إعلان

هل سعر الدولار في السوق السوداء واقعي مع توقعات خفض الجنيه؟

01:57 م السبت 13 يناير 2024

سعر الدولار

كتبت- منال المصري:

أجمع مصرفيون واقتصاديون على أن سعر تداول الدولار في السوق السوداء لتجارة العملة "السوق غير الرسمي" مبالغ فيه للغاية ولا يعبر عن السعر العادل المتوقع للجنيه بسبب زيادة المضاربات والمتلاعبين بالعملة، وفق ما قالوه في حديثهم مع "مصراوي".

ووصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى مستوى قياسي بين 53 و55 جنيها بسبب استمرار قصور النقد الأجنبي في البنوك والصرافات مقابل زيادة الطلب على شرائه وانتشار ظاهرة الدولرة "الإتجار في الدولار"، وفق مراقبون تحدث إليهم مصراوي على مدار الفترة الماضية.

وتواجه مصر قصورا في موارد النقد الأجنبي على مدار آخر عامين بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية التي أدت إلى خروج نحو 22 مليار دولار استثمارات غير مباشرة خلال النصف الأول من 2022 وانتشار السوق السوداء وزيادة عبء تمويل خدمة الدين الخارجي.

وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن سعر الدولار في السوق السوداء غير منطقي ولا يعبر عن القوة الحقيقية للجنيه ولكن زيادة المضاربة على العملة وهيمنة أباطرة السوق السواء "المتلاعبين" أدى إلى وجود إنفلات سعري بشكل مبالغ فيه استغلالا لضعف موارد النقد الأجنبي.

ومع بدء استناف التعاون مع صندوق النقد الدولي، توقع عبد العال عودة مصر إلى سياسة خفض الجنيه أو مرونة سعر الصرف وليس تحرير سعر صرف الجنيه بسبب عدم مواءمة سياسة تعويم الجنيه مع وضع الاقتصاد المصري على أن يرتبط خفض الجنيه بتوافر حصيلة نقد أجنبي بنحو 5 أو 8 مليارات دولار في يد المركزي لتجنب الضغوط الواقعة على الجنيه.

وأوضح أن السعر العادل للجنيه مقابل الدولار عند 40 جنيها خلال النصف الأول من العام الجاري على أن يتحسن قليلا بنهاية 2024 ليصل إلى 38 جنيها لكل دولار تزامنا مع استئناف صندوق النقد الدولي دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وهو سعر منطقي يتناسب مع مؤشرات مصر الاقتصادية وما تمتلكه من موارد.

كانت جولي كوزاك، المتحدثة باسم الصندوق قالت في مؤتمر صحفي يوم الخميس الماضي، إن المناقشات مع السلطات المصرية حول تحسينات السياسة ستستمر خلال الأسابيع المقبلة، بما في ذلك الحاجة إلى تشديد السياسة المالية والنقدية وكذلك التحرك نحو سياسة مرنة لسعر الصرف، وفق ما نقلته وكالة رويترز.

ويأتي ذلك التصريح مع وجود مناقشات بين الطرفين حول تقديم صندوق النقد الدولي تمويلا إضافيا لمصر الذي وصفته "كوزاك" بأنه حاسما لإنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي يدعمه بقيمة 3 مليارات دولار، دون ذكرها أية معلومة عن قيمة التمويل الإضافي المتوقعة، بحسب رويترز.

ومنذ موافقة الصندوق على إقراض مصر 3 مليارات دولار في ديسمبر 2022 لم يتم صرف إلا شريحة واحدة بنحو 147 مليون دولار وتم تجميد المراجعتين الأولى والثانية في شهري مارس وسبتمبر الماضيين بما ترتب عليه عدم صرف الشريحيتين المقررتين بقيمة 700 مليون دولار وهو ما أرجعه البعض إلى عدم التزام مصر بتعهداتها بسعر صرف مرن للجنيه مقابل الدولار.

وعادت مصر إلى سياسة مرونة سعر الصرف منذ مارس 2022 بعد تعليقها على مدار عامي كورونا 2020 و2021 بما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه بنسبة 96% ليقفز إلى قرب 31 جنيها حتى نهاية تعاملات البنوك الخميس الماضي وهو سعر ثابت عليه من مارس الماضي والذي تزامن ذلك الخفض مع بدء محادثات مصر مع صندوق النقد الدولي.

وتعهدات مصر لصندوق النقد لم تقتصر فقط على مرونة سعر الصرف لكنها شملت تخارج الدولة من أًصول مملوكة لها لصالح القطاع الخاص لسد فجوة نقص النقد الأجنبي، وتقليل الإنفاق على المشروعات الكبرى لتخفيف الضغط على الدولار، حيث يدخل في تنفيذ هذه المشروعات مكون بالعملة الأجنبية، إلى جانب تماشي السياسة النقدية وتحركات الفائدة مع التضخم.

ويرى وائل النحاس، خبير الاقتصاد وأسواق المال، أن سعر الدولار في السوق السوداء إلى مستوى 54 و55 جنيها يعد مبالغا فيه مرجعا ذلك إلى وجود إنفلات في التسعير من كبار المتلاعبين بالمضاربة على الدولار.

وتوقع وصول سعر الدولار إلى مستوى 50 و52 جنيها لكل دولار خلال الربع الأول من العام الجاري الذي يراه نقطة التعادل مع سعر السوق الموازية على المدى القصير حتى تستطيع الحكومة من خلاله تحقيق استقرار السلع والقضاء على السوق السوداء.

وأوضح النحاس أن مصر لن تتجه إلى إتباع سياسة تحرير سعر الصرف ولكن خفض الجنيه بالتدريج حيث التعويم الكامل يعني رفع يد البنك المركزي تماما عن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ليتركه للعرض والطلب وهو ما قد يؤدي إلى قفزات سعرية غير متوقعة للدولار.

وأوضح أنه لا يوجد حل آخر أمام الحكومة المصرية للخروج من الأزمة وتغطية عجز الموازنة إلا من خلال خفض سعر العملة بسبب صعوبة فرص الاقتراض الحالية وتكلفته بسبب ارتفاع أسعار الفوائد العالمية وتراجع بعض الموارد الرسمية للنقد الأجنبي.

كانت تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت تراجعا قياسيا بنحو 30% خلال الربع الأول من العام المالي الجاري على أساس سنوي وهي نفس نسبة التراجع في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلا عن تراجع حصيلة الصادرات، وفق ما أظهرته بيانات ميزان المدفوعات الصادر للبنك المركزي حديثا.

وامتدد التراجع إلى مورد آخر هام حيث انخفضت حصيلة إيرادات قناة السويس بنسبة 40% خلال أول 10 أيام من يناير الجاري على أساس سنوي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بسبب هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر بما إدى إلى تراجع مرور عدد السفن، وفق ما قاله الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس في تصريحات إعلامية أمس الأول الخميس.

ويتطلب لجوء مصر إلى مرونة سعر الصرف اتخاذ حزمة متزامنة من الإجراءات والضرب بيد من حديد على كبار المتلاعبين بالسوق بهدف توحيد سعر الصرف واستقرار أسعار السلع المختلفة، وترشيد الاستيراد، وهو ما أكده وائل النحاس ومحمد عبد العال.

سعر الدولار سعر الدولار في السوق السوداء النقد الأجنبي

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان