هل رفع الفائدة بالبنك المركزي تمهيد لخفض مرتقب للجنيه؟ مصرفيون يجيبون
كتبت- منال المصري:
قال مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، إن رفع البنك المركزي سعر الفائدة يوم الخميس الماضي لا يرتبط بالضرورة بحدوث خفض لقيمة الجنيه خلال الأيام المقبلة، مستبعدين مثل هذا الإجراء على المدى القريب.
لكن هؤلاء المصرفيين يرجحون أن يحدث خفض الجنيه خلال الشهور المقبلة، مع توقعات باقتراب إجراء صندوق النقد الدولي المراجعتين الأولى والثانية على برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتعاون فيه مع مصر.
كما رهن المصرفيون خفض الجنيه مجددا مقابل الدولار بقدرة مصر على جذب حصيلة دولارية لإدارة عملية الخفض والتقليل من مخاطر حدوث تراجع كبير بسعر العملة المحلية بشكل غير متوقع، وزيادة سعره في السوق السوداء وذلك بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي.
كانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري فاجأت السوق برفع سعر الفائدة 1% في اجتماعها يوم الخميس، ليرتفع إلى نطاق 19.25% على الإيداع، و20.25% على الإقراض في تحرك مفاجئ مستهدفا من ورائه كبح معدلات التضخم التي سجلت مستويات تاريخية في شهر يونيو الماضي.
وأرجأ صندوق النقد الدولي المراجعة الأولى على برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري التي كان من المقرر إجراؤها في مارس الماضي بسبب بعض الخلافات وتباطؤ تنفيذ السلطات المصرية بعض إجراءات البرنامج وأبرزها توفير مرونة أكبر على حركة الجنيه مقابل الدولار، وسرعة تخارج الدولة من بعض الأصول المملوكة لها لصالح القطاع الخاص.
وتأتي توقعات المصرفيين، بعد أيام قليلة من تقرير أصدره بنك مورجان ستانلي الأمريكي عن مصر، توقع خلاله خفض سعر صرف الجنيه على الأرجح في شهري سبتمبر أو أكتوبر المقبل، في وقت قريب من إجراء المراجعة الثانية لصندوق النقد الدولي المتوقع لها خلال الفترة بين شهري سبتمبر وديسمبر المقبلين.
وأدت عودة مصر إلى اتباع سعر صرف مرن في مارس 2022 إلى هبوط حاد في سعر الجنيه، أسهم في ارتفاع سعر الدولار في مقابله بنحو 96% خلال عام ونصف، ليقفز متوسط سعره في البنوك من 15.76 جنيه في 20 مارس قبل الماضي إلى قرب 31 جنيها حاليا، بعد 3 موجات من خفض العملة المحلية.
خفض الجنيه لن يحدث قبل سبتمبر
استبعد محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت، في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، الربط بين رفع البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماعه الأخير وحدوث خفض لسعر الجنيه مقابل الدولار خلال الأيام القريبة الراهنة، مرجعا ذلك إلى عدم توفر تدفقات نقد أجنبي كافية تحمي من حدوث ضغوط كبيرة على العملة المحلية خلال عملية الخفض.
ويرى نجلة أن مصر ستلجأ إلى خفض الجنيه للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، لكن ذلك لن يحدث قبل شهر سبتمبر أو أكتوبر المقبل وبعد جمع حصيلة مناسبة من النقد الأجنبي لإدارة هذا الخفض مع قرب إجراء المراجعتين الأولى والثانية لصندوق النقد الدولي.
وبحسب نجلة، فإن جمع مصر هذه الحصيلة سيعتمد على مصادر مختلفة منها إيرادات السياحة التي تشهد انتعاشا حاليا، وتنفيذ صفقات لبيع أصول مملوكة للدولة لمستثمرين عرب أو أجانب، وكذلك جذب استثمارات أجنبية في أدوات الدين (أذون وسندات الخزانة) بمساعدة صندوق النقد الدولي.
كان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء أعلن في يوليو إتمام صفقات ضمن برنامج الطروحات الحكومية بقيمة نحو 1.9 مليار دولار، والعمل على إنهاء صفقات أخرى بقيمة نحو مليار دولار أخرى خلال الفترة المقبلة.
ويعتقد مورجان ستانلي أن مصر بحاجة إلى إحراز تقدم في مرونة سعر الصرف لتعديل وضعها الخارجي إلى أبعد من المدى القصير.
وعلى مدار 16 شهرا تواجه مصر ضغوطا من تراجع تدفقات النقد الأجنبي بعد خروج 22 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة خلال العام الماضي بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، لمصراوي، إن خفض الجنيه مجددا لن يحدث قبل الربع الأول من العام المقبل وبشرط دخول حصيلة من النقد الأجنبي بنحو 5 مليارات دولار لإدارة عملية الخفض وضبط سعر الصرف.
وأضافت أن مصر اعتمدت خلال خفض الجنيه في الـ 3 مرات الماضية على الآمال الطموحة بجذب تدفقات نقد أجنبي بنحو 14 مليار دولار من مؤسسات إقليمية ودولية ومستثمرين خليجيين للخروج من الفجوة المقومة بالدولار، حسبما توقع صندوق النقد الدولي عند موافقته في ديسمبر 2022 على دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي بقيمة 3 مليارات دولار تصرف على 46 شهرا، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وتابعت أن عدم دخول تدفقات نقد أجنبي، كما وعد الصندوق، يجعل مصر غير مضطرة إلى خفض سعر الصرف مجددا إلا بعد وجود حصيلة نقد أجنبي.
ورجح محمد عبد العال، الخبير المصرفي، حدوث تحريك جديد لسعر الجنيه في الفترة المقبلة، لكن يصعب توقع وقتا معينا لتنفيذ الخفض في ظل حالة عدم اليقين حاليا خاصة بين رسائل الرئاسة في يونيو الماضي باستبعاد خفض الجنيه وبين ضغوط الصندوق وبعض القوى الأخرى لحدوث هذا الإجراء.
وأضاف عبد العال: "ربما يكون هناك تفاهم مع الصندوق على تأجيل هذا الأمر لحين استكمال نمو مصادرنا بالنقد الأجنبي (من مصادر غير الاقتراض)، وبصفة أساسية الوصول بحصيلة برنامج الطروحات إلى نحو 4 مليارات دولار وبعدها يمكن أن يرى الرئيس أنه من المناسب أن يدرس المركزي إمكانية العودة إلى سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف".
وأوضح أن إدارة الأمور الاقتصادية ليست لها ثوابت، لكنها تتغير وتتطور وتتعدل وفقا لتطور الأحداث والظروف الاقتصادية العالمية والمحلية.
نسبة الخفض المتوقعة للجنيه بين 10 و20%
رجح محمد عبد العال، الخبير المصرفي، أنه إذا تقرر دراسة إجراء خفض الجنيه أن تتراوح نسبة تراجع العملة في المتوسط بين 10 و15%، لكن هذا مرهون بمدى توفر صافي احتياطيات كافي من النقد الأجنبي.
فيما توقع محمود نجلة، تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار بنسبة بين 10 و20% مقابل الدولار، ليقترب سعر العملة الأمريكية من السعر المتداول في السوق السوداء، ليتراوح بين 34 و38 جنيها، بشرط وجود سيولة دولارية لدى مصر لتفادي حدوث خفض كبير للجنيه.
كان مراقبون لسوق الصرف، تحدث إليهم مصراوي الأسبوع الماضي، قالوا إن سعر الدولار في السوق السوداء يتراوح بين 38 جنيها و38.5 جنيه مقارنة بمتوسط 30.94 جنيه في البنوك، أي أقل بنحو 7.5 جنيه تقريبا.
واستبعد نجلة ارتفاع معدل التضخم بنسبة كبيرة تأثرا بالتراجع المتوقع لسعر صرف الجنيه، "فأغلب الأسعار في السوق مقومة على سعر السوق السوداء وليس السعر الرسمي".
فيديو قد يعجبك: