فائدة لا يقل عن 25%، كإجراء مصاحب لرفع الفائدة، من أجل إعادة ثقة العملاء للاستثمار في الجنيه بدلا من الملاذات الأخرى مثل العملة والذهب، مشيرا إلى أنه بدون هذا الإجراء لن يكون هناك جدوى لرفع الفائدة.
وتطرح البنوك حاليا شهادات ادخار ثلاثية بسعر فائدة يصل إلى 19% وهو السعر السائد في أغلب البنوك للاستثمار في الجنيه بعائد ثابت.
فيديو قد يعجبك: